فرجت بين الدولة اللبنانية وجمهورية العراق بعد أن كادت عملية فساد و"نصب" من مافيا التأشيرات المزوّرة المنتشرة في أكثر من بلد تتسبّب بأزمة ديبلوماسية بين البلدين الصديقين.
الأزمة، التي طالت 11 مواطناً عراقياً أُوقفوا في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، لا دخل للبنان فعلياً فيها سوى كونه بلد عبور بين العراق والسعودية.
فنهار الجمعة الماضي حملت طائرة تابعة لطيران الشرق الأوسط 11 مواطناً عراقياً، رفضت السعودية إدخالهم إلى أراضيها، وردّتهم إلى لبنان، بعد أن كان العراقيّون قد استعملوا مطار بيروت كنقطة عبور بين العراق والمملكة العربية السعودية، مع العلم أنهم لا يقطنون في لبنا، ولم يستحصلوا على تأشيراتهم عبر مكاتب لبنانية.
بعد ردّهم إلى لبنان، أوقفتهم السلطات اللبنانية لاستخدامهم وثائق مزوّرة مرّوا بها عبر مطار بيروت. وهذا، بحسب القوانين اللبنانية، يشكّل جرماً يوجب على القضاء إجراء تحقيقاته.
وبحسب المعلومات، فإنّ الموقوفين تعرّضوا لعملية احتيال من مكاتب سفر في العراق، قامت بالاستحصال على إقامات لهم مزوّرة في الإمارات العربية المتحدة لتسهيل الحصول على فِيَز سياحية لا فِيَز حجّ؛ وفور اكتشاف الأمر من السلطات السعودية رفضت إدخالهم إلى أراضيها، وألزمت الطائرة التي أقلّتهم بإعادتهم من حيث أتوا.
القضاء اللبناني قال كلمتَه، وترك المحامي العام الاستئنافي في جبل لبنان، القاضي سامر ليشع، العراقيين المحتجزين لترحيلهم إلى بلادهم.
هذا الإجراء تم بعد التواصل الأمنيّ والإداري بين لبنان والسعودية التي قدّمت إثباتات على أن التأشيرات تبدو صحيحة، ولكن الاستحصال عليها تمّ بموجب أوراق غير صحيحة في العراق كاستخدام إقامة إماراتيّة مزوّرة للحصول على الفيزا السعودية، وهنا موضوع التزوير.
في العادة، تعمل عدّة مكاتب للسفر في هذا الجانب عبر تأمين فِيَز سياحية إلى السعودية بدل فيز الحجّ، التي تعتبر أغلى تكلفة مع اقتراب موعد الحجّ، ليستفيد منها الداخل إلى المملكة من موسم الحج.
ومن المعمول به أيضاً أن مطار جدّة لا يستقبل حَمَلة تأشيرة السياحة إلى المملكة عندما يُفتتح موسم الحجّ.
وبناءً على هذه النتيجة، تنتفي صلاحية القضاء اللبناني في ملاحقة هؤلاء العراقيين، خصوصاً أن جرم تزوير الأوراق المطلوبة للفيزا حاصلٌ في العراق لا في لبنان، وأن الأشخاص الذين جرى توقيفهم هم عراقيون غير مقيمين على الأراضي اللبنانية، من دون وجود لأيّ مستند لبنانيّ مزوّر.
هذه الخطوات أدت إلى تحرّك سريع من قبل السفارة العراقية في بيروت، وإلى التواصل مع الجهات الأمنية والقضائية في لبنان، ثم فتح تواصل أيضاً مع السلطات العراقية التي حسمت مسألة حصول عملية التزوير من قبل إحدى الشركات السياحية العراقيّة، ليتمّ اتّخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقها.
في هذا الإطار، تستغرب مصادر أمنية هذا الهجوم على الجهات الأمنية والقضائية اللبنانية، التي قامت بواجباتها القانونية والسيادية، لا سيما أنّه من غير المعقول ترك المسافرين قبل التوسّع بالتحقيق معهم، والتأكّد من أن جرم التزوير لم يحصل على الأراضي اللبنانية، لا سيمّا أن عملية إعادتهم إلى لبنان من السعودية جاءت تحت عنوان حصول تزوير.
وتؤكّد المصادر الأمنية أنه منذ سنوات طويلة، يحاول اللاجئون في لبنان، في أحيان كثيرة، استخدام مطار بيروت للعبور إلى بلدان أخرى، ومنها إلى الدول الأوروبية طلباً للّجوء السياسي والإنساني فيها.
وتشدّد المصادر على أن الأجهزة المعنيّة تعمل في هكذا قضايا لكشف أفراد شبكات تزوير سمات الدخول إلى بلدان أخرى، والتي تنشط بشكل كبير، وهي يومياً تكشف عمليات من هذا النوع.
جدير بالذكر أن هذه العملية كادت تتسبّب بأزمة ديبلوماسية بين لبنان والعراق، بعد أن هدّد نائب عراقي بوقف المساعدات العراقية للبنان.
وقال النائب يوسف الكلابي في تغريدة له على منصّة "أكس": "ما تعرّض له مواطنون عراقيون من نساء ورجال كبار في السنّ، وتسليمهم للأمن اللبناني، والتعامل معهم كمجرمين، وإيداعهم السجن لمدّة أربعة أيام، يعدّ سابقة خطيرة، وأمراً لا يمكن السكوت عنه". وتوعّد بـ"إعادة النظر بالمعونات والاتفاقات بين البلدين". وهدّد بإجراءات قانونية في حال عدم الإفراج عنهم.