ثمة حركة غير عادية تجري ببطء على محور ملف انفجار المرفأ. فمنذ تسلّم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار مهامه الجديدة، حصل أكثر من لقاء له مع قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار. ووصف البعض هذه اللقاءات بأنها إيجابية، أقلّه من جهة كسرها الجمود والحائط المسدود الذي عكسته التطورات، التي سبقت إحالة النائب العام التمييزي السابق القاضي غسان عويدات على التقاعد، والدعاوى المتبادلة بينه وبين المحقق العدلي، الذي عاد إلى ملفه بعد طول انقطاع في عمل دؤوب لتجهيزه ومكننته مع عودة التواصل بينه وبين النيابة العامة التمييزية. هو ملفّ ضخم يضمّ آلاف الصفحات ويتّسع لخزانتين.
وعملية التجهيز ليست بالأمر السهل، وقد استغرقت حتى الآن ما يربو على الشّهر، بحسب أوساط قضائية. وهي تستلزم أقلّ ممّا مضى من الوقت لإنجاز هذه العملية التي تحتاج إلى ثلاثة أسابيع على الأقل. وبحسب هذه الأوساط، فإن شهر حزيران قد يكون مفصلياً على صعيد نتائج الحركة الحاصلة بين المحقق العدلي والنائب العام التمييزي.
كيف يمكن تفسير هذه الحركة؟ وهل ستؤدي إلى "فك أسر" هذه القضية؟
تقنياً، تفسّر عودة القاضي البيطار إلى ملفه بعد طول انقطاع، والعمل على تجهيزه وتفنيده عملانيّاً بمكوناته الواسعة حتى عندما يحين الوقت المناسب والساعة المنتظرة، في حزيران المقبل على الأرجح، أن يطلع المحقق العدلي النائب العام التمييزي على ملخص عن الملفّ خلال اجتماع سيعقد بينهما. فتقنياً، القاضي الحجار لا يعرف شيئاً عن ملف هذه القضية قبل انتقاله إلى مركزه الجديد وحتى بعد تسلّمه إيّاه.
لقد استؤنف التعاون بين الطرفين واطّلع القاضي الحجار على إطار هذه القضية لإبداء رأيه. ومن الطبيعي أن يطلعه خلال هذا الاجتماع على الاستنابات القضائيّة وما هو عالق منها لتقرير ما يلزم في صددها. وفي ضوء هذا الاجتماع ستتضح صورة المرحلة اللاحقة.
ولورشة جهوزية الملف أهمية تكمن عندما يقرّر المحقق العدلي ختم تحقيقاته في ملف المرفأ حيث يحال عادة على النائب العام التمييزي لإبداء المطالعة في الأساس، كأيّ ملف جزائيّ الطابع. وتعدّ هذه المطالعة توطئة لإصدار المحقق العدلي قراره الاتهامي الذي اجتاز شوطاً كبيرًا، وإيداعه المجلس العدلي كهيئة قضائيّة عليا لإجراء المحاكمة. فهل سينحو هذا الملف الاستثاني في هذا الاتجاه بعد كلّ ما شهده من عراقيل؟