شنّت الطائرات الاسرائيلية المسيّرة والحربيّة سلسلة غارات متزامنة على بلدة النجارية في قضاء صيدا، قُرب منشآت النفط في الزهراني، يوم الجمعة الماضي في 17 أيار الجاي.
هذه الغارات التي طالت منطقة شمال الليطاني، نتج عنها إعلانان، واحد من "حزب الله" وهو سقوط حسين خضر مهدي "أبو خضر" مواليد عام 1962، والذي وصفه الإعلام الإسرائيلي بأحد قادة "حزب الله" الميدانيين، وإعلان آخر يُفيد بمقتل اثنَين من العمال السوريين في المنطقة.
إلّا أن الأهم في الحادثة، ما لم يُعلِن عنه الطرفان المتقاتلان في الجنوب، وهو ما ظهر صدفة في إحدى الصور المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي، والذي أظهر جلياً صاروخاً من نظام الدفاع الجوي الصاروخي الإيراني الصنع "صياد -2 سي".
وقام أحد الحسابات العسكرية المتخصصة "تال أنبار" بمقارنته مع صاروخ قدمته وزارة الدفاع الإيرانية خلال استعراض لأسحلة الردع الجوية لديها لتجده متطابقاً.
ما هو صاروخ "صياد 2"
و"صياد-2 سي"، وهو جزء من تكنولوجيا الدفاع الجوي الإيرانية المتقدمة، وتشتهر هذه الصواريخ بقدرتها على الاشتباك مع أهداف جوية مختلفة على ارتفاعات متوسطة إلى عالية.
وهو صاروخ أرض - جوّ إيراني (SAM) مصمم لأغراض الدفاع الجوي وهو نوع مختلف من صاروخ صياد-2، وهو نفسه مشتق من الإصدارات السابقة في عائلة صواريخ "الصياد"، وتستند هذه الصواريخ إلى تصميم الصاروخ الأميركي القياسي (SM-1)، الذي حصلت عليه إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979.
تم تصميم "صياد-2 سي" للاشتباك مع أهداف جوية مختلفة، بما في ذلك الطائرات والطائرات من دون طيار، وربما بعض الصواريخ الباليستية وهي تعمل على ارتفاعات متوسطة إلى عالية ويمكنها الاشتباك مع الأهداف على مسافات كبيرة، وتم تجهيز الصاروخ بنظام دفع يعمل بالوقود الصلب، ما يوفّر نطاقاً كبيراً ووقت رد فعل سريع، ويسمح نظام التوجيه الخاص بها بالاستهداف الدقيق، ما يجعلها عنصراً هائلاً في شبكة الدفاع الجوي الإيرانية.
منظومة خرداد
وبحسب تلفزيون "العالم" الإيراني، فصواريخ "طائر 1" و"طائر 2" و"طائر 2 بي" و"طائر 2 سي" و"صياد 2 سي" وصاروخ "الثالث من خرداد"، جميعها تنتمي الى عائلة منظومة "3 خرداد" للدفاع الجوي، وبتراوح مدى هذه الصواريخ بين 50 و200 كيلومتر، كما أن ارتفاع حقل اشتباك هذه الصواريخ مع الأهداف الجوية هو 27 كيلومتراً.
أما منظومة "3 خرداد"، فهي تتألف من عدة أجزاء وكلها محمولة على المركبات وتجمع كافة أعمال الرصد والاعتراض وإصدار الأمر بالإطلاق والتدمير ضمن منظومة واحدة، بمعنى أنّ هذه المنظومة الصاروخية يمكنها القيام بكافة مراحل عمليات الدفاع الجوي بشكل مستقل.
وبحسب آخر دراسة صادرة عن Institute Washington، فإنّ منظومة "خرداد" تُمثّل فئةً مختلفةً من سلاح الدفاع الجوي، وتم الكشف عنها للمرة الأولى في عام 2019. ووفقاً لبعض التقارير دخلت الخدمة في إيران في العام التالي، وهذه المنظومة قابلة للتنقل براً، ويمكن نقل مكوناتها في طائرة شحن من نوع "إليوشين إل-76". وتم دمج رادار الاشتباك ومحطة التحكم الخاصة بها في شاحنة واحدة، ما يجعل المنظومة قابلة لإعادة النشر بسرعة.
موجودة في سوريا
وتشير الدراسة إلى أنّه من المؤكد أنه حتى المنظومات عالية التنقل يمكن أن تكون معرضةً لجهود قمع معادية محددة من العدو، خاصة إذا تم نشرها بالقرب من الحدود الإسرائيلية للقيام بدور "منع الوصول/حظر الدخول إلى المناطق". ويمكن لحماية منظومة "خرداد" بمنظومة "بانتسير" أن تخفف من هذا الخطر إلى حدٍ ما. وبدلاً من ذلك، يمكن نشر منظومات "خرداد" في عمق الأراضي اللبنانية أو السورية للدفاع بشكل أفضل عن مطارَي دمشق وبيروت (بما في ذلك معقل "حزب الله" في الضاحية)، والطريق السريع الاستراتيجي الذي يربط بين العاصمتين. ومن الناحية النظرية، يمكن لكلا البلدين توسيع قدرات الدفاع الجوي الخاصة بهما إلى ما هو أبعد من حدود النطاق الحالي البالغ 120 كيلومتراً الذي تغطيه منظومة "خرداد" إذا قامت إيران بتكوين النظام لإطلاق صواريخ أطول مدى (على سبيل المثال، ما يصل إلى 200 كيلومتر) أو إرسال أنظمة أكثر تقدّماً من ترسانتها المحلية.
وما يزيد من إمكانية امتلاك "حزب الله" هذه المنظومة، فتكشف الدراسة عن تقارير واردة من محافظة دير الزور السورية تتحدث عن أن الميليشيات ربما تتدرب بشكلٍ نشط على استخدام المنظومة الإيرانية للدفاع الجوي " خرداد" (أو "خرداد-15") ذات الصواريخ المتوسطة إلى طويلة المدى، والتي تشبه النظام العسكري الأميركي "باتريوت". ولم يتم التأكد من وجود وحدات "15 خرداد" داخل سوريا، كما أن وجهتها النهائية غير معروفة ما إذا تم نقلها بالفعل إلى هناك. ومع ذلك، أفادت بعض التقارير أن دمشق وطهران توصلتا إلى اتفاق في تموز 2020 لتزويد نظام الأسد بعددٍ من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية، بما في ذلك "خرداد-15"، والتي وفقاً لبعض التقارير قادرة على الاشتباك مع ما يصل إلى ستة أهداف بحجم الطائرات الحربية في وقت واحد من مدى 120 كيلومتراً.