مؤتمر لدعم صمود أهل الجنوب.
عقدت جمعية" نورج" ورؤساء بلديات الشريط الحدودي مؤتمراً صحافياً في المركز الكاثوليكي للإعلام أطلقوا في خلاله نداء لدعم صمود الاهالي في الجنوب. وألقى مدير المركز المونسنيور عبده أبو كسم كلمة، قال فيها: "نستقبل اليوم أهلنا في رحاب المركز الكاثوليكي للإعلام في لقاء تضامني لنتحسّس همومهم وقلقهم لكن الاهم لنطلق صرخة، ربما قد تفتح آذان المسؤولين في لبنان علّها تهزّ ضمائرهم النائمة والمسترخية، يستعرضون إنجازاتهم الوهميّة أمام شعب أبى أن يترك أرضه ورزقه بالمختصر المفيد المسؤولين في الدولة في واد والشعب في واد آخر".
أضاف: " نحيّي اليوم جمعيّة نورج بشخص رئيسها الدكتور فؤاد ابو ناصر ورؤساء المجالس البلديّة والاهل والأصدقاء من اثني عشرة بلدة من بلدات الشريط الحدودي أنهم سياج للوطن جاؤا ليرفعوا الصوت وليطالبوا بحق لهم علينا. أنهم خسروا أشغالهم أو اتلفت أرزاقهم وهجّرت عيالهم وتشتّت اولادهم الذين يعانون من حرب واعتداءات دمّرت ما دمّرت وشرّدت ما شرّدت بفعل عدوان يحرق الأخضر واليابس".
وتابع عبده أبو كسم: "نحن هنا ليس لنبكي، أنتم في بيتكم لتطالبوا المسؤولين في لبنان والمجتمع الدولي ليؤمّنوا لكم الصمود، حتى اليوم هي الجمعيات الاهليّة والضوابط المسيحية تحاول القيام بمبادرات تعبّر عن محبتهم الاخويّة لكن هذا لا يكفي، المطلوب هو أن يكون هناك اهتمام جدّي محلّي ودولي يوازي جهودكم وتضحياتكم ويحفظ كرامتكم لأن بكرامتكم تسلم كرامتنا وكرامة لبنان".
وسأل: "ماذا فعلت لكم وزارة الصحة والشؤون الاجتماعية والتربية ومجلس الجنوب؟". وقال: "هي المنظمات الدولية التي تحمل هم النازحين السوريين وماذا عن النازحين في وطنهم كلها أسئلة مشروعة لا بل محقّة المطلوب أجوبة عليها وليس استعراضات فنحن في هذا الوقت العصيب نريد افعالا لا كلاما".
ثم تحدّث رئيس جمعية نورج الدكتور فؤاد أبو ناضر، فقال:"تعمل نورج منذ بدايتها لتثبيت الأنسان في ارضه من خلال الانماء المناطقي الذي يرتكز على 3 دعائم اساسية: المدرسة، الصحة وخلق فرص عمل". واعتبر أنه "منذ 8 تشرين الأول الماضي، أي بعد اندلاع الحرب في الجنوب، انشأنا خلية ازمة في الجمعية يرأسها الاستاذ جان شمعون، لنساهم في مساعدة اهلنا في الجنوب ومدهم بالمواد الحياتية الأساسية، من مازوت، أدوية ومعدات طبية، مواد غذائية وتعقيم وحليب للأطفال وغيرها. واليوم بعد 8 أشهر اصبح الوضع اصعب ومستقبل اهلنا وبقاؤهم في قراهم اصبح مهدداَ. لذلك دعينا الى هذا اللقاء لأربعة اهداف : نريد الاضاءة على وضع اهلنا في الجنوب ولتذكير الدولة وكل المجتمع اللبناني بوجود مواطنين لبنانيين يعانون ويعيشون حالة صعبة ووجودية، ولإتاحة الفرصة لممثلي القرى الجنوبية للتعبير عن وضعهم المأسوي وطرح المطالب والحلول".
وأكّد أنه"يجب أن تتحول معاناة أهلنا في الجنوب إلى "قضية" يتبناها كل اللبنانيين والمؤسسات الاجتماعية والكنسية ، بهدف تنظيم المساعدات والإعانات بشكل فعّال ومستمرّ حتى إلى ما بعد توقف الحرب في الجنوب، لأن الازمة الاقتصادية والاجتماعية ستبقى. ويجب الا تقفل اي مدرسة او اي مستوصف واي مصدر رزق. لذلك يجب التنسيق بين كلّ هذه الهيئات".
وأردف فؤاد أبو ناضر بضرورة "مطالبة الدولة وهيئات الإغاثة بالاسراع في تخمين حجم الأضرار في المباني والبنى التحتية والمزروعات والبساتين والثروة الحيوانية وغيرها بغية التعويض على كل هذه الاضرار من دون أي تهميش او إقصاء. ومن جهتنا أنشأنا خلية مؤلفة من مهندسين معماريين وزراعيين وبمشاركة احدى كليات الهندسة الجامعية لنواكب هذه المرحلة ونساهم في إعادة الحياة الى جنوبنا الحبيب". ولم يغفل "العمل على إيجاد الحلول المستدامة واطلاق المشاريع الإنمائية التي توقفت بسبب الحرب، علاوة على دعم المدارس لكي تكمل رسالتها ومساعدة المستشفيات والمستوصفات لمتابعة عملها الانساني. كل ذلك سوف يساهم في ارساء المقومات الحياتية لصمود الأهالي في أرضهم". وختم أبو ناضر: "أهلنا في الجنوب بحاجة الى وقفة تضامن من الجميع، قضيتهم هي قضية كل لبنان وكل لبناني".
بعدها ألقى رئيس بلدية رميش ميلاد العلم كلمة بإسم كل القرى المشاركة فقال: "أود أن أسلط الضوء على الوضع المأسوي الذي تعيشه مجموعة من البلدات في منطقتنا الحدودية، وهي: رميش، عين ابل، دبل، القوزح ، يارون ،علما الشعب، برج الملوك، دير ميماس، القليعة، جديدة مرجعيون، البويضة، ابل السقي، كوكبا، راشيا الفخار والتي تعاني من آثار الحرب المستمرة منذ أكثر من سبعة أشهر والمرشحة على ما يبدو للاستمرار لأشهر كثيرة، وهم مواطنون لبنانيون ينشدون السلام والعيش الحر الكريم أسوة بكل شعوب الارض. تواجه هذه البلدات تحديات جسيمة تهدد الأمن والاستقرار وتؤثر سلباً على الحياة اليومية للسكان وتعرضهم إلى المخاطر والخسائر الجسيمة".
وأضاف: "يشتمل واقع هذه المدن على دمار بنيوي واقتصادي هائل، أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من سكانها، وهجرة منازلهم، وتوقف سبل عيشهم وحياتهم وضياع تعب عمرهم في مهب الحرب أسوة بكل ابناء الجنوب. هذا التشرد القسري ترك أثاره الكبيرة على الأوضاع المعيشية بعدما انفق المواطنون مدخراتهم وما خبؤه في الايام البيضاء من اجل الايام السوداء، وحيث أصبح المواطنون يعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية من مياه وكهرباء وتعليم لاولادهم، وانعدام الرعاية الصحية، وتراجع القطاع التربوي وعدم وجود رؤية دعم للمتضررين من الحرب القائمة. كل ذلك في ظل عدم قيام الحكومة اللبنانية بالدور المطلوب منها في رعاية مواطنيها".
وتابع: "لا يقتصر تأثير الحرب على الجانب المادي فقط، بل إن له آثارًا نفسية عميقة أيضًا على الأفراد والمجتمعات حيث يعاني العديد من الأشخاص من عواقب نفسية خطيرة بسبب التشرد وفقدان الأحباء والعنف والخوف المستمر. لن نطيل في الكلام، واحوالنا معروفة للقاصي والداني وثمة مطالب على الدولة اللبنانية والمؤسسات الاجتماعية القيام بها، وهذه المطالب لا تعنينا نحن المجتمعين هنا فحسب، بل كل بلدات الجنوب".
وعدّد ميلاد العلم المطالب كالآتي: "تعويض الاضرار المادية الناجمة عن اعمال العنف والقصف والتي طالت المئات من المنازل لا سيما في بلدة علما الشعب، وكذلك في القوزح وديرميماس بالاضافة الى الاضرار الجسيمة والتصدعات التي طالت العشرات من المنازل في كل القرى. مقاربة الوضع الاقتصادي لهذه البلدات اسوة بكل بلدات الجنوب الحدودية وإعلانها "منطقة منكوبة"، بعدما توقفت فيها دورة الحياة الاقتصادية في هذه البلدات، مما أدى إلى ضرب العديد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمها الزراعة حيث خسر المزارعون موسم الزيتون العام الفائت ولم يتمكنوا من جني محاصيلهم في شكل كامل، ولم يستطيعوا ممارسة الاعتناء بهذه الكروم التي تحتاج الى العناية المستمرة، وحدث كذلك عن موسم العنب والاشجار المثمرة. ولا ننسى موسم زراعة التبغ المنكوب في كل الجنوب عدا المحاصيل الزراعية مثل الحبوب والثمار والتي اصيبت بخسائر فادحة وتركت اثارها الفادحة على المئات من العائلات. نحن ندعو الحكومة اللبنانية لا سيما وزارة الزراعة الى وضع خطة دعم استباقية لقطاعي زراعة الزيتون والتبغ في العام 2024 فهذه الزراعات تشكل مصدر رزق لكل الاهالي من سفوح جبل حرمون الى رأس الناقورة. لقد اصيبت الثروة الحيوانية في الجنوب باضرار هائلة وفقدت البلدات الكثير من قطعانها . الى جانب الخسائر التي طالت قطاع الدواجن في كل البلدات الحدودية وهي لا تقدر بثمن، وكذلك قفران النحل ونتيجة لذلك، تعاني العديد من الأسر من الفقر وهي بحاجة ماسة إلى الدعم المالي والتعويض عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بها. إضافة إلى الظروف الاقتصادية الصعبة، نشعر بضرورة دعم قطاع التعليم لأنه يشكل ركيزة أساسية لتنمية المجتمع وبناء مستقبل واعد لأجيالنا القادمة. وأن غالبية الاسر في بلدات الجنوب هي من المتقاعدين والموظفين والعسكريين وجميعها محدودة الدخل وتواجه صعوبات في تغطية تكاليف تعليم أبنائها، وهو ما ينعكس على استمرارية التعلم والتطور الشخصي لهؤلاء الطلاب. ومن ناحية أخرى، تكافح المدارس لتوفير القدرة اللازمة ودفع رواتب المعلمين والموظفين. ونأمل أن تساهم الجمعيات والمدارس في هذا المجال لا سيما المدارس الكاثوليكية من خلال مساعدة الأسر المحتاجة على تحمل تكاليف التعليم وتقديم الدعم المالي للمدارس والأسر لضمان استمرارية التعليم النوعي. ونؤمن أن دعم التعليم ليس مسؤولية فردية، بل هو تحدي يجب علينا جميعا أن نتصدى له بروح التعاون والتضامن. إن الحكومة اللبنانية مدعوة الى إعفاء المواطنين في القرى المتضررة من فواتير الكهرباء والمياه والضرائب لمدة سنتين على الأقل كجزء من التعويضات والدعم لهذه المنطقة المنكوبة. على وزارة الشؤون الاجتماعية المبادرة إلى توفير بطاقة امان للأهالي من أبناء البلدات الحدودية التي فقدت المقومات الاقتصادية والحياتية. كما ندعو الحكومة اللبنانية الى تقديم سلفات عاجلة من الصندوق البلدي المستقل او من اي جهة مانحة الى البلديات، لكي تتمكن من القيام بواجباتها تجاه المواطنين الصامدين في البلدات. وتوفير الخدمات الاساسية مع الوزارات المعنية وإعادة بناء البنية التحتية المتضررة".
وقال: "أمام هذا الوضع الصعب، نطالب بشدة الدولة بالقيام بدورها المسؤول تجاه المواطنين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في هذه البلدات المتضررة، والوقوف الى جانب شعبها. نحن نحتاج إلى دعم في إعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وتوفير الخدمات الأساسية، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين، وتقديم الدعم المالي للمزارعين وأصحاب الأعمال الصغيرة لإعادة بناء الاقتصاد المحلي". وأضاف: "هذه بلادنا وأرضنا ولن نتركها ونحن صامدون فيها كما صمد اجدادنا وكما سيصمد اولادنا، وندعو كل اللبنانيين الى التعاون والتضامن لمساعدة الجنوبيين على تخطي هذه الأزمة وإعادة بناء مجتمعاتنا بشكل دائم ومستدام". وقال "إننا بصدد تشكيل لجنة خاصة لمتابعة بنود هذه الحاجات، والتي ستعمل بالتنسيق مع الوزارات المعنية والجمعيات المحلية والدولية والسفارات لضمان تحقيق أفضل النتائج الممكنة. هذه اللجنة ستسعى جاهدة لتحديد الأولويات وتوزيع الموارد بشكل عادل وفعّال لدعم الأسر والمدارس في هذه الظروف الصعبة".