تحدّيات كثيرة تواجه الإعلام والاعلامي، سواء في زمن العصر الرقميّ أو الذكاء الاصطناعي أو التطورات السياسية والاجتماعية والبيئية. مع ذلك، يحافظ الإعلام على موقعه في مواكبة كلّ جديد، وتترك أسماء بارزة بصمتَها في السِلم كما في الحرب.
وتكريماً لهذا العطاء، احتفلت الإعلامية الدكتورة مي شدياق بـMedia Awards Ceremony بدورتها الـ١٢ في يوم ٢٨ أيار، وجمعت روّاداً في مجال الصحافة وصناعة الإعلام من مختلف أنحاء العالم.
للسنة الثانية على التوالي يُقام الحفل في دبي "خصوصًا أنّها أصبحت نموذجاً للتنمية المستدامة، وأصبحت دولة الإمارات محوراً للتطوّر ومركزاً للمؤتمرات والأحداث العالمية، ومركزاً لصناعة الإعلام"، كما تؤكد شدياق لـ"النهار". وتجد المواهب الشابة فرصاً للتقدّم ومجالات للإبداع فيها، وهم متواجدون بأعداد كبيرة فيها؛ و"من الأسهل دعوة وجوه الإعلام العالمية والعربية لتكريمها، في بيئة أكثر استقراراً، وفي عاصمة عربية تعكس صورة مشرقة للحداثة".
الجائزة تعزّز جودة المحتوى
إيماناً منها بأنّ تكريم الصحافة ليس مجرّد أمر ثانوي في هذه المرحلة الصعبة، بل يمثّل جوهر القضية، فإنّ هذا الحدث السنويّ يثبت بأنّ "إكمال مهمتنا واجبٌ علينا". وفي دورته الـ١٢ "سنعبّر مرّة أخرى عن مدى تقديرنا لصحافيين مناضلين، يعملون في الصمت لخدمة قضاياهم. نحن نقدّر إسهاماتهم وشجاعتهم، وملتزمون بنقل رسالتهم لأكبر عدد ممكن من الناس".
وحافظت هذه الدورة من "جوائز مؤسسة مي شدياق للإعلام" على الفئات الخمس: جائزة "التميّز في صناعة الإعلام"، جائزة "أنطوان شويري عن كامل المسيرة المهنية"، جائزة "الأداء الإعلامي الاستثنائي"، جائزة "الإلتزام الصحافي" وجائزة "الشجاعة الاستثنائية". وستُضاف جائزتان جديدتان: جائزة "MCF للتميّز في الإعلام"، وجائزة "MCF رؤية في تطوير المحتوى". الأسماء الفائزة معروفة بإنجازاتها المرموقة ومساهماتها المهمّة، التي قدّمتها في مجال صناعة الإعلام والصحافة الاستقصائية وصناعة المحتوى والشجاعة في ممارسة المهنة.
عن دور الجائزة في تحفيز الإعلاميين، مع انتشار الإنفلونسرز وصنّاع المحتوى، تقول شدياق بأنها تؤدي دوراً حيوياً في تحفيزهم، إذ تعزّز روح المنافسة، وتشجّع على تقديم الأفضل، في ظلّ المخاوف المتزايدة بشأن جودة المحتوى والمصداقية. وتعمل الجائزة على تعزيز الاعتراف بالجهود المبذولة والإنجازات الملموسة، في مجال الصحافة وصناعة الإعلام، ممّا يحفّز الإعلاميين على الاستمرار في تقديم محتوى ذي جودة وقيمة.
الذكاء الاصطناعي في خدمة نموّ الإعلام
على الرغم من أنّ الإعلام التقليدي يبقى المرجع الموثوق للخبر، لكن هناك مخاوف بشأن مستقبل الإعلام "التقليدي" والرقميّ في زمن الذكاء الاصطناعي، وقلقاً من تأثير الروبوتات والخوارزميات على وظائف الصحافة التقليدية، وكيفية تأثير الانتشار الواسع للمعلومات والأخبار الكاذبة على مستقبل المهنة ومصداقيتها.
ولكن "بدلاً من رفضه، ينبغي لنا أن نكتشف كيفية استخدام التطوّر لصالح الإعلام"، وفق ما تؤكّد شدياق. وكان الأمر دافعاً الى تقديم دورة جديدة بعنوان"AI in Journalism" ، في أكاديمية الريادة والتواصل التطبيقي (ALAC)، وإنشاء ورشة عمل مخصصة للذكاء الاصطناعي في الصحافة.
كيف يخدم الـAI الإعلامي والإعلام؟
هو يساهم في تطوير قطاع الإعلام ونموّه. وتشير شدياق إلى أنه من خلال قدرته على معالجة وتحليل البيانات بشكل سريع ودقيق يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين عمليات الإنتاج الإعلامي، ممّا يسهّل على الصحافيين والمنتجين الإعلاميين إنتاج محتوى أكثر جودة وفاعلية.
علاوة على ذلك، يمكنه تحليل سلوكيات الجمهور وفهم احتياجاتهم واهتماماتهم، ممّا يتيح للإعلام تقديم محتوى مخصص ومناسب لهم، ويزيد من تفاعلهم ومشاركتهم، فضلاً عن دوره في المساعدة على مكافحة الأخبار الكاذبة والتضليل، من خلال الكشف عن الأخبار غير الصحيحة.
ومن خلال تقنيات، مثل الواقع الافتراضي والزيادة المعزّزة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المشاهدين وجعل المحتوى الإعلامي أكثر تفاعلية وجاذبية، ممّا يسهم في زيادة الانخراط والمشاركة في المحتوى الإعلامي.
وأخيراً، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في تطوير استراتيجيات التواصل مع الجمهور عبر منصّات التواصل الاجتماعي وغيرها، ممّا يعزز التفاعل والتواصل بين الإعلام والجمهور ويعزّز دور الإعلام في المجتمع.
يشهد هذا الحفل على أن الإعلام ما يزال صامداً، بالرغم من تخبّطه أمام تحدّيات كبيرة في بيئة مليئة بالقيود والرقابة، وضعف المعايير المهنية وتداخل المصالح السياسية التي تقلّص من مساحة حرية التعبير.
وترى شدياق أن "الإعلام الحرّ والمستقلّ لا يزال أملاً لنقل الحقائق والتوعية، وهناك فرص كبيرة للإعلام العربي في التطور والابتكار، خاصةً مع التوجّه نحو الإعلام الرقميّ واستخدام التكنولوجيا لتعزيز الحرية الإعلامية والتواصل مع الجمهور".