النهار

هجوم مُسلّح فاشل على السفارة الأميركية في لبنان... رسائل سياسية؟
اسكندر خشاشو
المصدر: "النهار"
في توقيت مشبوه وخلال أشهر قليلة، يسجَّل إطلاق نار للمرة الثانية على السفارة الأميركية في منطقة عوكر.
هجوم مُسلّح فاشل على السفارة الأميركية في لبنان... رسائل سياسية؟
الجيش ينتشر في محيط السفارة الأميركية بعد حادثة إطلاق النار (حسام شبارو).
A+   A-
في توقيت مشبوه وخلال أشهر قليلة، يسجَّل إطلاق نار للمرة الثانية على السفارة الأميركية في منطقة عوكر. وعند قرابة الساعة الثامنة من صباح الأربعاء، تعرضت السفارة الأميركية في عوكر لإطلاق نار، استمر لمدة نصف ساعة بحسب شهود عيان، وجرى رمي قنبلة على أحد مداخلها أدى إلى إصابة أحد الحراس المولجين بحراسة السفارة بجروح متوسطة.
 
وأكد الجيش اللبناني تعرّض السفارة الأميركية لإطلاق نار من قبل شخص يحمل الجنسية السورية، وردّ عناصر الجيش المنتشرون في المنطقة على مصادر النيران، ما أسفر عن إصابة مطلق النار، وجرى توقيفه ونقله إلى أحد المستشفيات للمعالجة. وأشار الجيش إلى أن وحداته المنتشرة في محيط السفارة أجرت عملية تفتيش للبقعة المحيطة، وهذا ما أكدته السفارة الأميركية في بيانها التي شددت على أن منشآتها وفريقها آمنين والجيش تكفل برد سريع وأنهى الحادثة.
 
وأبقت السفارة على مكاتبها مغلقة اليوم، مع نية لإعادة فتحها الخميس، في إشارة إلى انتهاء الحادث، لكنها أوصت مواطني الولايات المتحدة في لبنان بمراقبة موقع Travel.State.Gov للحصول على التنبيهات والأخبار عن كثب لمعرفة التطورات العاجلة التي قد تؤثر على الأمن الداخلي.
 
وأبلغت مصادر أمنية "النهار" أن شخصاً واحداً قام بهذه العملية، وأصيب إصابة بالغة، نتيجة الاشتباك مع الجيش، وقد صرح أنه سوري الجنسية، وما يقوم به هو "نصرة لغزة".
 
وفي المعلومات أن المهاجم أصيب بأربع رصاصات في جسده اثناء الاشتباك، ونقل على وجه السرعة إلى المستشفى العسكري في بيروت، لمعالجته ونزع الرصاصات من جسده، ووصفت حالته بالمستقرة، بانتظار انتهاء العملية وتحسّن وضعه لمعرفة خلفيات الحادث منه مباشرة.
 
وفي حين جرى الحديث عن وجود أكثر من مسلح، أو خلية كاملة من 3 أو 4 أشخاص، أكدت المصادر الأمنية أن المسوحات التي قام بها الجيش اللبناني واستعمل خلالها فرق مشاة وطائرة سيسنا، لم تؤدِّ إلى اكتشاف أحد، كما أن المقاطع المصورة من قبل المواطنين في محيط السفارة لم تظهر سوى عنصر واحد.
 
وعلى إثر الحادثة، داهم الجيش بلدتي الصويري ومجدل عنجر المتجاورتين في البقاع، على خلفية الاعتداء على السفارة الأميركية بعدما تبين أن منفذ الاعتداء يسكن في منزل مستأجر يقع عقارياً في بلدة الصويري ومالكه من مجدل عنجر، وجرت سلسلة توقيفات من ضمنها شقيقه.
كما نُقِلَ جريح واحد من أمن السفارة إلى الجامعة الأميركية في بيروت وهو المواطن اللبناني ج.أ. وأصيب نتيجة شظايا القنبلة التي أطلقت على مدخل السفارة، ويخضع الآن لعملية جراحية في وجهه.
 
واللافت في الهجوم أنه يأتي في ظل التشدد الأمني والإجراءات الأمنية المكثفة التي اتخذتها السفارات الغربية، وخصوصاً الأميركية، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة، كما أن السفارة الأميركية بالذات هي سفارة جدّ محصّنة بطريقة بنائها ومجهزة بأحدث الأجهزة الكاشفة والكاميرات، فضلاً عن انتشار كبير للجيش في محيطها حوّل المنطقة فيها إلى منطقة عسكرية بامتياز، ما يطرح عدداً من الأسئلة عن كيفية وصول المسلح إلى مدخلها في ظل هذا التشدّد.
 
ويُذكر أن رجلاً أطلق النار على السفارة الأميركية في أيلول العام الماضي، لكن الهجوم حينها لم يسفر عن وقوع ضحايا. وأعلنت القوى الأمنية عن توقيفه، وقالت إنه عامل توصيل أراد "الانتقام" لتعرُّضه للإهانة من قبل أحد عناصر الأمن.
 
وتزامن الحادث حينها مع الذكرى التاسعة والثلاثين لتفجير استهدف مبنى تابعاً للسفارة في عوكر بسيارة مفخخة عام 1984، أدى إلى مقتل 11 شخصاً وإصابة العشرات.
 
أما السؤال الأكبر الذي يُطرَح فهو أن المهاجم عرّف عن نفسه أنه ينتمي إلى تنظيم "داعش" من خلال الجعبة التي كان يرتديها التي تحمل عبارة "الدولة الإسلامية"، في حين أن نشاط التنظيم في لبنان شبه معدوم، كما أنه لم يُبدِ أي ردة فعل بعد الحرب الإسرائيلية، ولم يقم بأي عملية تستهدف المصالح الأميركية لا في لبنان ولا في الدول التي يتواجد فيها.
 
وعلى الرغم من إعلان الجيش في أوقات متباعدة عن تفكيكه خلايا تنتمي إلى داعش في مناطق مختلفة، إلّا أن نشاط هذه المجموعات يعتبر ضعيفاً جداً، ولم تسجل له عمليات منذ سنوات.
 
هذا الأمر أعاد إلى أذهان اللبنانيين استعمال المتشددين كـ"شماعة" في بعض العمليات الأمنية للتخفّي خلفها بدءاً من قضية "أبو عدس" في حادثة استشهاد الرئيس رفيق الحريري، وليس انتهاءً بتفجير في الشمال، التي اثبتت التحقيقات عدم جدّيتها.
 
كما استذكر اللبنانيون ما جرى في عملية فجر الجرود، عندما انتهى باتفاق قضى بترحيل مسلحي "داعش" وعدم استمرار المعركة ضدهم.
 
ويبقى التوقيت أيضاً أساسياً. فالهجوم أتى بعد ارتفاع منسوب التهديدات والتنبيهات الدولية من حرب واسعة في لبنان. وكأن هناك من يريد إيصال رسائل واضحة أن بإمكانه الوصول إلى أي مكان، ولا تنفع معه التحصينات الأمنية أو التهديدات السياسية، وخصوصاً أن الهجوم السابق، وإن وضع في خانة جنائية، فهو كان متزامناً مع ذكرى الهجوم على السفارة في عام 1984.

اقرأ في النهار Premium