النهار

مراحل "داعش" في لبنان: تفجيرات واقتحام عرسال... قتالٌ حدوديّ دحَرَ التنظيم الإرهابيّ فماذا عن فلوله؟
المصدر: "النهار"
مراحل "داعش" في لبنان: تفجيرات واقتحام عرسال... قتالٌ حدوديّ دحَرَ التنظيم الإرهابيّ فماذا عن فلوله؟
الجيش ينتشر في محيط السفارة الأميركية بعد حادثة إطلاق النار (حسام شبارو).
A+   A-
كان للبنان أن تأثّر سريعاً في المعارك الحربية الناشبة في سوريا بما في ذلك بعد بروز تنظيم قتاليّ في نيسان 2013 اتّخذ له تسمية تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، فيما بدأت المرحلة التأسيسية للتنظيم نفسه في العراق عام 2003 لكن تحت مسمّى مختلف. تركت مشاركة "داعش" في الحرب السورية ارتدادات على الداخل اللبنانيّ، من ناحية امتداد بعض الفلول وإن الخافتة له في المناطق اللبنانية الشمالية والبقاعية خصوصاً. ثم بدأ تأثير التنظيم يتفاقم مع التفجيرات الانتحارية التي تبنّاها ومن بينها التفجير أمام مكتب تابع لـ"حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت في 2 كانون الثاني 2014.
 
تتابعت محطات بروز "داعش" في الداخل اللبنانيّ بعد ذلك، بعدما حاصر مقاتلون من التنظيم إلى جانب مقاتلين من جبهة النصرة نقاط التفتيش التابعة للجيش اللبناني في عرسال في 2 آب 2014 قبل مهاجمتهم واقتحام مخفر شرطة البلدة الشمالية الشرقية حيث احتجزوا عسكريين رهائن قبل أن يسيطروا على البلدة مع إزهاق أرواح ضحايا وجرح عسكريين ومدنيين. ثم انسحب المقاتلون من البلدة بعد التوصل إلى هدنة في 7 آب 2014 وانتشروا في مناطق قرب الحدود اللبنانية السورية، في موازاة سيطرة الجيش اللبنانيّ على نقاط التفتيش في عرسال التي كان المسلحون قد استولوا عليها سابقاً. بقيت قضية العسكريين اللبنانيين الذين بقوا مخطوفين لدى "داعش" أكثر القضايا التي تركت قلقاً في النفوس. وشكّلت تلك الفترة الأكثر توجّساً من العمليات الإرهابية التي طاولت عسكريين في الجيش اللبناني ومواطنين مدنيين.
 
وحصلت معارك بين الجيش اللبناني وميليشيات متشددة شمال لبنان بدءاً من 24 تشرين الأول 2014 واستمرت أياماً، نجحت على أثرها القوات المسلحة اللبنانية في مصادرة كميات من المتفجرات والبنادق الهجومية. ثم تكررت التفجيرات الحربية التي تبناها "داعش" في 12 تشرين الثاني 2015 في تفجير مزدوج بمنطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت.
 
بقيت حال التخوّف على ما هي توازياً مع انتشار مقاتلي "داعش" في المنطقة الحدودية اللبنانية شرق البلاد في جرود رأس بعلبك والقاع، حتى أعلن الجيش اللبنانيّ في 19 آب 2017 إطلاق عملية عسكرية لطرد تنظيم "داعش" من تلك المنطقة. ونقل الجيش عن قائده جوزف عون، تأكيده إطلاق عملية "فجر الجرود"، حيث قصفت طوافات الجيش مواقع المتطرفين في جرود رأس بعلبك، بالتزامن مع قصف مدفعي آخر على جرود القاع، حيث حقّق الجيش إصابات مباشرة. وكذلك، قصف الجيش اللبناني مناطق وجود "داعش" بالصواريخ والمدفعية وطائرات الهليكوبتر.
 
بعد انطلاق عملية "فجر الجرود" والانجازات التي حققها الجيش اللبناني دحراً للتنظيم الإرهابي، حصلت مفاوضات بين "حزب الله" و"داعش" بعد أيام اتفق على أساسها على نقل مئات من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى منطقة البوكمال على الحدود السورية العراقية. توازياً، أكّد قائد الجيش جوزف عون رسمياً في 30 آب انتهاء عملية "فجر الجرود"، التي بدأت قبل 10 أيام، ضد تنظيم "داعش" في أطراف بلدات لبنانية قرب الحدود مع سوريا. وتوجّه قائد الجيش اللبناني، في أمر إلى العسكريين، بالقول: "وبعد أن أنهيتم عملية فجر الجرود التي حققتم فيها انتصارًا حاسمًا على الإرهاب بطرده من جرود رأس بعلبك والقاع، تعود هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة الوطنية، معمّدةً بدماء رفاقكم الشهداء والجرحى وبعرق جباهكم الشامخة". وأكد مقتل العسكريين الذين خطفهم التنظيم في 2014. ومن ناحيته، أعرب الرئيس اللبناني حينذاك ميشال عون عن تحقيق النصر على تنظيم الدولة الإسلامية وطرده من المناطق التي كان يسيطر عليها شرق لبنان والواقعة بالقرب من الحدود مع سوريا.
 
وبذلك يكون قد انتهى وجود الفرق القتالية المنظّمة الخاصة بتنظيم "داعش" على الحدود اللبنانية السورية بعد مرحلة تخلّلتها توقيفات للقوى الأمنية اللبنانية لمواطنين يتبنون فكر تنظيم "داعش" أو يعملون على نقل أشخاص للالتحاق بالتنظيم في سوريا أو يتولون تحضيرات للزعزعة الأمنية في لبنان. واستمرت تلك التوقيفات حتى في السنوات اللاحقة لما بعد انتهاء معركة "فجر الجرود". ومن الأمثلة على ذلك، عملت مديرية المخابرات في الجيش على إيقاف مواطن بتاريخ 3 كانون الأول 2021 في عملية نوعية أعقبت سنوات من التعقب والمتابعة والرصد، كان انتمى لتنظيم داعش الإرهابي وشارك مع إحدى خلايا التنظيم في تنفيذ عمليات أمنية وتصنيع المتفجرات.
 
وبقيت عمليات الرصد التي تتولاها مديرية المخابرات لأشخاص رجعوا خلسة إلى لبنان بعد التحاقهم بالتنظيم في سوريا أو تحضيرهم لاعتداءات في الداخل اللبنانيّ. على سبيل المثال، أوقفت مديرية المخابرات في 18 تشرين الأول 2022 أحد المواطنين والمتورطين معه حينذاك شمولاً بأحد المواطنين الذي كان يتهيأ لتنفيذ مخطّط إرهابيّ. كما أوقفت مديرية المخابرات مثلاً في 1 تشرين الثاني 2023 سوريَّين لانتمائهما إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، إضافة إلى توقيف لبنانيَّين وسوري لمتابعتهم إصدارات التنظيم.
 
إن إطلاق النار في 5 حزيران 2024 في محاذاة السفارة الأميركية في عوكر شكّل حادثة مستنكرة، تبيّن على أثرها أن مطلق النار سوريّ الجنسية يضع شعار "الدولة الإسلامية" ويحمل جعبة تحتوي على ذخيرة، قبل أن تعلن قيادة الجيش عن توقيف أشخاص آخرين ضمن إطار ملاحقة المتورطين في إطلاق النار في محيط السفارة الأميركية في بيروت. وطرح ما حصل مخاوف متوجّسة واستفهامات حول تحرّك تنظيم "داعش" في الداخل اللبنانيّ.


 

اقرأ في النهار Premium