اتهم نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب "بعض الأنظمة الحاكمة في العالمين العربي والإسلامي" بـ"تأدية دور قذر والتسهيل للغرب عبر الخضوع للبرامج التربوية والاعلامية التي فرضتها الدوائر الغربية التي عملت بخبث عبر مراكز البحث والدراسات المتخصصة والمختلفة، للتفتيش عن مواطن القوة لدى المسلمين وعن الطرق التي يمكن عبرها ضرب هذه النقاط وتحويلها إلى نقاط ضعف تُسهّل لها المهمة بأقل الاكلاف، لكنها رغم السعي الدؤوب والتقدم خطوات كبيرة نحو تحقيق هذا الهدف لم تستطع بلوغه".
وقال في خطبة عيد الأضحى: "الأمر الالهي الحتمي حماية القيم المعنوية وهي مضمون رسالات الانبياء التي تُمثّلها رسالة الاسلام بأعلى مراتبها وبأفضل الوسائل والطرق، وهي وإن بانَ لبعض الوقت انها تراجعت لمصلحة الانحراف والفساد، ولكن هذا لغاية الامتحان والاختبار للأشخاص وللأمة التي قد تتراجع في مرحلة من المراحل، ولكن النتيجة انه انتصار موقت سرعان ما يتبدّد ويزول، والمثل العملي لها متكرر دائما في الحياة وخصوصاً في حياة أمتنا ولا يمكن تعدادها، ولكن سأتحدث عن المرحلة التي نعيشها اليوم في مواجهة الطغيان الغربي وخصوصاً مرحلة الاستسلام العربي التي تمظهرت بما سُمِيت اتفاقات السلام العربي - الاسرائيلي التي تَوَجَت مرحلةً من الصراع الثقافي والفكري والعسكري".
الصور للزميل حسن عسل:
وأضاف "بدا للكثيرين أن الامر انتهى وأن الغرب سَجَّل انتصاره العسكري والحضاري الأخير على العرب والمسلمين، وبالتالي عليهم ان يتعاطوا مع هذه الهزيمة كأمر واقع، لكن ما الذي حصل؟ إنّ الامةَ لم تستسلم ولم تتعامل معه كأمر واقع ولم تُقرّ الهزيمة، الامر الذي وَلَّد مقاومة لما حصل أساسها فكري ثقافي إيماني، استطاعت في خلال فترة قصيرة نسبياً أن تصارع وتقاوم حالة اليأس التي نشأت بفعل التراجع العربي الإسلامي المتأثر بما حاول الغرب تثبيته في اذهان أبناء الأمة. لقد كانت المقاومة أساساً فكرياً يتبنى المفاهيم الايمانية، ثم انعكست واقعاً وسلوكاً بالمقاومة الفعلية والعسكرية ونجحت في كسر التابو الذي حاول الغرب وأتباعه من المتغربين أن يجروا الامة الى التعاطي معه. كذلك في مرحلة اخرى من مراحل الصراع تطورت هذه المقاومة، واستطاعت ان تعيد الى الامة الثقة بنفسها، وفي المرحلة الثالثة وهي التي نعيشها اليوم أن تستطيع مهاجمة العدو وتَشُنّ عليه حرباً داخل الكيان، فتحوّلت من مقاومة تواجه العدو على أرضها وتدافع عن نفسها إلى حالة الهجوم وتضع العدو في حالة صراع على الوجود".
واعتبر أنّ "طوفان الاقصى بمساندة القوى المقاومة، وضع العدو في هذه المرحلة من الصراع الذي يراه بحق صراعاً على وجوده، أليس هذا الواقع انتصاراً للقيم وان كان الثمن غاليا؟ لكن تصوروا العكس وأن المقاومة لم تقم، فما هي الصورة التي سنكون عليها؟ لقد كانت الحرب في الأساس التي خيضت على أمتنا وانتصر العدو فيها هي حرب نفسية وثقافية، حرب كسر الإرادة، حرب ضرب المعنويات، ولم تكن على الإطلاق حرباً حقيقية، والا فلم يكن للعدو بكل ما يمتلك ومع كل من يقف وراءه أن يُسجّل انتصاراً واحداً في هذه المعركة، وهو الآن ما زال يعتمد هذه الوسيلة ويساعده فيها ويُروّجُ له البعض ممن فقد الرؤية وافتقد البصيرة ويحس انه على شيء وهو ليس على شيء".
وأشار الى أن "العدو يتهدّدنا بأنه سينهي حربه على رفح ليشنّ حرباً على لبنان، لكن أولاً ليخرج سالماً من رفح فقد أثخنته المقاومة في قطاع غزة بالجراح. ماذا كان يفعل على الجبهة اللبنانية حتى الآن؟ تُهدد فرسان المصر ورجالاً أعاروا جماجمهم لله الذين لا يخافون الموت ويطلبون من الله الشهادة، وقد تعلموا من الامام الحسين سيد الشهداء المواقف (أبالقتل تهددني يا بن الطلقاء إن الموت لنا عادة وكرامتنا من الله الشهادة)".
ورأى أنّه "لمن المؤسف أن يتطابق بعض المواقف الداخلية مع الموقف الاسرائيلي في مواجهة المقاومة التي لولاها لما بقي للبنان من وجود"، مشيراً إلى أنّ "لبنان لن يكون الا بلد التعايش والاخوّة، ولن نترك لاسرائيل فرصة لتقسيمه أو تقزيمه فنحن لم نُقدّم دماء شهدائنا على مذبح أصحاب الاهواء والغرائز".
وسأل: "أما كيف يكون عيد مع ما يعيشه أهلنا في غزة وجنوب لبنان؟ فإننا نكبر بهم وبشهدائهم وبتضحياتهم فهم لم يقدموا ذلك عبثاً ولم تذهب تضحياتهم هباءً، وإنما أنتجت عزاً وفخراً، فمن لديه أمثالكم نال عزاً وفخراً، إنّ عيد أمتنا أن يكون لنا مثل هؤلاء العظماء"، متقدماً "من أهلنا اهل الشهداء في فلسطين ولبنان والعراق واليمن على طريق القدس، بالافتخار والاعتزاز بمواقفهم وتضحياتهم وتضحيات أبنائهم الغالية، نفتخر بكرمكم فأنتم أجود من أعطى، أنتم من قدّمتم أغلى الأضاحي".