لم يُعلن "حزب الله" في لبنان عن أي عملية ضد المواقع الإسرائيلية منذ ظهر السبت الفائت، فيما تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية من خلال غارات على بلدات عدة، أو بالقصف المدفعي. لكن اللافت كان إقامة صلوات العيد في البلدات الحدودية بمشاركة أهاليها، على الرغم من المخاطر. فهل من رابط بين العودة في العيد والتهدئة؟
لم يكن يوم الأحد عادياً في الجنوب ولا سيما في البلدات الحدودية. فمنذ الهدنة الأولى والأخيرة التي أعلنت في تشرين الثاني الفائت، لم تشهد البلدات الجنوبية الحدودية عودة الكثير من أهاليها كما كانت الحال صبيحة عيد الاضحى.
عودة موقتة للاهالي
لم تشهد الجبهة الجنوبية هدوءاً كالذي عاشته منذ عصر السبت الفائت وحتى اليوم الثاني لعيد الأضحى، فالحزب أعلن في ذلك اليوم عن ثلاث عمليات كان آخرها مهاجمة قاعدة خربة ماعر بأسراب من المسيرات الانقضاضية في عملية وصفت بالنوعية لجهة الاستهداف وتصويرها من مسيرة تابعة للحزب.
وبعد تلك العملية ساد الهدوء، أو على الأقل التهدئة من جانب "حزب الله"، واستمر لنحو ثلاثة أيام في سابقة لم تشهدها جبهة المواجهة منذ 8 تشرين الأول الفائت. وأعلن "حزب الله" أمس العملية الأولى بعد التهدئة، ثم كرت السبحة لتعود الجبهة الى حماوتها تدريجا.
تزامنت تلك التهدئة مع عودة الكثير من العائلات الى بلداتها على الحافة الأمامية، بدءاً من شبعا وكفرشوبا وصولاً الى الناقورة مروراً بالضهيرة، وعيتا الشعب ومارون الراس وبنت جبيل وعيناتا وعيترون وبليدا وميس الجبل وكفركلا والخيام.
ذلك المشهد استفز تل أبيب، فعمد جيش الاحتلال الى قصف بلدات الخيام وكفركلا وكفرشوبا وصولاً الى استخدام الرشاشات لإبعاد أهالي الضهيرة عن منازلهم، ومن ثم عمد الى اسئناف العدوان من خلال غارات على بلدات عدة منها عيترون وشقرا وسلعا وكفركلا وميس الجبل.
الى ذلك، وعلى الرغم من تنفيذ جيش الاحتلال عملية اغتيال في سلعا (صور)، لم يرد "حزب الله" .
المتابعون للاوضاع الميدانية يؤكدون أن تلك التهدئة، وإن من جانب واحد، هي حصراً ربطاً بعيد الأضحى وعدم تعريض الأهالي العائدين لتفقد منازلهم ولإقامة صلوات العيد وزيارة ضرائح الشهداء والأحبة.
التهدئة جاءت بعد أيام من التصعيد من الجانب اللبناني، ولا سيما بعد اغتيال القيادي في "حزب الله" طالب عبد الله (ابو طالب) ورفاقه من خلال غارة على بلدة جويا في منطفقة صور الثلثاء الفائت.
ذلك الاغتيال رد عليه "حزب الله" بعمليات نوعية وغير مسبوقة عبر مهاجمة الكثير من القواعد والثكن العسكرية الإسرائيلية في الجولان المحتل وكذلك في الجليل، وصولاً الى صفد وميرون. وسجلت كثافة النيران التي استخدمها "حزب الله" سواء عبر راجمات الصواريخ أو المسيرات الانقضاضية تزخيماً غير معهود ليس فقط منذ تسعة أشهر وإنما منذ عدوان تموز 2006.
دفعت العمليات الكثيفة التي نفذتها "بين 11 حزيران الحالي و13 منه، في اتجاه عودة المبعوث الخاص للرئيس الاميركي جو بايدن الخبير في شؤون الطاقة اموس هوكشتاين الى بيروت قادماً من تل أبيب.
حزب الله متمسك بمعادلته
قبل ساعات من وصول هوكشتاين الى بيروت كرر "حزب الله" معادلته الواضحة ومفادها "وقف العدوان على غزة ينسحب تلقائياً على الجبهة الجنوبية".
وأعلن عضو كتلة "الوفاء للحزب" النائب حسن فضل الله أن "المطلوب من الإدارة الأميركية أمر واحد، هو وقف الحرب على غزة، لأن القرار بيدها لو كانت جادة، وبدل نقل رسائل التهويل، عليها إبلاغ (رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين) نتنياهو قرارا فعلياً بوقف الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، وعندها تتوقف بقية الجبهات بما فيها لبنان، وغير ذلك لن يجدي نفعاً، لأن "حزب الله" في لبنان لا تخضع للتهديد، وهي مستعدة لكل الاحتمالات، وما تقوم به هو للضغط على حكومة نتنياهو كي توقف عدوانها على غزة".
هذه المعادلة لم يتخلّ عنها "حزب الله"، إضافة الى رفضه المطلق لما يتم طرحه بشأن إقامة منطقة عازلة، وبالتالي لم يطرأ لدى الحزب ما يستدعي توضيحه ولا سيما أن الموفد الاميركي تحدث للمرة الأولى بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري عن ان "وقف النار في غزة ينهي الحرب (...)".
وعليه، فإن التهدئة التي تسود الجبهة الحدودية من الجهة اللبنانية لا علاقة لها البتة بزيارة الموفد الاميركي، وهي حصراً مرتبطة بعيد الأضحى وعودة الأهالي الى بلداتهم، وما يعزز ذلك الاعتقاد أنها استمرت خلال أيام العيد بقرار واضح من "حزب الله" التي عضت على جرحها بعد اغتيال أحد كوادرها محمد مصطفى أيوب في غارة على بلدة سلعا أول من أمس، وكذلك لم ترد على الغارات التي استهدفت البلدات الجنوبية، وذلك للمرة الاولى منذ 9 أشهر. وفي المحصلة، ستشرح "حزب الله" مواقفها من حيثيات التهدئة التي استمرت ثلاثة ايام في كلمة الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله مساء اليوم في ذكرى أسبوع القيادي "أبو طالب".