الخميس - 04 تموز 2024

إعلان

هدفان لاغتيال إسرائيل قادة "حزب الله"... كيف يتأثر الأخير؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
من تشييع "أبو طالب".
من تشييع "أبو طالب".
A+ A-
حين شرعت إسرائيل في عمليات الاغتيال في جنوب لبنان، وبدأت باستهداف قادة "حزب الله" وعناصره، كان من الواضح أنّها تُريد استهداف النخبة القادرة على قيادة الجبهات ضدّها وتوجيه الضربات القاسية لها، لأنّها على يقين أنّ "الحزب" يمتلك أضعاف قدرات "حماس"، وفي حال تمكّن من استغلالها بشكل صائب من خلال القدرات البشرية، فإنّه سيتمكّن من الإضرار بإسرائيل نسبياً.
 
لم تنفّذ إسرائيل عمليات قصف عشوائيّ في الجنوب، بل استهدفت عناصرَ محدّدين كانت تُعلن عن هويّاتهم ومواقعهم في "حزب الله" ومهامهم، ما يعني أنّها استقصدت الاستهدافات، ومراجعة مواقع العناصر الذين تمّ اغتيالهم تكشف أهداف إسرائيل، المتمثّلة بمحاولة إضعاف قدرات "حزب الله" الصاروخية والبرّية والقضاء على المعنيين عن استهدافات الشمال الإسرائيليّ.
 
في هذا الصدد، كان اغتيال قائد وحدة "النصر" طالب عبدالله، وهو قيادي ميادني رفيع المستوى في منطقة الجنوب ومسؤول عن العديد من العمليات، بالإضافة إلى القيادي في وحدة "الرضوان" وسام الطويل، وهي الوحدة المعنية بأيّ توغّل برّيّ محتمل في الداخل الإسرائيليّ، إلى جانب العديد من المسؤولين بوحدات "الحزب" الجوية والصاروخية، كعلي برجي وعلي عبد الحسن.
 
هدف الاغتيالات
لا شكّ أنّ الاغتيالات هدفها التأثير على فعالية وحدات "حزب الله"، وهذا ما يؤكّده الخبير العسكري والباحث في الشؤون الاستراتيجية رياض قهوجي، الذي يُشير إلى أنّ غاية إسرائيل إفقاد قوّات "الحزب" للعناصر الذين يتمتعون بخبرات وقدرات قيادية، ما من شأنه أن ينعكس على الأداء ضعفاً من جهة، وعلى معنويات العناصر من جهة أخرى.
 
لكنّ "حزب الله" لم يكن بعيداً عن هذه المشهدية، وكأيّ قوّة مسلّحة تعتمد في هيكليتها على الهرمية، فإنّ الحزب يعيّن نائباً لكلّ قائد، حسب قهوجي، ولهذا السبب كان لافتاً في الكثير من الأحيان اغتيال قائد الوحدة ونائبه، أمّا وبالنسبة إلى رصد النتائج، فإنّ من الصعب ملاحظة هذا الأمر في المدى المنظور، لأنّها حرب استنزاف طويلة، والنتيجة تحتاج الوقت للتبيان.

من هم أبرز القادة ومواقعهم؟
لا ينشر "حزب الله" عادة معلومات عن مهام القادة والعناصر الذين يتمّ اغتيالهم، لكنّ الجيش الإسرائيليّ واظب على نشر مواقعهم في الهيكلية العسكرية للحزب وأدوارهم، وقد تكون هذه المعلومات صحيحة انطلاقاً من أنّ الجيش الإسرائيليّ بات يمتلك الكثير من المعطيات عن هؤلاء العناصر، وأبرز هذه المعلومات هي مواقع تواجدهم وتحرّكاتهم قبل استهدافهم.
 
وبالعودة إلى أبرز القادة الذين اغتالتهم إسرائيل، فإنّ أهمّهم قد يكون طالب عبدالله، وهو قائد وحدة "النصر" المسؤولة عن عمليات "حزب الله" في المنطقة الوسطى من الشريط الحدودي مع إسرائيل، وذكرت وسائل إعلام أنّ "أبو طالب" كان مسؤولاً عن وحدة المسيّرات والصواريخ الدقيقة في "حزب الله"، ومن المفترض أن ينعكس اغتياله سلباً على المجالات التي عمل بها.
 
كان لعبدالله دور في حرب البوسنة، في التسعينات من القرن الماضي، حيث شارك في القتال هناك ضمن مجموعة من عناصر "حزب الله"، إلى جانب الزعيم البوسني علي عزت بيغوفيتش، وتجمعه صور بأبرز قادة المحور الإيرانيّ، وعلى رأسهم الجنرال قاسم سليماني، بالإضافة إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله، ما يدل على موقعه المتقدّم في "الحزب".
 
ومن طالب عبدالله إلى وسام الطويل، أو "جواد"، وهو أحد أبرز قادة قوّة "الرضوان"، وهي وحدة نخبوية لـ"حزب الله"، رافق سليماني وقادة الحزب عماد مغنية ومصطفى بدر الدين، وحسب إعلام عبريّ، كان للطويل أدوار خارجية في سوريا واليمن، وكان أحد المخطّطين لاختطاف الجنديين إيهود جولدوسر والداد ريغف قبل حرب العام 2006.
 
ومن المعروف أنّ وحدة "الرضوان" هي قوّة نخبوية في "حزب الله"، وقادرة على تنفيذ توغلات برّية في عمق الشمال الإسرائيليّ، واكتسبت تسميتها من القيادي عماد مغنية "رضوان"، وسيكون لها دور كبير في حال توسيع رقعة الحرب، وبالتالي فإنّ اغتياله سيكون له تأثير ميدانيّ سلبيّ على مسار عمل قوّة "الرضوان" وإمكانيّاتها.
 
ومن بين القادة البارزين الذين تمّ اغتيالهم علي برجي، وقال الجيش الإسرائيليّ إنّ برجي هو قائد منطقة جنوب لبنان في الوحدة الجوّية لـ"حزب الله"، وحسب المصدر نفسه، قاد برجي العشرات من الأنشطة ضدّ إسرائيل باستخدام مسيّرات استطلاعية وطائرات بدون طيار متفجّرة لاستهداف جنود الجيش الإسرائيليّ. كما قاد برجي الهجوم على مقرّ القيادة الشمالية للجيش الإسرائيليّ.
 
إلى عبد الحسن نعيم، القيادي الذي أحدث اغتياله ضجّةً أيضاً نسبة إلى موقعه، وحسب الجيش الإسرائيليّ، فإنّ نعيم هو نائب قائد وحدة الصواريخ والقذائف التابعة لـ"حزب الله"، وكان خبيراً كبيراً في "الحزب" وخاصّة في مجال القذائف الصاروخية، وكان يقود عمليات لإطلاق قذائف ثقيلة الوزن ويعمل لتخطيط وتفعيل اعتداءات ضدّ الجبهة الداخلية الإسرائيليّة.
 
اسماعيل يوسف باز أحد القادة الذين اغتالتهم إسرائيل أيضاً، وهو قائد منطقة الشاطئ التابع لـ"حزب الله"، وحسب الجيش الإسرائيليّ، كان باز عنصراً بارزاً ومخضرماً لدى الجناح العسكري التابع للحزب، وتولّى مناصب عدّة، وكانت رتبته الحالية تعادل رتبة قائد لواء. 
 
ووفق المصدر نفسه، كان باز يعمل على الترويج والتخطيط لعمليات إطلاق القذائف الصاروخية والصواريخ المضادة للدروع باتجاه إسرائيل من منطقة الشاطئ في لبنان، وخلال الحرب الراهنة، نظّم وخطّط لتنفيذ عمليات عدّة ضدّ مواقع إسرائيليّة.
 
محمد حسين مصطفى شحوري أحد قادة "الحزب"، وقال الجيش الإسرائيليّ إنّ شحوري هو قائد الوحدة الصاروخيّة في القطاع الغربيّ لقوّة "الرضوان"، وكان مسؤولًا عن تخطيط وتنفيذ عمليات عديدة لإطلاق قذائف صاروخية نحو المواقع الإسرائيليّة من منطقة القطاع الأوسط والغربيّ في جنوب لبنان.
 
واغتالت إسرائيل علي محمّد الدبس مع نائبه حسن إبراهيم عيسى، وكان الدبس قائد مركزيّ في قوّة "الرضوان"، ومن المسؤولين عن توجيه عملية تفجير قنبلة عند مفرق ميغيدو في شهر نيسان 2023. كما قاد وخطّط للعديد من الهجمات ضدّ إسرائيل خاصّة خلال فترة الحرب.
 
واغتالت إسرائيل مسؤول منطقة الحجير في "حزب الله" حسن حسين سلامي، وقال الجيش الإسرائيليّ إنّ سلامي الذي ينتمي إلى وحدة "ناصر" في "الحزب" قاد عدّة عمليات ضدّه وضدّ مواقع مدنية وعسكرية إسرائيلية في الشمال، وعمل على تنسيق عمليات عديدة، بما فيها إطلاق قذائف مضادة للدروع نحو منطقة كريات شمونة ومقرّ قيادة اللواء 769.
 
عباس محمّد رعد، نجل رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" محمّد رعد، كان في صفوف العناصر الذين تمّ استهدافهم. لا يُعدّ رعد قياديّاً ضمن قادة الصفّ الأوّل في "الحزب"، لكنّه عُرف على أنّه قياديّ في قوّة "الرضوان".
 
وآخر الاغتيالات ومن المستبعد أن يكون آخرها، محمّد مصطفى أيّوب، وحسب الجيش الإسرائيليّ، فإنّه ناشط مركزيّ في الوحدة الصاروخية لوحدة نصر في "حزب الله"، وكان مسؤولاً عن إطلاق قذائف صاروخية عديدة نحو مواقع إسرائيليّة منذ بدء الاشتباك في الثامن من تشرين الأوّل.

في المحصّلة، فإنّ ثمّة هدفين للاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل، الأوّل يتمثّل بالإضرار بالهرمية العسكرية داخل "الحزب" وإفقاده عناصر الخبرة والقيادة، والثاني يتمثّل بإضعاف معنويات عناصره وزرع القلق في نفوسهم، لكنّ النتائج تحتاج إلى الوقت، لأنّه وحتّى هذا الحين لا يبدو أنّ "الحزب" يتأثّر بشكل فوريّ، وتصعيده في الفترة الأخير خير دليل، بانتظار مقبل الأيام الذي سيكشف حقيقة الأمر.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم