النهار

"عيتا الشعب" بلدة استراتيجية في حال اندلعت الحرب... هل من مناطق حمراء أخرى؟
المصدر: رويترز
تظهر صور التُقطت بالأقمار الصناعية جزءاً كبيراً من قرية عيتا الشعب اللبنانية وقد تحول إلى ركام بعد شهور من الضربات الجوية الإسرائيلية، في نظرة تبين حجم الأضرار بأحد المعاقل الرئيسية لجماعة حزب الله في جنوب لبنان.
"عيتا الشعب" بلدة استراتيجية في حال اندلعت الحرب... هل من مناطق حمراء أخرى؟
غارات متواصلة على جنوب لبنان (أ.ف.ب)
A+   A-
تظهر صور التُقطت بالأقمار الصناعية جزءاً كبيراً من قرية عيتا الشعب اللبنانية وقد تحول إلى ركام بعد شهور من الضربات الجوية الإسرائيلية، في نظرة تبين حجم الأضرار بأحد المعاقل الرئيسية لجماعة حزب الله في جنوب لبنان.

وتوضح الصور التي تم الحصول عليها من شركة بلانت لابز الخاصة لتشغيل الأقمار الصناعية، والتي التقطت في الخامس من حزيران وحللتها رويترز، 64 موقعاً مدمراً على الأقل في عيتا الشعب. وتحوي العديد من تلك المواقع أكثر من مبنى.
 

وتقع عيتا الشعب في جنوب لبنان حيث يتمتّع حزب الله بدعم قوي، وكانت خط مواجهة في حرب 2006 عندما نجح مقاتلوها في التصدي للهجمات الإسرائيلية خلال الحرب الشاملة التي استمرت 34 يوما.

وبينما لا يزال القتال الحالي بين إسرائيل وحزب الله محدوداً نسبياً، فإنه يمثّل أسوأ مواجهة بينهما منذ 18 عاماً، مع حدوث أضرار واسعة النطاق في مبان وأراض زراعية بجنوب لبنان وشمال إسرائيل.

فالجانبان يتبادلان إطلاق النار منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول. وتسببت الأعمال القتالية في تهجير سكان المنطقة الحدودية من كلا الجانبين إلى حد كبير مع فرار عشرات الآلاف من منازلهم.

وقال نحو عشرة أشخاص مطلعين على الأضرار إن الدمار في عيتا الشعب يمكن مقارنته بما حدث في عام 2006، في وقت أثار فيه التصعيد قلقا متزايداً من حرب أخرى شاملة بين الخصمين المدججين بالسلاح.

وليس لدى رويترز صور بالأقمار الصناعية من عام 2006 لمقارنة الفترتين.

وتقول إسرائيل إن النيران التي أُطلقت من لبنان قتلت 18 جندياً و10 مدنيين. وأسفرت الهجمات الإسرائيلية عن مقتل أكثر من 300 من مقاتلي حزب الله و 87 مدنياً، بحسب إحصاءات رويترز.

وينحدر 10 على الأقل من قتلى حزب الله من عيتا الشعب، وعشرات آخرون من المنطقة المحيطة بحسب إخطارات جماعة حزب الله بالقتل التي راجعتها رويترز. وقال مصدر أمني إن ستة مدنيين قُتلوا في القرية.

وقال رئيس مجلس الجنوب هاشم حيدر، وهو مؤسسة رسمية مكلفة بمسح الأضرار والتنمية في جنوب لبنان، لرويترز إن القرية التي تقع على بعد كيلومتر واحد فقط من الحدود هي من بين أكثر المناطق التي تعرضت للقصف الإسرائيلي.

وقال محمد سرور، رئيس بلدية عيتا الشعب، "هناك الكثير من الدمار في وسط القرية، التدمير لا يقتصر فقط على المباني التي ضربوها ودمروها وإنما يطال المنازل المحيطة التي تصدعت ولا يمكن إصلاحها وهي بحاجة للهدم".

وأضاف أن معظم سكان القرية وعددهم 13500 نسمة فروا في تشرين الأول عندما بدأت إسرائيل في قصف المباني والغابات القريبة.
 

وقال حيدر إن "العدو الاسرائيلي يقوم بقصف ممنهج لتدمير أي محاولة للحياة في هذه المناطق التي تسمى منطقة حمراء، إنه يؤذي كل القطاعات، أولاً الناس، حاول تهجير الناس قدر المستطاع لإفراغ المنطقة، ثم البنية التحية ثم الأراضي الزراعية، يعني إنه يريد جعلها منطقة شبه محروقة غير قابلة للسكن، حتى تكون شبه منطقة عازلة، وهذا المخطط لن ينجح به".

وقال الجيش الإسرائيلي إنه أصاب أهدافاً لحزب الله في منطقة عيتا الشعب خلال الصراع.

وردا على أسئلة لرويترز، قال نير دينار، أحد المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل تتصرف دفاعاً عن النفس.

وأضاف دينار أن حزب الله جعل المنطقة "غير صالحة للعيش" بالاختباء في المباني المدنية وشن هجمات غير مبررة جعلت القرى الإسرائيلية "مدن أشباح".

وأردف قائلا "إسرائيل تقصف أهدافاً عسكرية، وحقيقة أنهم يتخفون داخل بنى تحتية مدنية، فهذا قرار لحزب الله".

ولم يذكر الجيش مزيدا من التفاصيل عن طبيعة أهدافه في القرية. وقال إن جماعة حزب الله تصعد الهجمات وتطلق أكثر من 4800 صاروخ على شمال إسرائيل "مما أسفر عن مقتل مدنيين وتشريد عشرات الآلاف".

ولم يرد المكتب الإعلامي لحزب الله على الفور على طلبات للتعليق.

وتقول جماعة حزب الله إن نزوح كثير من الإسرائيليين يعد إنجازا لحملتها.

"تهديد متواصل"

 
وتقع بلدة عيتا الشعب على منطقة مرتفعة تطل على الأراضي الإسرائيلية وهي واحدة من عدة بلدات يهمين عليها المنتمون إلى المذهب الشيعي.

وتلك البلدات بحسب خبراء هي خط الدفاع الأول لحزب الله في مواجهة إسرائيل.
 
وقال مصدر مطلع على عمليات جماعة حزب الله إن البلدة لعبت دوراً استراتيجياً في تلك الحرب وستفعل مجدداً في أي حرب جديدة.

ولم يذكر المصدر المزيد من التفاصيل حول أنشطة الجماعة في عيتا الشعب.

وتمكنت حزب الله من الصمود داخل عيتا الشعب طوال فترة الحرب في عام 2006. وخلُصت لجنة تحقيق عينتها الحكومة الإسرائيلية إلى أن قوات الجيش لم تنجح في الاستيلاء على البلدة كما أُمرت، وذلك رغم تطويقها وتوجيه ضربة قوية للحزب.
 

وذكر التقرير أن الصواريخ المضادة للدبابات كانت تُطلق من عيتا الشعب قبل خمسة أيام من انتهاء الحرب.

وقال سيث جي جونز نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إن المنطقة كانت ذات أهمية عسكرية على عدة أصعدة، إذ سمحت للحزب بإطلاق صواريخه قصيرة المدى باتجاه إسرائيل.

وأضاف "إذا حدث توغل بري، فتلك مناطق سيدافع حزب الله عنها، أو سيستخدمها لمحاولة استنزاف" القوات الإسرائيلية.


ولا تظهر صور الأقمار الصناعية المسجلة في الخامس من حزيران لشتولا والقرى الإسرائيلية المجاورة أي أضرار واضحة في المباني.

وأشارت وزارة الدفاع الإسرائيلية وفقا لتقرير نشرته صحيفة كالكاليست في أيار إلى تضرر 60 منزلا في شتولا، وأن الأضرار كانت شديدة في 11 منزلا منها.

ولم ترد الوزارة على طلبات رويترز للحصول على بيانات.

وذكرت هيئة الضرائب في إسرائيل أن نحو ألفي مبنى تضرر في شمال البلاد.

وعلى الجانب الآخر من الحدود، أظهرت بيانات أولية من مجلس الجنوب اللبناني أن نحو 2700 منزل دُمر بالكامل وتضرر نحو 22 ألف منزل، وهو معدل أقل بكثير من حرب 2006.

وذكرت السلطات أن الحرائق التي اندلعت جراء الاشتباكات أضرت بمئات الأفدنة من الأراضي الزراعية والغابات على جانبي الحدود.

* ذخائر ثقيلة

قال أندرياس كريج من كينغز كوليدج في لندن إن الأضرار الهيكلية في عيتا الشعب متوافقة مع الذخائر واسعة النطاق التي أسقطتها الطائرات المقاتلة أو الطائرات المسيرة. وأضاف كريج أن صور الهجمات أشارت إلى أن قنابل يصل وزنها إلى 900 كيلوغرام أُسقطت.

وجماعة حزب الله اللبنانية، التي كثيرا ما تعلن عن هجماتها، استخدمت من حين لآخر الصاروخ بركان قصير المدى برأس حربي يصل وزنه إلى 500 كيلوغرام. واستخدمت الجماعة في كثير من هجماتها المعلنة أسلحة ذات رؤوس حربية أصغر بكثير، مثل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات التي عادة ما تحمل رؤوسا حربية تزن أقل من 10 كيلوجرامات.

وقال كريج "حزب الله لديه أكثر... رؤوس حربية أثقل في صواريخه الباليستية لم تُستخدم بعد".

ولم يرد الجيش الإسرائيلي أو حزب الله على أسئلة بشأن الذخائر.

وذكر كريج أن هدف حزب الله هو إبعاد المدنيين الإسرائيليين.

وأضاف "لذلك لا يحتاج حزب الله إلى إحداث أضرار هيكلية جسيمة بالمناطق المدنية أو المباني المدنية".

اقرأ في النهار Premium