بعد الزوبعة السياسية الأخيرة بين بكركي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في ضوء عدم تلبية نائب رئيسه الشيخ علي الخطيب تلبية دعوة البطريرك بشارة الراعي إلى استقبال أمين سر الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولي، لم يصدر من الطرفين بعد كل ما حصل أي توجّه للمقاطعة، وهذا ما يشدّد عليه الرّجلان رغم كل ما حصل، لأنّهما يعرفان أخطار استمرار المناخات السلبية على جمهور الطائفتين لأنّها أخطر بدرجات من وقوع سجال بين حزبين أو قوّتين سياسيّتين. ولم يقفل الراعي ولا الخطيب قنوات التواصل بينهما، ويلعب المونسنيور عبده أبو كسم دوراً هادئاً بين الجانبين في نقل رسائل إيجابية بغية سلوك طريق التهدئة والحد من الحملات الإعلامية.
واستكمالاً لذلك علمت "النهار" أنّ سعاة خير ينشطون على تقريب المسافات بين المذاهب، قد فاتحوا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ناشدوه التدخل بين المرجعيتين المارونية والشيعية، وأبدى حماسة لهذا التدخّل من دون أن تتبلور بعد كيفيّة إخراج هذا المسعى الذي ينشط على إنضاجه أعضاء في لجنة الحوار الإسلامي - المسيحي- من دون تكليف رسمي- بعدما درجت على ممارسة الأدوار التقريبية بين رؤساء الطوائف والتي كانت تقوم بها في سنوات سابقة تحضيراً لأكثر من قمّة روحية.
ويبقى "حزب الله" الغائب - الحاضر في صميم كلّ ما حصل بين بكركي والمجلس الشيعي، في ضوء تباعد الجهتين حيال النظرة إلى ما يحصل في الجنوب وكيفية مواجهة الأخطار الإسرائيلية في لبنان والأراضي الفلسطينية.
وكان لافتاً أنّ قيادة الحزب ونوابه لم يدخلوا على خط السجالات وردود الفعل بين المؤسستين الدينيتين، وإن يكن الحزب يؤيد بالطبع المسار الذي يتبعه الخطيب ورفضه التوجه إلى بكركي بعد عظة الراعي الأخيرة في الأحد الفائت. ومن هنا لم يدلِ نواب الحزب بأي تصريح حيال كلام رئيس الكنيسة المارونية حرصاً على عدم توتير المشهد وتسخينه أكثر، فيما اعترض أكثر من نائب مسيحي وخصوصاً من جهة حزبي "القوات اللبنانية" والكتائب، منتقدين الخطيب لعدم تلبيته دعوة الراعي ولقاء بارولين، فضلاً عن الاعتراض على بيان المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان.
وكان الخطيب في خطبة الجمعة قد غمز من زاوية اعتراضه على مواقف الراعي التي تدعو إلى تطبيق الحياد، مع إشارته الى الخروج من الرهانات الخاسرة.
من جهته، يعتبر الحزب أن قناة التواصل والحوار معلقة بينه وبين بكركي في انتظار ما ستنتهي إليه الوقائع الأخيرة. ولا يخفي أنه كان يدعو الى تطوير مستوى المشاركين في الحوار بين الطرفين من دون الانتقاص من الوجوه التي تقوم بهذه المهمة. وكان الراعي قد أقدم في الآونة الأخيرة على إشراك راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر في الحوار مع الحزب، ولاقت هذه الخطوة ارتياحاً عند الأخير. ويقول مسؤول في الحزب إنه لا يقبل من بكركي ولا من أي جهة في الداخل والخارج وصف عمل المقاومة ضد إسرائيل بالإرهاب، وأن الحزب لم يعد يقبل بأي مراعاة بعد اليوم في هذا الموضوع، مع تأكيد قيادته في الوقت نفسه استمرار التواصل مع رأس الكنيسة المارونية وعدم مقاطعتها، والتشديد الدائم على ضرورة التواصل بين المكونات اللبنانية وجبه التحديات التي تواجههم وتبيان أخطار إسرائيل المفتوحة.