وسط المخاوف الأمنية ونظرية المؤامرة التي باتت تتربص بعقول اللبنانيين، ارتفعت نسبة المخاوف بدءاً من الاثنين مع الأحداث الأمنية التي حصلت في مخيم نهر البارد، بين وحدات من الجيش اللبناني وعدد من المطلوبين، خصوصاً أن العملية شهدت استخدام الطائرات العسكرية وقوات كبيرة من وحدات الجيش.
مع الإشارة إلى أن الفصائل الفلسطينيّة و"اللجنة الشعبيّة" وفاعليّات المخيّم عقدت لقاء يوم الاثنين الفائت بحثت فيه في تداعيات ما جرى، وأصدرت بياناً أكّدت فيه "رفضها أيّ اعتداء من أي جهة على الجيش، ورفضها التعرّض لهذه المؤسّسة من أي جهة مشبوهة"، مطالبة بـ"توقيف كل تجّار الحبوب والحشيش والأسلحة وكل من يروّع أهلنا وشعبنا، رافعة الغطاء عنهم لأنهم يدمّرون أجيالنا وشبابنا".
واليوم، أعلنت الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في منطقة الشمال تسليم المطلوبين بوجود ممثل عن الفصائل الفلسطينية والأخوة الذين ساهموا بالوصول إلى هذه المعالجة، مجددة التأكيد أنها والجيش اللبناني إخوة ولن يعكر صفو العلاقات أي شيء، رافضين العبث بأمن المخيم واستقراره.
واليوم أيضاً، أعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، أنه "إلحاقًا بالبيان السابق المتعلق بتوقيف مطلوب بتاريخ 8/ 7 /2024 على أثر إشكال في مخيم نهر البارد، وفي إطار ملاحقة مفتعلي الإشكال، أوقفت دورية من مديرية المخابرات داخل المخيم الفلسطينيَّين (ع.ل.) و(م.ح.)، وتَبيَّنَ أنهما مطلوبان لإقدامهما على إطلاق النار وافتعال إشكالات في تواريخ سابقة".
مع الإشارة إلى أن الجيش كان أوقف بتاريخ 8 / 7 /2024، على أثر إشكال تخلّله إطلاق نار في مخيّم نهر البارد، المطلوب (ج.ع.).
عضو المكتب السياسي في "الجبهة الديموقراطية" في الشمال أركان بدر علّق على الأحداث الأخيرة في مخيم نهر البارد، فأكد أن ما حصل ليس له خلفيات مشبوهة، والمخيم يعيش حالة استقرار منذ العام 2007 وانتهاء المعارك بين الجيش اللبناني ومجموعات "فتح الإسلام"، واليوم المخيم خاضع للسيادة اللبنانية بكل التفاصيل.
الفصائل الموجودة في مخيم نهر البارد امتداد للفصائل الموجودة في مخيمات لبنان، إلا أن هذه الفصائل غير مسلحة وتعمل سياسياً واجتماعياً وجماهيرياً، وأهم أهدافها اليوم التخفيف من معاناة الفلسطينيين في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي أرخت بظلال مضاعفة عن الأخوة اللبنانيين، إلى جانب التحركات الداعمة للفلسطينيين في غزة وحرب الإبادة التي تحصل في حقهم.
ويشير بدر إلى وجود ظواهر مسلحة في المخيم لكن فردية، أسوة بمناطق لبنانية أخرى، إضافة إلى وجود من يتعاطون المخدرات وشراء السلاح بطريقة فردية كما قلنا، علماً أن عمليات إطلاق النار التي تحصل في عدة مناسبات لا تتم بالتنسيق أو بعلم من الفصائل أو الجيش اللبناني بل بمبادرة فردية. ويوضح أنه فيما الفصائل غير مسلحة هناك من يمتلك السلاح الفردي وهذا يشكل حالة خروج عن القانون اللبناني لأن السلاح يحتاج إلى ترخيص والسلاح الموجود في مخيم نهر البارد غير مرخص.
من هنا، يؤكد أن "الحادث الذي حصل لا أبعاد سياسية أو أمنية له وليس هناك من هو في المخيم يحاول أن يستهدف الجيش ولا الأمن اللبناني"، متحدثاً عن "وجود علاقات جيدة بين الفلسطينيين وبين الدولة اللبنانية وخصوصاً مع المؤسسة العسكرية. فالأهداف المشتركة بين الدولة والفلسطينيين توفير الحياة الكريمة للفلسطينيين دعما لحق العودة".
وعن الجهة التي يخضع لها مخيم نهر البارد سياسياً، يشير بدر إلى أنه المخيم يُدار بإدارة سياسية مشتركة من كل الفصائل الفلسطينية. ففي الشمال هناك ميزة غير موجودة في المخيمات الأخرى على مستوى لبنان، وهذه الميزة تتمثل بوجود إطار فلسطيني مشترك يجمع كل الفصائل من دون استثناء، أي حركة حماس وحركة فتح، الجبهة الديمقراطية والجبهة الشعبية، الجهاد الإسلامي، فصائل تحالف القوى، وفصائل منظمة التحرير، يجتمعون في إطار اسمه "فصائل المقاومة الفلسطينية" في الشمال، موجود في مخيمي البارد والبداوي، هذا الإطار يرأسه قيادي لهذه الفصائل وشخص يمثل كل تنظيم. وتدار بشكل مداورة، وهذا غير موجود في مخيمات بيروت وصيدا وغيرها.
ويشدد بدر على أن "خصوصية نهر البارد أن الفصائل الموجودة فيه لا صلاحيات أمنية لها، والتنسيق الأمني هو مع الجيش اللبناني، والقرار الأمني يتخذه الجيش، ونحن متفقون مع الأخوة في الجيش لوجوب التصدي للمظاهر الخارجة عن القانون في المخيم وهي محدودة جداً". قد يكون هناك ضرورة لمعالجة هذه الظواهر بأسلوب أمني جراحي، بمعنى تفادي الهرج والمرج واذا كان هناك مطلوب يجري تعقبه واعتقاله عبر مجموعة معنية من مخابرات الجيش، لتفادي الإيحاء بوجود مشكلة بين الجيش وأبناء المخيم وعدم استغلالها من أحد للتحريض على الجيش".
ويجزم المسؤول الفلسطيني بأن "لا تواصل أبداً وإطلاقاً مع النظام السوري ولا مع أي جهة سورية، ولا نفوذ إطلاقاً لأي جهة سورية على القرار في مخيم نهر البارد، ولا لأي جهة خارجية، أكانت سورية أو غير سورية. أمّا التنسيق مع "حزب الله"، فهو موجود والعلاقات موجودة من قبل الفصائل من دون أن يكون هناك خضوع لقرار "الحزب" أو تعليماته، ومن دون أن تصل العلاقة إلى بعدها الأمني والعسكري للفصائل أو لأي من أبناء المخيم، فهذا غير قائم".
ورداً على سؤال، يقول بدر: "التواصل مع "حزب الله" طبيعته، تنظيم تحركات داعمة لأهلنا في غزة، نحن لدينا صلات مع الجميع ومع العديد من الأحزاب لكن هي مميزة مع "حزب الله" نظراً لما يقدمه من تضحية ومقاومة نصرة لشعبنا في غزة والضفة. لكن هذا التنسيق لا يتعدى كونه تنسيقاً سياسياً جماهيرياً من دون أن يقتصر على أي تشكيلات أمنية وعسكرية في المخيم، والتنسيق الأمني والعسكري يتم فقط مع الجيش اللبناني والمخابرات.
وشدد على أن المخيمات جزء من الأمن اللبناني ومن السيادة اللبناني، وهو يجمع عليه الفلسطينيون.
من جهته، وضع النائب أشرف ريفي الحادثة في إطارها الأمني العادي وعبارة عن مداهمة تحصل في أماكن مختلفة، وقد ينتج عنها إشكالات. والملفت بحسب ريفي، "تجاوب فعاليات مخيم نهر البارد بشكل إيجابي مع الجيش وهذا ما ينفي عن الحادثة أي بعد آخر، وبالتالي لم يحصل أي تضامن من أي طرف في المخيم ضد الجيش وضد الدولة اللبنانية".