نفذت إسرائيل بالأمس عملية نوعية ومفاجئة في الضاحية الجنوبية لبيروت، عبر استهدافها مبنى تواجد فيه القائد العسكري الكبير في "حزب الله" فؤاد شكر.
وتطرّق وزير الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، خلال زيارته لمنظومة "حيتس" لاعتراض الصواريخ طويلة المدى، إلى اغتيال شكر، في الضاحية الجنوبية في بيروت، واعتبر أنّ "التنفيذ في بيروت هذه الليلة كان مركّزاً ونوعياً ومحصوراً".
منذ لحظة الغارة كثرت التحليلات والأخبار عن كيفية الاستهداف، فبعد تأكيد عدد من وسائل الإعلام أنّ الغارة كانت عبر مسيّرة، جرى الحديث عن صواريخ بعيدة المدى أصابت المبنى.
ألّا أنّ الجيش الإسرائيلي أعلن في بيان مقتضب أصدره المتحدث باسمه، أنّ مقاتلات من سلاح الجو استهدفت "شكر" المكنّى بالسيد "محسن" في بيروت بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، من دون ذكر تفاصيل أخرى عن العملية.
الإعلام العبري تناول الحادثة فذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" أنّ الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية نفّذته طائرات مقاتلة من طراز "إف-35" بينما ذكرت "يسرائيل هيوم "أنّ الهجوم تمّ تنفيذه بطائرات مقاتلة ومسيّرات.
يستبعد الخبير العسكري العميد حسن جوني أن تكون العملية قد نُفّذت عبر المسيّرات، لأنّ الصواريخ التي تحملها المسيرات في العادة تكون خفيفة وصغيرة ولا يمكن أن تؤدّي إلى هذا الحجم من الدمار.
ويقول لـ"النهار":" من الواضح أنّ الهجوم نفّذ عبر قاذفات حربية من خلال إطلاق صواريخ من مسافات بعيدة، وإسرائيل تمتلك هذه القاذفات والصواريخ"، لكنّه في الوقت عينه يرى أنّ وجود المسيّرات في الجوّ طبيعيّ مع تنفيذ هكذا عملية، ففي العادة تشارك المسيّرات مع الطائرات لتأكيد الإجهاز على الهدف".
ويضيف: "هكذا عمليات اغتيال تكون معقدة جدّاً ودقيقة ويمكن أن تُتاح لمرة واحدة فقط، فيسعى المهاجم إلى استعمال الإمكانيات كافة، فتعمل القاذفات على ضرب الهدف، وفي حال استطاع الهرب أو النفاذ يمكن أن تطارده المسيّرات في الأزقّة والشوارع للنيل منه".
ويشير إلى أنّ "أدوات أخرى تستعمل في هكذا عمليات كالرادارات والاقمار الاصطناعية وأدوات التجسّس لتشكل منظومة متكاملة تضمن نجاح العملية".
وفي هذا السياق يلفت جوني إلى أنّ السؤال الأساس يجب ألّا يكون عن كيفية تنفيذ العملية إنّما كيف استطاعوا الوصول إليه وتحديد مكانه؟ مشيراً إلى نجاح إسرائيل في المدة الأخيرة بسياسة الاغتيالات والوصول إلى قيادات الصف الأول وهذا ملفّ يقلق قيادة "حزب الله" بحيث أنّها لم تستطع مواجهته أو الحدّ منه".
ويعتبر أنّ "هذا الأمر أصبح من الأسرار التي يصعب فكّ شيفرتها، مرجّحاً أنّه يتمّ استعمال التقنيات المتقدمة جداً والذكاء الاصطناعي للتجسس والمراقبة من دون استبعاد العامل البشري في الداخل اللبناني عبر إعطاء معلومات معيّنة للعدو".
بدوره الخبير العسكري العميد منير شحادة يؤكّد لـ"النهار" أنّ عملية الأمس كانت مركّبة واشترك فيها الطيران الحربي والمسيّر، واستُهدف المبنى في الضاحية الجنوبية بـ3 صواريخ ذكية".
وفي رأي شحادة أنّه يمكن للطائرات الحربية المقاتلة التي تملكها إسرائيل "إف 16" أو "إف 35"، كما ذكر بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن تقوم بتنفيذ ضربات من مسافات تتجاوز الـ30 كيلومتراً، ولا داعي للتحليق فوق الهدف، واذا عمدت إلى ذلك تكون للتهويل أو للاستعراض".
ويرجّح شحادة أن "يكون الاستهداف تمّ من فوق البحر ومن مسافة فيما مشاركة المسيرات بالعملية هي للتأكيد على إصابة الهدف والنيل منه والتدخّل في حال فشلت الطائرات الحربية من إصابته".
ويشدّد على أنّه في هكذا عمليات يُعتمد على الطيران الحربيّ بسبب أهمية الهدف، وهي مختلفة عن عمليات الاغتيال الأخرى التي تستهدف سيارات أو دراجات نارية ويكون الهدف فيه سهلاً ومكشوفاً بحيث تستطيع المسيّرة تنفيذ المهمة وحدها".