بلغ قرع طبول الحرب والاستعدادات والاستنفارات والتحذيرات من اقتراب الساعة الصفر للرد الانتقامي لكل من إيران و"حزب الله" على إسرائيل ذروته في الساعات الأخيرة، الى حدود باتت معها التقديرات ترجح إمكان أن يبدأ هذا الرد في الساعات الطالعة، في ظل وصول منسوب الخطر من انفجار إقليمي واسع الى مستوى غير مسبوق تجاوز بكثير الوضع الذي نشأ في نيسان الماضي، لدى تبادل إسرائيل وايران القصف البعيد المدى من دون ان يتطور الامر الى حرب مباشرة بينهما.
وبدا لبنان في قلب إعصار المخاوف الذي اشتدّت رياح مؤشراته بقوة بعد ظهر أمس، حين راحت سفارات الدول الكبرى تتسابق على تجديد تحذيراتها الى رعاياها وتحديثها لمغادرة لبنان فوراً، بما شكل مؤشراً شديد الإلحاح في خطورته على أن الساعة الصفر للرد وما قد يستتبعه صارت مسألة ساعات لا اكثر. حتى أن المسؤولين اللبنانيين، كما علمت "النهار"، بدأوا يتصرفون كأنهم في أجواء توقّع الرد على إسرائيل في عطلة نهاية الأسبوع، أي ربما في الساعات الطالعة من الفجر وبعده في أي لحظة، وتكثفت أمس بإزاء ذلك، الاستعدادات الجارية على الصعيد التمويني والصحي والطبي والخدماتي تحسباً لأسوأ السيناريوهات الحربية التي قد تنشأ عن الرد والرد على الرد. كما أن كل السيناريوهات هذه أخذت في الحسابات وعبر الإجراءات الاحترازية في مطار رفيق الحريري الدولي، علما ان معظم شركات الطيران العربية والعالمية أوقفت في اليومين الأخيرين حركة الملاحة والرحلات إلى إسرائيل ولبنان.
وفي هذا السياق تدافعت الدول في اصدار التحذيرات العاجلة، فعمدت الخارجية الأميركية الى تحديث توصياتها إلى رعاياها، وأكّدت أن "من يختار عدم مغادرة لبنان من رعايانا، عليه إعداد خطط طوارئ للإحتماء في أماكن سكنه". وأشارت إلى أن هناك شركات طيران ألغت أو علقت رحلاتها للبنان، فيما خيارات الطيران التجاري لاتزال متوافرة. ودعت مواطنيها الراغبين في مغادرة لبنان إلى حجز "أي تذكرة متاحة لهم".
كذلك، حثّت الحكومة البريطانية مواطنيها في لبنان على مغادرة البلاد فورا. وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي في بيان “التوترات مرتفعة والوضع مرشح للتدهور العاجل. وبينما نعمل على مدار الساعة لتعزيز وجودنا القنصلي في لبنان، فإن رسالتي الى المواطنين البريطانيين هناك واضحة وهي: غادروا في الحال". كذلك أوصت روسيا مواطنيها بالامتناع عن السفر إلى لبنان.
وفي غضون ذلك، افاد إعلام "حزب الله" ان الأمين العام لـلحزب السيّد حسن نصرالله سيتحدث الخامسة عصر الثلاثاء في ذكرى أسبوع فؤاد شُكر.
واستعادت جبهة الجنوب حماوتها، فاستهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة في منطقة بين وادي جيلو والبازورية في قضاء صور، واندلعت فيها النار، وعلى الفور توجهت سيارات الإسعاف إلى المكان. ولاحقا، اعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال علي نزيه عبد علي المسؤول في الجبهة الجنوبية لـ"حزب الله" في غارة البازورية. ونعى الحزب علي نزيه عبد علي "جون" من بلدة عيتيت في جنوب لبنان. بينما نعت بلدة دير سريان لاحقاً الفتى حسن عماد كريم الذي استشهد في غارة نفذتها مسيّرة إسرائيلية امام دكان صغير وسط البلدة.
وتواترت مؤشرات اقتراب الرد، إذ أعلن المتحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتّحدة أنّ "حزب الله" قد يهاجم أهدافاً "أوسع وأعمق" تشمل المدنيّين إلى جانب الأهداف العسكريّة داخل إسرائيل، ردّاً على اغتيال فؤاد شُكر.
كما نقلت تقارير صحافية أميركية عن مسؤولين أميركيّين إنّ ردّ إيران على اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس" إسماعيل هنيّة قد يشمل أيضاً مشاركة "حزب الله" في لبنان. وذكر موقع "أكسيوس" نقلاً عن مسؤولين أميركيّين أنّه يُتوقّع أن يكون ردّ إيران مماثلاً في أسلوبه لهجوم 13 نيسان وربما يكون أوسع نطاقاً. وأضاف: "إدارة بايدن مقتنعة بأنّ إيران ستهاجم إسرائيل ردّاً على اغتيال هنيّة وتستعدّ لمواجهتها". ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون إن وزير الدفاع لويد أوستن أمر القوات الأميركية بالتحرك دفاعا عن إسرائيل إذا تعرضت لهجوم. وأضاف المسؤول في البنتاغون، أن سفناً حربية أميركية موجودة في البحر المتوسط ستقترب من سواحل إسرائيل.
وأجرى وزير الدفاع الأميركي اتصالاً هاتفياً بنظيره الإسرائيلي يوآف غالانت، صباح السبت. وتناول الحديث "التهديدات المزعزعة للإستقرار التي تشكلها إيران وشركاؤها ووكلاؤها"، بحسب بيان قدمته نائبة السكرتير الصحافي للبنتاغون. وتعهد أوستن في الاتصال "التزام الولايات المتحدة دعم أمن إسرائيل، في وقت تتزايد فيه التوقعات بأن الرد الإيراني على اغتيال هنية، وشكر، أصبح وشيكًا".
وأكد وزير الدفاع الأميركي أن "مزيداً من التصعيد ليس أمراً لا مفر منه، وأن جميع الدول في المنطقة ستستفيد من خفض التصعيد في التوترات، من خلال استكمال وقف النار في قطاع غزة واتفاق إطلاق الأسرى".