أربع سنوات على فاجعة انفجار مرفأ بيروت والعدالة لا تزال غائبة، لكن ذاكرة اللبنانيين تحفظ معاناة 220 ضحيّة وآلاف الجرحى.
واليوم، ستشهد العاصمة بيروت تحرّكات ومسيرات لأهالي الضحايا ومتضامنين معهم للمطالبة بالعدالة والمحاسبة.
وبعد أربع سنوات على الفاجعة، لا يزال التحقيق في الأسباب مُعطّلاً، وسط تعقيدات سياسية وقضائية.
من جهتها، اعتبرت المنسّقة الخاصّة للأمم المتحدة في لبنان جنين هينيس-بلاسخارت، في بيان السبت، أنّ "الغياب التام للمحاسبة عن كارثة من صنع الانسان كهذا الانفجار يُعَدّ أمراً مذهلاً".
وأضافت: "المتوقّع من السلطات المعنية أن تعمل بلا كلل لإزالة جميع العوائق أمام التحقيق، سواء أكانت هيكلية أم سياسية. ولكن ما يحدث هو العكس تماماً".
وإثر الانفجار، عيّنت السلطات القاضي فادي صوان محققاً عدلياً، وسرعان ما تمت تنحيته في شباط 2021 إثر ادعائه على رئيس الحكومة حينها حسّان دياب وثلاثة وزراء سابقين بتهمة "الإهمال والتقصير والتسبّب بوفاة" وجرح مئات الأشخاص.
واصطدم خلَفَه القاضي طارق البيطار بالعراقيل ذاتها مع إعلان عزمه على استجواب دياب، تزامناً مع إطلاقه مسار الادّعاء على عدد من الوزراء السابقين، بينهم نواب، وعلى مسؤولين أمنيين وعسكريين.
وامتنع مجلس النواب السابق عن رفع الحصانة عن النواب المذكورين، ورفضت وزارة الداخلية منحه إذناً لاستجواب قادة أمنيين، ورفضت قوى الأمن كذلك تنفيذ مذكّرات توقيف أصدرها. وغرق التحقيق بعدها في متاهات السياسة، ثم في فوضى قضائية، بعدما حاصرت البيطار عشرات الدعاوى لكفّ يده، تقدّم بأغلبها مسؤولون مُدّعًى عليهم.
وخلال أكثر من ثلاث سنوات، تمكّن البيطار من العمل رسمياً لقرابة ستة أشهر فقط، تعرّض خلالها لضغوط أنذرت بأزمة غير مسبوقة في الجسم القضائي، خصوصاً بعدما أحبط مدّعي عام التمييز السابق غسان عويدات محاولته استئناف التحقيقات مطلع العام الماضي.
وكان البيطار استأنف تحقيقاته في 23 كانون الثاني 2023 بعد 13 شهراً من تعليقها، وقرّر الادّعاء على ثمانية أشخاص جدد، بينهم عويدات، وحدّد مواعيد لاستجواب 13 شخصاً مدعى عليهم.
لكن عويدات تصدّى له بالادّعاء عليه بـ"التمرد على القضاء واغتصاب السلطة"، وأصدر منع سفر بحقه، وأطلق سراح جميع الموقوفين.
وقد تراجع البيطار عن المضي بقراراته إزاء ذلك.
ويعتزم البيطار استئناف "إجراءاته اعتباراً من الأسبوع المقبل"، وفق مصدر قضائي لـ"فرانس برس".
وقال المصدر إنّ المحقق العدلي "سيُحدّد مواعيد دورية لاستجواب جميع المدّعى عليهم الذين لم يمثلوا أمامه بعد (...) وفي حال امتنعوا سيصدر مذكرات غيابية بتوقيفهم".
كما شدّد المصدر على أن البيطار ينوي إنهاء "التحقيق وإصدار قراره الاتهامي في هذه القضية قبل نهاية العام الحالي".