يشجب الداخل اللبناني المعارض لمحور "الممانعة" خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المنصرم بعد اغتيال القيادي فؤاد شكر، وسط طرح استفهامات حول إمكان انزلاق لبنان نحو نفق حرب شاملة. ويتخوّف اللبنانيون على تنوّع مناطقهم من مواجهات حربية آتية أكثر احتداماً من دون القدرة على ترجيح كيفية تطوّرها. وثمة من قرّروا الابتعاد عن الموضوع. هناك نوّاب رفضوا الحديث لـ"النهار" عن كلمة نصرالله والقتال الناشب. المتعارف عليه، أنه حتى في حال لم تتحوّل المعارك بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي حرباً شاملة، لكن تفجّر القنابل لم يخفت والرهان اللبنانيّ على عدم تطوّر المواجهات.
تقول النائبة عن "القوات اللبنانية" غادة أيوب لـ"النهار" إن "الأسف أن تكون الدولة اللبنانية في انتظار ردود حربية نتيجة الانتهاكات من العدوان الإسرائيلي. نحن اليوم بحاجة إلى وحدة وطنية حول حماية لبنان وسيادته وانطلاقاً من ذلك أصدرت عريضة طالبت فيها الحكومة اللبنانية في استعادة قرار الحرب والسلم والمطالبة فوراً في إعلان حالة الطوارئ جنوب لبنان ونشر الجيش اللبناني على مختلف الحدود اللبنانية الجنوبية وتالياً حماية ما تبقى من جنوب لبنان والأهالي الآمنين المدنيين الموجودين في المنطقة. هذا يشكّل مطلب المعارضة فيما لا يزال هناك استطاعة لإيقاف الحرب الشاملة التي تقرع طبولها والتي نسمعها في تهديدات من العدوّ الاسرائيلي". وتضيف غادة أيوب: "لا نعرف أين الحكومة وأين مفهوم الدولة اللبنانية من كلّ ما يحصل، وكيف يمكن حماية المواطنين بعدما صار اللبنانيون مشروع هجرة. لا تزال هناك قدرة على إيقاف الحرب والضغط ديبلوماسياً لحماية الحدود والسيادة اللبنانية والأهالي. كل الاحتمالات مفتوحة والتحذيرات من حرب شاملة لا يمكن معرفة كيف تبدأ أو تنتهي. ومن هنا، لا بدّ من المناداة بحماية لبنان الذي يشكّل الهمّ".
ماذا عن ملاحظات النائب التغييري ملحم خلف لـ"النهار"، بعد خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله؟ يسرد خلف أن "الذهاب في اتجاه حماية لبنان يكون من خلال موقف وطنيّ جامع تشاركيّ في مواجهة ما قد يصيب اللبنانيين. إنّ العدوّ الإسرائيلي يجرّنا نحو شريعة الغاب التي تشكّل شريعة عنف وهذه خشية أساسية حيث لا تتوقف الردود. إنه ليس وقت تحميل مسؤولية إنما الإنقاذ وأن يكون هناك موقف وطنيّ تجنّباً لأي انزلاق يسعى إليه العدوّ الإسرائيلي". ويعتقد خلف أن "التفلّت الاسرائيلي من القواعد القيود الاخلاقية والإنسانية والانسانية والدولية يسمح له القيام بمخاطرة وهذا الاستدراج إلى هكذا حرب يجب التنبّه له لأن القضية ليست في يد اللبنانيين". وبحسب خلف، "لا بدّ من الانطلاق في عملية إنقاذية لاسترداد الدولة القادرة والعادلة لأنّ من دون هذا الاتجاه نكون دون حماية وطنية. إنّ لبنان في خطر جديّ قائم مرتبط بهذا التفلّت من كلّ مرجعية وقيود، فيما لا بدّ من ترميم الشرعية الدولية لإيقاف هذه النزاعات. نحن بحاجة للذهاب إلى موقف وطنيّ. لا بدّ أن نعود إلى إمكان تجنّب الانزلاق".
في غضون ذلك، يصرّح النائب إيهاب مطر لـ"النهار" أنّ "مضمون خطاب نصرالله أكّد التحضير للردّ والحاجة إليه من دون تهوّر لكن لا إعلان لحرب شاملة ما شكّل نوعاً من التطمينات بعدم الانزلاق نحو تأجيج الجبهة على مصراعيها. لكن لا يمكن إغفال الخوف في ظلّ وجود العدوّ الإسرائيلي وغياب إمكان ترجيح ما قد يقوم به رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو من دون تنسيق مسبق ما يبقي على إمكان توسعة الحرب. ما يهمّنا حالياً الجانب اللبنانيّ رغم الاختلاف السياسيّ العمودي مع "حزب الله" ورفض أن يصادر قرار السلم والحرب والتأكيد على حاجة الدولة لاستعادة هذا القرار الاستراتيجي، لكن لا يمكن الدخول في معضلة كبرى حول هذه الإشكالية حالياً". في استنتاج مطر، إنّ "خطاب نصرالله لا يزال ضمن الهامش نفسه منذ أشهر لكن الجانب الإسرائيلي له مصلحة في الحرب مع سعي تل أبيب لضربة قوية على مدى قصير. لا حرب شاملة في الأفق فيما سيحاول "حزب الله" الردّ المحصور ضمن قواعد الاشتباك التي توسّعت لكنها لا تزال على شكل ضربات متجابهة لم تخرج عن السيطرة ما يريح الداخل اللبناني قليلاً الذي تعب من غياب الاستقرار".