كشف الإعلام الحربي لـ"حزب الله" بالأمس عن منشأة "عماد 4"، التي تحتوي على راجمات صاروخيّة وتجهيزات عسكرية، في أنفاق ضخمة مشيّدة تحت الأرض.
واللافت في الفيديو، الذي بثّه الإعلام الحربي، هو حجم المنشأة ومداها تحت الأرض، وتنقُّل راجمات الصواريخ وعناصر "حزب الله" بدرّاجاتهم النارية بين الأنفاق.
تبع الفيديو عدد من التسريبات عن تفاصيله ورسائله. وبحسب المقرّبين من "حزب الله"، فإنّ اسم (عماد) جاء تيمّناً بالقيادي عماد مغنية، وإنّ هذه المنشأة بالذات أشرف عليها مغنية مع فريق خاص مرتبط مباشرة بالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، وهي مجهّزة بعشرات الآليات للرمي بصواريخ ثقيلة. وتحتوي على مخازن الصواريخ مع تعدد فتحات الإطلاق من زوايا عدّة، ومجهّزة بمستشفى ميدانيّ وبحاجيات حياتيّة مختلفة تُلبّي أفرادها لمدة طويلة.
وبهدف إظهار التقدّم والاحترافية العالية، يكشف المعنيّون في المنشأة منظومة تقنية وفنية متكاملة مع منظومة اتصالات في داخلها، ومع خارجها، وفق تشفير خاصّ مع القيادة لتلقّي أمر الرمي في دقائق معدودة جدّاً.
وتسمية "عماد 4" تشير إلى أنها واحدة من سلسلة منشآت يمكن أن يتمّ الكشف عنها تباعاً عبر عدّ تنازليّ.
هذا على المستوى العسكري، أما على المستوى الاستراتيجي، وبحسب المقرّبين من الحزب، فهو إشارة إلى فشل استراتيجية إسرائيل بمنع تدفّق السلاح إلى حزب الله، وتأكيد أن لدى الحزب القدرة على تخبئة قدراته وتحييدها عن أعين اسرائيل، ثم توجيه رسالة إلى مخابراتها، التي شعرت بحالة من النشوة في الأسبوعين الأخيرين بأنها لم تصل سوى إلى القليل القليل، والدليل الواضح ردّة فعل الإسرائيلي.
أضف إلى ذلك هو التأكيد أنّ الحزب يمكنه الرّد على أيّ عملية بقسوة؛ وهو بهذا توجّه إلى إسرائيل بالدرجة الأولى، وإلى الداخل بدرجة ثانية، والمقصود الداخل المعارض، ليقول له: "إذا كنت تنتظر هزيمتنا فهذا لن يحصل، لأننا قادرون على حماية أنفسنا، كما أننا نستطيع أن نبدأ الحرب، ومجهزّون لها، لكننا نتروّى حفاظاً على الوحدة الوطنية والحساسيات الداخليّة". وهو يتوجّه إلى الموالين لرفع المعنويات، التي أصيبت بتراجع أو بنوعٍ من الخيبة نتيجة عدم الرّد السريع على مقتل أحد أكبر قياديي الحزب، والتأكيد على أن الحزب لا يخشى الذهاب إلى الحرب، بل هو مستعدّ لها إذا ما قرّرت إسرائيل الذهاب بعيداً في التصعيد والعدوان. وثمة تأكيد على إبقاء المبادرة بيد "حزب الله" لمنع إسرائيل من وضع قواعد الاشتباك حسب رؤيتها ومصلحتها.
أما بالنسبة إلى الجهة المعارضة، فلم ترَ بهذا الإصدار سوى استمرار لسياسات سابقة، تؤكّد بناء دويلة كاملة الأوصاف في داخل الدولة اللبنانية؛ وهذا لا يمكن أن يحدث في دولة موحّدة وذات سيادة، فتخرج مجموعة وتستعرض إعلامياً أنفاقها وبناها العسكرية ضمن الأراضي اللبنانية، من دون أيّ علم للدولة ولقواها الأمنية والعسكرية بهذه المنشآت، واين هي؟ وكيف تمتد؟ وإلى أين؟
وبرأي المعارضين، فإن هذا الإصدار، ومن دون شكّ هو رسالة ردع واستعراض قوة أمام الإسرائيليين، بالرغم من أن الإسرائيليين وغيرهم يعلمون بامتلاك "حزب الله" شبكات اتصال وخطوط إمداد خاصّة، بالإضافة إلى امتلاكه الصواريخ؛ وهم لا ينتظرون إصدارات إعلامية للتأكّد من ذلك. أمّا الرسالة الأهم فهي ضمن إطار الجرعات المعنويّة لجمهور "حزب الله" المحبط بعد العمليات النوعية الإسرائيلية؛ والرسالة الأخيرة هي للداخل المعارض، أو الرافض للدويلة، للتأكيد مرّة جديدة أنّنا نملك قدرات هائلة لا يستطيع أحد المسّ بها، وعليكم التعايش مع الأمر.