قتل 15 شخصاً من عائلة واحدة بينهم تسعة أطفال في غزّة، و10 أشخاص في جنوب لبنان، جرّاء ضربات إسرائيليّة السبت، في حين اعتبرت حركة حماس أن الحديث الأميركي عن قرب التوصّل إلى اتفاق هو "وهم"، بينما أبدى المفاوضون الإسرائيليون "تفاؤلا حذرا"، مع تواصل الجهود الديبلوماسية لإبرام اتفاق هدنة في القطاع.
وبعد مباحثات ليومين غابت عنها الحركة الفلسطينيّة، أعلنت دول الوساطة الولايات المتحدة وقطر ومصر تقديم مقترح جديد "يقلّص الفجوات" بين إسرائيل وحماس لوقف النار في الحرب المتواصلة منذ أكثر من عشرة أشهر، والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين.
وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن أن الاتفاق بات "أقرب من أي وقت مضى"، وهو سيرسل وزير خارجيته أنتوني بلينكن إلى إسرائيل نهاية هذا الأسبوع، في وقت تتكثف الجهود لتجنّب اتساع رقعة الحرب إقليميا بعد تصاعد التوتر بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل وحلفائها من جهة أخرى.
إلا أن القيادي في حماس سامي أبو زهري رأى في بيان لوكالة فرانس برس أن "الحديث عن قرب التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار هو وهم".
وشدد على أن "الاحتلال يواصل عرقلة كل المساعي لإتمام أي اتفاق"، مضيفاً "لسنا أمام اتفاق أو مفاوضات حقيقية، بل أمام فرض إملاءات أميركية".
والسبت أعرب المفاوضون الإسرائيليون العائدون من محادثات الدوحة "عن تفاؤلهم الحذر" لبنيامين نتانياهو، وفق ما أفاد مكتب رئيس الوزراء.
وأضاف المكتب في بيان "هناك أمل في أن يسمح الضغط الكبير للولايات المتحدة والوسطاء على حماس، بأن تتراجع عن معارضتها الاقتراح الأميركي الذي يتضمن عناصر مقبولة لدى إسرائيل". وكانت حماس رفضت الجمعة "شروطا جديدة" يتضمنها الاقتراح.
توازياً، أعلن الدفاع المدني في غزّة أن 15 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم تسعة أطفال وثلاث نساء، قتلوا في قصف جوي إسرائيلي في ساعة مبكرة السبت.
وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل إنّ القصف طال منزل عائلة العجلة في حي الزويدة بوسط غزّة.
وعمل أشخاص على انتشال الجثث، ووقف شبّان فوق الركام واستخدموا مطرقة كبيرة لتفتيت كتل اسمنتية والبحث عن الضحايا، وفق فيديو لفرانس برس.
وقال الشاهد أحمد ابو الغول "نحو الساعة الأولى صباحا، ضربوا ثلاثة صواريخ فجأة، مباشرة على المنزل. كلهم أطفال ونساء".
بدوره، قال شاهد العيان عمر الدريملي "نحن الآن في المشرحة نرى مشاهد لا توصف... أشلاء ورؤوس مقطّعة وأطفال".
من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي السبت "القضاء على عدد" من المسلحين وسط القطاع.
وأكد أنّه شنّ غارات جوية "على حوالى 40 هدفاً إرهابياً، بينها مبان عسكرية، ومستودعات أسلحة وغيرها" خلال الساعات الماضية.
ورداً على سؤال فرانس برس، قال الجيش الإسرائيلي إنه "تلقى معلومات عن مقتل مدنيين في منزل بسبب الضربة" وهو "يجري تحقيقاً".
وأضاف أنه "استهدف بنى تحتية إرهابية في وسط قطاع غزة أطلق منها عدد كبير من الصواريخ في الأسابيع الأخيرة في اتجاه دولة إسرائيل والقوات الإسرائيلية العاملة في المنطقة".
إلى ذلك، تحدث شهود عيان لفرانس برس عن استهداف أبراج سكنية في مدينة حمد في خان يونس.
كذلك، تحدث شهود عن قصف عنيف بواسطة دبابات إسرائيلية لأنحاء شمال المدينة.
في الضفة الغربية المحتلة، قُتل فلسطينيان مساء السبت في قصف طال سيارتهما في جنين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أنه نفذ "ضربة جوية على خليّة إرهابيّة".
وأعلن الجيش الإسرائيلي ليل السبت الأحد أنه قتل "اثنين من كبار مسؤولي حماس" في جنين، هما أحمد أبو عرة "المسؤول عن تصنيع متفجرات"، ورأفت الدواسي "المسؤول العسكري" المحلي.
وأكدت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، مقتل الرجلين، مؤكّدة أنهما كانا "مسؤولين عن التخطيط والتنفيذ لعمليات نوعية عدة".
10 قتلى في جنوب لبنان
والسبت أعلن الجيش الإسرائيلي أن حصيلة قتلاه بلغت 332 منذ بدء الحملة البريّة في 27 تشرين الأوّل.
أثارت حرب غزّة مخاوف من اتساعها الى جبهات أخرى، خصوصاً لبنان حيث يتبادل حزب الله وإسرائيل القصف يومياً عبر الحدود.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية السبت مقتل عشرة سوريين بينهم أطفال، بغارة اسرائيلية في جنوب لبنان.
والحصيلة هي من الأعلى لضربة واحدة في لبنان منذ بدء التصعيد.
واستهدفت الغارة منطقة وادي الكفور في النبطية، وأدت إلى "استشهاد عشرة أشخاص من الجنسية السورية بينهم امرأة وطفلاها"، حسب الوزارة.
وأفادت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية من جهتها بأن ضحايا الغارة هم من اللاجئين والعمال السوريين.
وأشارت إلى أنها وقعت قرابة الساعة 1,20 بعد منتصف الليل، واستهدفت "معملاً للحجارة" الاسمنتية في منطقة صناعية في النبطية.
وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه هاجم جواً "خلال ساعات الليلة الماضية مستودع أسلحة لحزب الله في منطقة النبطية".
بعد ساعات، أكّد الحزب إطلاق صواريخ كاتيوشا على منطقة اييليت هشاحر بشمال اسرائيل "ردا على اعتداءات العدو الإسرائيلي على القرى الجنوبيّة خصوصاً في بلدة الكفور".
وأعلن الجيش الاسرائيلي "رصد إطلاق حوالى 55 قذيفة صاروخيّة من لبنان سقط بعضها في مناطق مفتوحة من دون وقوع إصابات". من جهة أخرى، قال إن جنديين أصيبا بجروح في وقت سابق "نتيجة سقوط قذيفة أطلقت من لبنان في منطقة مسغاف عام"، أحدهما جروحه "خطرة".
وازدادت المخاوف من تصعيد إضافي على هذه الجبهة بعد اغتيال القيادي العسكري في حزب الله فؤاد شكر بضربة إسرائيلية قرب بيروت أواخر تموز، وتوعّد الحزب بالرد.
وأتت عملية الاغتيال هذه قبل ساعات على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران، في عملية نسبتها إيران الى إسرائيل وتوعّدت أيضا بالرد عليها.
تجنّب أي تصعيد
على وقع المخاوف من الرد، أكّدت إسرائيل استعدادها دفاعياً وهجومياً، في وقت عززت حليفتها الولايات المتحدة انتشارها العسكري في المنطقة وتعهّدت الدفاع عن إسرائيل.
توازياً تؤكّد واشنطن العمل لإبرام اتفاق هدنة في غزّة يتيح خفض التوتر في المنطقة.
وفي بيان مشترك، حض وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا جميع الأطراف على "الانخراط بإيجابية ومرونة" في المفاوضات.
وشددوا على "أهمية تجنب أي عمل تصعيدي في المنطقة من شأنه تقويض آفاق السلام".
وتقود واشنطن والدوحة والقاهرة منذ أشهر جهود الوساطة التي أثمرت هدنة لأسبوع في تشرين الثاني، أتاحت الإفراج عن أكثر من مئة من الرهائن وإطلاق سراح مئات الفلسطينيين.
لكنّ أي اتفاق لم ينجز منذ ذلك الحين.
وتظاهر الآلاف في تل أبيب وغيرها من المدن الإسرائيلية السبت للمطالبة بإبرام اتفاق يضمن عودة الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال مور كورنغولد شقيق الرهينة تل شوهام "جميعنا نعلم أن ثمة إمكانية حقيقية للتوصل لاتفاق". أضاف "إنها ساعات مفصلية لشقيقي وللرهائن والجنود وللذين نزحوا من بيوتهم وللبلد بأسره".
وسيجتمع المفاوضون "مرة أخرى في القاهرة قبل نهاية الأسبوع المقبل آملين في التوصل إلى اتفاق وفقا للشروط المطروحة اليوم".
وأكّد مصدر قيادي في حماس لفرانس برس أن وفد إسرائيل "وضع شروطاً جديدة... مثل إصراره على إبقاء قوات عسكريّة في منطقة الشريط الحدودي مع مصر (محور فيلادلفيا)، وأن يكون له الحق بوضع فيتو على أسماء أسرى (فلسطينيين) وإبعاد أسرى آخرين لخارج فلسطين".
وشدد على أن حماس "لن تقبل بأقل من وقف كامل للنار والانسحاب الكامل من القطاع وعودة طبيعية للنازحين، وصفقة تبادل من دون قيود الاحتلال وشروطه".
شلل الأطفال
وتسببت الحرب بأزمة إنسانيّة كارثيّة في قطاع غزة.
والجمعة، طالبت منظّمة الصحّة العالميّة ومنظّمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) بهدنتين مدة كل منهما سبعة أيام لتطعيم أكثر من 640 ألف طفل ضد شلل الأطفال.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في رام الله تشخيص إصابة طفل يبلغ عشرة أشهر بشلل الأطفال في القطاع الذي تقول الأمم المتحدة إنه كان خالياً من هذا المرض منذ 25 عاما.
إلى ذلك، حذّر مدير مستشفى العودة في منطقة تل الزعتر بجباليا محمد صالحة السبت من أن "القطاع الصحي شمال قطاع غزة يعاني نقصا بالمستلزمات الطبية ونفادا للوقود وسيتوقف عن العمل خلال 24 ساعة في حال عدم دخول وقود من منظمة الصحة العالمية".