يشكل نهر الليطاني خطراً إزاء احتمال تفشي وباء الكوليرا، جرّاء تحوّل مجراه بؤرة للمياه الملوّثة والأسنة التي تصبّ فيه مباشرة كما في المسطّحات المائية من دون أي معالجة، والتي تعتبر من أهم أسباب تفشّي الكوليرا ما إن تنقل جرثومة هذا الوباء.
في هذا الإطار، قامت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بتاريخ 9 أيلول 2024 بأخذ عينات مياه من 7 نقاط من الحوض الأعلى للنهر من أجل رصد أي تلوث بالكوليرا، وأخضعتها للتحليل في مختبر المصلحة في خربة قنافار، وفقاً لأحدث التقنيات العلمية.
وبيّنت نتائج التقرير تلوّث المياه بجرثومة الكوليرا في نقطتين هما نقطة تجمع الصرف الصحي في شتورا ونقطة نهر الليطاني عند جسر الدلهمية، بسبب وصول مياه الصرف الصحي المحملة بهذه الجرثومة إلى نهر الليطاني من دون أي معالجة، بحيث تبلغ نسبة وجود بكتيريا القولونيات المتحمّلة للحرارة أكثر من مليون مستعمرة في الـ 100 مل من مياه النهر، وهي دليل وجود الصرف الصحي فيه.
وأشارت المصلحة إلى أنه بمجرد وصول جرثومة الكوليرا الى المياه السطحية، فإنها سوف تنتقل الى سائر النقاط وتتفشى فيها، مما يحمل خطرًا صحيًا جسيمًا يهدّد أبناء الحوض الأعلى لنهر الليطاني كافة، علمًا أن هاتين النقطين سجلتا أيضًا تلوّثا بالكوليرا عند تفشي الوباء عام ٢٠٢٢.
وكانت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني قد أعادت تحليل الكوليرا في مياه النهر في تموز الماضي للنقاط نفسها التي تبين فيها وجود جرثومة الكوليرا في كانون الاول 2022، بحيث تبين عدم وجود جرثومة الكوليرا في التاريخ المذكور، ولكنها أشارت حينها إلى أن عدم وجود جرثومة الكوليرا يقتصر على التاريخ المذكور فقط (تموز 2024)، وكون جرثومة الكوليرا تنتقل مع المياه الملوثة وتنتشر عبر الصرف الصحي الذي يجري توجيهه إلى نهر الليطاني، فقد حذّرت المصلحة من أن لا شيء يضمن عدم انتشار الكوليرا من جديد في مياه نهر الليطاني، كما أثبت التحليل في الشهر الحالي.
كذلك حذّرت من الوضع الحالي للنهر وطلبت توقيف سائر النشاطات التي يمكن أن تفاقم من هذا الوضع أو تؤدي إلى تفشي الوباء من جديد، إذ أنه بمجرد وصول جرثومة الكوليرا الى المياه السطحية، فإنها سوف تنتقل وتتفشى في كل النقاط، مما يحمل خطراً صحياً جسيماً يهدّد أبناء الحوض كافة.
الكوليرا وفقاً لمنظمة الصحة العالمية
الكوليرا عدوى حادة تسبّب الإسهال وتنجم عن تناول الأطعمة أو شرب المياه الملوّثة ببكتيريا الكوليرا.
الأعراض
• معظم من يُصابون بعدوى المرض يبدون أعراضاً خفيفة أو معتدلة، بينما تُصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبّب ذلك الوفاة إذا تُرك من دون علاج.
• يستغرق فترة تراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياه ملوثة.
• يستمر وجود البكتيريا في براز الاشخاص المصابين لمدة تراوح بين يوم و10 أيام عقب الإصابة بعدواها.
وبائيات المرض
يرتبط انتقال الكوليرا ارتباطاً وثيقاً بقصور سبل إتاحة المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي. وتشمل المناطق المعرضة للخطر تقليدياً الأحياء الفقيرة في المناطق الحضرية، وكذلك مخيمات المشردين داخلياً أو اللاجئين.
ويمكن أن تسفر العواقب المترتبة على وقوع أي كارثة إنسانية - مثل تعطل شبكات المياه ومرافق الصرف الصحي أو نزوح السكان إلى مخيمات غير ملائمة ومكتظة – عن زيادة خطورة انتقال الكوليرا إذا كانت بكتيريا المرض موجودة فيها أو إذا وفدت إليها من مكان ما.
الوقاية والمكافحة
تنطوي على استخدام توليفة من أنشطة الترصّد وتوفير إمدادات المياه والصرف الصحي، وشروط النظافة الصحية والتعبئة الاجتماعية والعلاج ولقاحات الكوليرا الفموية.
الترصّد
ينبغي أن يشكّل ترصّد الكوليرا جزءاً من نظام متكامل لترصّد المرض بحيث يشمل جمع التعليقات عليه على الصعيد المحلي وتبادل المعلومات عنه على الصعيد العالمي.
التدخلات الخاصة بإمدادات المياه ومرافق الصرف الصحي
تشمل الإجراءات التي تستهدف تحسين الظروف البيئية تنفيذ حلول مستدامة مكيفة وطويلة الأجل، لتوفير إمدادات المياه والصرف الصحي وشروط النظافة الصحية المستدامة لضمان استعمال المياه المأمونة والمرافق الصحية الأساسية، واتباع ممارسات النظافة الصحية الجيدة في بؤر انتشار الكوليرا.
العلاج
الكوليرا مرض يمكن علاجه، ويمكن أن ينجح علاج معظم المصابين به إذا جؤى الإسراع في إعطائهم محاليل فموية.
أمّا المرضى الذين يعانون من جفاف شديد، فهم معرّضون لخطر الإصابة بالصدمة ويلزم الإسراع في حقنهم بالسوائل عن طريق الوريد. كما يُعطى هؤلاء المرضى المضادات الحيوية المناسبة.
لا يُوصى بإعطاء المضادات الحيوية بكميات كبيرة، إذ ليس لها تأثير مُثبت على مكافحة انتشار الكوليرا، وقد تساهم في زيادة مقاومتها لمضادات الميكروبات.
يُعدّ الزنك علاجاً مساعداً مهماً للأطفال دون سن الخامسة، وينبغي أيضاً تشجيع الرضاعة الطبيعية.