شاركت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني - مجموعة الأبحاث، في الإعداد لوثيقتي الامم المتحدة . الاولى تتعلق بإعلان مستقبل الاجيال والثانية " قَسَم من اجل المستقبل" وتقوم اللجنة بمواءمة استراتيجيتها في لبنان مع اهداف الوثيقتين وايضا الاهداف المعلنة حول اجندة ٢٠٣٠ على المستويات الدولية والإقليمية والوطنية.
وفي وقت تعيش فيه المنطقة العربية مجموعة من النزاعات والأزمات وفي مقدمتها الحرب الإسرائيلية التدميرية لمقومات الحياة في قطاع غزة، حيث بات الزمن محصوراً لدى العديد من مجتمعات هذه المنطقة بين مرارة الحاضر والتقليب في صفحات الماضي، يأتي انعقاد قمة الأمم المتحدة كحدث كونيّ بالغ الأهمية، حيث من المزمع أن تنطلق المناقشات والمداولات فيه من المسودتين المطروحتين عشية القمة، وهما "الإعلان حول الأجيال القادمة" و"شرعة المستقبل".
تشدد المسودتان على التضامن والحوار بين الأجيال، وتتضافر البنود فيهما للربط بين التماسك المجتمعي والتنمية المستدامة والتمويل من أجل هذه التنمية وحماية التنوع البيئي والحث على الابتكار وإشاعة المعرفة واستئصال الفقر وتجاوز انعدام الأمان الغذائي. من شأن تلقف هذه العناوين الإسهام بفتح كوة تعيد وصل مجتمعات هذه المنطقة من العالم مع المستقبل. كما تشدد على ضرورة تكثيف العمل من أجل تجنيب السكان العزّل من ويلات الحروب وصولات العنف، ومن أجل إنهاء طمأنينة مجرمي الحروب ومدبري الإبادات من التهرب من العقاب.
ورأت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني نفسها معنية بكل هذه البنود، وترى في الوثيقتين عناصر أساسية ينبغي تكثيفها لأجل المناداة بحق شعوبنا العربية بمستقبل أفضل من حاضرها هذا، مستقبل رحب ومزدهر ومنصف وحرّ. فوحده استشراف المستقبل قادر على حثنا على عدم الغرق في السوداوية وكل أشكال الإنطوائية والسأم. ليس لأن المستقبل سيغدق علينا من تلقائه العطايا والبهجات، بل لأن الوعي بالمستقبل، والدفاع عن حقنا بأن يكون لدينا مستقبل نضر، يرفع من مستوى التجهز للتحديات، ومن التأهب المعنوي والرمزي لها. أن نتشارك وأجيال الأرض قاطبة في صناعة مستقبل أكثر عدالة واستقراراً فهذا يرتبط كذلك الأمر بادراك المنظمات الدولية بشكل أساسي بأنه، وفي عالم معولم كالذي نحن فيه، وفي ظل توالي الثورات العلمية والتكنولوجية، وترابط قضايا انتقال السكان فيه مع قضايا الأمن والبيئة والاقتصاد فيه، وأهمية وضع حد للنزاعات المتفجرة وتلك النصف نائمة، فإنه لا مستقبل أفضل لشعوب المعمورة على قاعدة استثناء شعب من الشعوب منه، وهذا يتعلق تحديداً اليوم بالمصير المأسوي لشعب متعطش للحرية ولكي يكون له مكانته في مستقبل عالمي أكثر رحمة وانصافاً: الشعب الفلسطيني. كذلك، فإن لبنان، ورغم أزماته المتراكمة ورغم تعقد مسار الحرب الدائرة حالياً على جبهة جنوبه، فإن انتزاع حقه في أن يحجز مكانة رائدة في مستقبل أكثر اشراقاً يتساوى مع تأمين هذا الحق .
ترى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أن هذه الورشة العالمية الاستشرافية والواعدة تنسجم بالصميم مع نظرتها هي لملف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، حيث أبرزت اللجنة في عملها طيلة السنوات الماضية أهمية مقاربة هذا الملف ليس فقط من موقع معالجة آثار وندبات الماضي، وإنما بما يتضمنه من سعي لأجل تحصيل وتوطيد الحقوق المدنية والاجتماعية لهؤلاء اللاجئين، ومن إشاعة منظومة الاحتكام إلى القوانين على كل مساحة الوطن اللبناني، كجزء لا يتجزأ من أي بحث في واقع وآفاق إستصلاح مقومات التماسك المجتمعي والتنمية المستدامة والحاجة إلى البيئة النظيفة كما إلى تحقيق الانسجام العام بين التربية والتعليم وبين حاجات الاقتصاد اللبناني إلى الوظائف والمهارات، والى تشجيع القوى المنتجة انطلاقاً من مقاربة بيئية اجتماعية متكاملة مبنية على رزمة متكاملة من الحقوق، وعلى ترشيد متواصل للموارد والطاقات، وكل هذا متعذر من دون إعادة الإفساح بالمجال للدولة اللبنانية بأن تكون بالفعل مرجعاً لكل المواطنين، ولكل السكان على مساحة الوطن وأن تكون دولة ذات سيادة بعيدة النظر فيما يتعلق بالمستقبل القريب والبعيد في آن. دولة تصلح لهذا القرن.