لا يزال الاتفاق على منع التوتر في مخيم عين الحلوة سارياً بعد عام على التوصّل إليه اثر مواجهات دارت رحاها الصيف الفائت في شوارع وأزقة أكبر مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. وما يعزز ذلك الهدوء هو تحويل الأنظار الى غزة والضفة الغربية بعد نحو عام على العدوان الإسرائيلي المتواصل، واستشهاد أكثر من 42 ألف فلسطيني جلهم من الأطفال.
لكن هل نُزع فتيل التوتر بعد إزالة كاميرا المراقبة التي تسبّبت باعتراضات واستنفار مسلح.
قبل أيام وبعد تركيب عنصر من قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" في المدخل الشمالي لمخيم عين الحلوة كاميرا مراقبة قبالة تجمّع المدارس التابع لوكالة "الأونروا"، اعترضت مجموعة من "العناصر المتشددين" ومنهم "الشباب المسلم"، وتوترت الأجواء إثر استنفار مسلح في توقيت مريب نظراً إلى جسامة ما يحصل في غزة والضفة من عدوان واستمرار للإبادة التي ينفذها جيش الاحتلال بحق الفلسطينيين فضلاً عن اعتداءات على لبنان لم توفر كوادر عسكرية فلسطينية وبعضها من مخيم عين الحلوة.
"كاميرا في مكان اغتيال العرموشي"
تركيب الكاميرا في المخيم كان في المنطقة عينها التي اغتيل فيها اللواء محمد العرموشي (أبو أشرف) في 30 تموز من العام الفائت، ودخل ذلك المخيم في جولات قتال عنيفة بين "فتح" والعناصر المتشددين ما أدى الى سقوط عدد من القتلى فضلاً عن تهجير قسم كبير من أهالي المخيم، وكذلك إقفال مدارس المخيّم فضلاً عن وصول الرصاص والقذائف الى صيدا ومحيطها وذلك في أقسى جولات القتال التي تشهدها مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ولم تتوقف الاشتباكات إلا بعد تدخلات من مسؤولين رفيعي المستوى من أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي أعلن في مثل هذه الأيام من العام الفائت عن اتفاق لوقف إطلاق النار في المخيم.
بعد رفض تركيب الكاميرا والتوتر الذي شهده المخيم، تكثفت الاتصالات للحؤول دون تفلت الأوضاع وإعادة الصورة المشؤومة للمخيم التي لا تزال تداعياتها ماثلة حتى اليوم.
وأسهمت القوى اللبنانية والفلسطينية في تثبيت الهدوء، ولوحظ حرص من تلك القوى على التعالي عن تلك الأسباب في هذه المرحلة الخطرة التي تشهدها المنطقة، حتى لا يكون توتير الوضع خدمة مجانية لتل أبيب.
وعقدت اللجنة المشتركة للأحزاب والقوى الفلسطينية في المخيم، وأحزاب لبنانية منها التنظيم الشعبي الناصري، اجتماعات لتأكيد "أهمية الحفاظ على الهدوء في المخيم وعدم حرف الأنظار عما يجري في فلسطين وجنوب لبنان من جرائم إسرائيلية".
من جهة ثانية لا تزال قضيّة اغتيال العرموشي هي الأساس وهي البوصلة لما ستؤول إليه الأمور في المخيم ولا سيما أن القضاء اللبناني يتابع تلك القضية من خلال التحقيقات التي تجريها المحكمة العسكرية مع عدد من الموقوفين وبينهم من يشتبه فيهم بتنفيذ عملية الاغتيال فيما لا يزال آخرون متوارين وقيد المتابعة.
بيد أن المعضلة الأساسية تكمن في أن مناطق وجود "العناصر المتشددين" تحمل خصوصيات عدة منها أنها في منطقة الطوارئ، أي بين المخيم وتعمير عين الحلوة، ولا وجود للقوى الأمنية الفلسطينية فيها ولا للجيش اللبناني.
تلك المنطقة يختبئ فيها عدد من الفارين من مخيم نهر البارد إثر معركة المخيم عام 2007 واستشهاد العشرات من الجيش اللبناني في القتال ضد ما يُعرف بـ"تنظيم فتح الإسلام". أيضاً في تلك المنطقة عدد من المنتمين للجماعات الإرهابية التي شاركت في اشتباكات طرابلس وكذلك في تنفيذ اعتداءات على أكثر من منطقة لبنانية.
وفي سياق تركيب الكاميرات يُذكر أنه في عام 2022 وتحديداً في شهر آب تطوّر إشكال في المخيّم للسبب عينه وذلك عندما أدى تركيب كاميرات مراقبة إلى إطلاق نار بين عناصر من "فتح" ومسلحين آخرين، ولكن تسارع وتيرة الاتصالات حينها أثمر سحب فتيل التوتر.