رفع لبنان أمس الجمعة سقف الموقف الرسمي للحكومة، الذي بدا أنّه يتماهى بشكل كامل مع موقف "حزب الله"، بعد الهجمات التي شنتها إسرائيل عبر أجهزة "بيجر" ووسائل اتصال لاسلكيّة، لم تقتصر أضرارها على دائرة الحزب بل تجاوزتها لتطال مدنيين.
وعليه، جاءت كلمة وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب أمام الجلسة الطارئة لمجلس الأمن، التي انعقدت بناءً على طلب لبنان، لتسلّط الضوء، إنّما من خارج اللغة الديبلوماسية الخشبية، على مستوى الأخطار التي تتهدّد البلاد، على وقع الاعتداءات الإسرائيلية الصارخة على مدى ثلاثة أيام، والتي لم تقتصر على استهداف "حزب الله" في إطار المواجهة المفتوحة على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية من خلال جبهة الإسناد لغزة، بل طالت المدنيين، عبر تفجيرات أجهزة لاسلكيّة، فضلاً عن الـ"بيجرز".
في المعلومات المتوافرة لـ"النهار" أن كلمة وزير الخارجية جاءت منسّقة ومتفاهم عليها في داخل الحكومة، وهي لقيت تنويه الوزراء لجهة وصفها من قبل بعض هؤلاء بأنها جريئة، وتشمل ما يشبه المضبطة الاتهامية، لما تضمنته من توثيق للوقائع. وكشفت المعلومات أن بو حبيب وثّق خطابه أمام أعضاء مجلس الأمن بعرض لصور عن الاعتداءات والجرحى، قاطعاً الطريق أمام أيّ احتمالات لنفي حجم الخسائر. ويأتي ذلك في إطار رغبة لبنان الرسمي في توثيق الأحداث، التي جرت على مدى يومين متتاليين، وذلك قبل انفجار الضاحية الجنوبية، الذي أودى بحياة قائد فرقة الرضوان في الحزب وعدد من أركانها.
وتكشف المعلومات كذلك عن أن هذا القرار جاء أيضاً بعدما عدلت الحكومة في خيارها، عندما طلبت انعقاد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، على أساس أن المشاورات كانت ترمي إلى الاستحصال على بيان إدانة بحق إسرائيل. لكن الاتصالات الداخلية والخارجية، التي كان لفرنسا والجزائر دور فيها، أفضت إلى الاتفاق على تقديم شكوى إلى المجلس، بناء على طلب رسمي، وذلك بهدف توثيق الموقف اللبناني في السجلّات الأممية، والضغط على المجتمع الدولي لإصدار قرار لا بيان.
أثارت بعض النقاط الواردة في خطاب بو حبيب تساؤلات حيال مدى ترجمتها للموقف الرسمي، لا سيما تلك المتعلّقة بتهديده إسرائيل بعدم السماح بعودة "نازحيها إلى قراهم، متوعّداً بأنها ستهجر من لم يتهجّر بعد إذا وسّعت اعتداءاتها، لجهة أن هذا الموقف يشكّل تهديداً واضحاً لإسرائيل، يتماهى بشكل كامل مع التهديد الذي أطلقه قبل أيام الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله، عندما أعلن أن لا عودة لسكان الشّمال. وقد فُهم من هذا الكلام أنه تم بالتنسيق مع الحزب، لا سيما أنه جاء بعد موقف لافت للوزير على إثر الهجومات اللاسلكية، قال فيه إنه "لم يعد في إمكاننا القول لحزب الله ألا يردّ".
المعلومات المتوافرة من نيويورك أن مجلس الأمن لم يتبنّ الشكوى اللبنانية، ولا مشروع القرار المقدّم من الجزائر باعتبارها ممثلة مجموعة الدول العربية، وفيه طلب لبنان تطبيق القرار ١٧٠١، ووقف النار في لبنان وغزة.
وهكذا انتهت الجلسة من دون أيّ قرار ملزم أو إدانة، وكأنّ ما حصل حادث عرضيّ نتيجة "صيبة عين" وفق ما وصفته مصادر سياسية!