تقفز أعداد الضحايا والشهداء والجرحى والمصابين في الغارة الإسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية التي استهدفت قائد قوة الرضوان في "حزب الله" إبراهيم عقيل و15 قياديا وعنصرا في هيئة اركان الرضوان بأسرع من رقاص الساعة لترسم، مع ضحايا وشهداء وجرحى الهجوم الإلكتروني – السيبراني يومي الثلاثاء والأربعاء الماضيين حصيلة دامية مخيفة لأسبوع بات مطبوعا بسمة انطلاق الحرب او الحملة التصعيدية الإسرائيلية المتدحرجة على "حزب الله".
وقد يكون العامل الأشد اثارة للخوف والقلق والتوجس ان معالم او مؤشرات ميدانية او ديبلوماسية من شأنها الإضاءة على ما يتوقعه لبنان في اليوم التالي بعد تفجير إسرائيل للجولتين المخيفتين من الهجمات على الحزب ، علما ان إسرائيل نفسها بدت متخبطة باستراتجية تصعيد العنف الاعمى من دون أي افق واضح حيال ما اذا كانت فعلا تعتزم تفجير حرب شاملة ام الاكتفاء بدورات العنف وتصيد أهدافها لدى "حزب الله". يقابل ذلك تصاعد التساؤلات حول حجم تداعيات واثار الضربات البنيوية العميقة غير المسبوقة في بنية "حزب الله" وما ستتركه من نتائج تبدو اشد خطورة بكثير مما ظهر في الأيام الثلاثة الأخيرة . وبذلك فان الأيام الأخيرة تكون قد رمت لبنان في دوامة الاستنزاف الأشد من جهة والغموض المخيف من جهة أخرى بما يبقي باب الخوف من المفاجأت مفتوحا لحظة بلحظة . وغني عن القول ان هذا الوضع غير المسبوق في خطورته جعل كل ملفات وأوضاع الداخل تتجمد وسط ترقب شامل لمسار التطورات العسكرية على جبهة الصراع بين إسرائيل و"حزب الله". غير ان اللافت ان هذه الأجواء والتطورات لم تثن بعد الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان عن قيامه بزيارة جديدة لبيروت اذ علمت "النهار" انه سيصل غدا الاثنين في مهمة جديدة تتصل بالوساطة الفرنسية لانتخاب رئيس للجمهورية .
اذن واصلت فرق الدفاع المدني وكشافة الرسالة الاسلامية والهيئات الصحية والصليب الاحمر اللبناني انتشال جثث الشهداء والمصابين ورفع الانقاض من مكان الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية ، حيث دمر المبنى المستهدف في حي الجاموس بشكل كلي وتضررت بعض المباني المجاورة بشكل جزئي، وتم العمل على اخلاء بعضها، فيما يضرب الجيش طوقًا امنيًا حول المنطقة. وارتفعت حصيلة الغارة الإسرائيلية امس إلى 37 شهيداً وفق مركز عمليات طوارئ الصحة العامة، ونحو 20 مفقوداً علما ان "حزب الله" نعى 16 من قيادييه وعناصره . وتم انتشال عائلة بكاملها استشهد أفرادها الأربعة من تحت أنقاض المبنى السكني المدمر.
وسط الصدمة الواسعة التي خلفتها الغارة اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي انه كان عزم على السفر الى نيويورك في اطار تكثيف التحرك الديبلوماسي اللبناني،خلال أعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة، "لوقف العدوان الاسرائيلي المتمادي على لبنان والمجازر التي يرتكبها العدو. الا انه في ضوء التطورات المرتبطة بالعدوان الاسرائيلي على لبنان، قررت العدول عن السفر، واتفقت، بعد التشاور والتنسيق مع وزير الخارجية، على عناوين التحرك الديبلوماسي الخارجي الملح في هذه المرحلة". وجدد التأكيد "ان لا اولوية في الوقت الحاضر تعلو على وقف المجازر التي يرتكبها العدو الاسرائيلي والحروب المتعددة الانماط التي يشنها.
كما أطالب المجتمع الدولي والضمير الإنساني،باتخاذ موقف واضح من هذه المجازر الفظيعة. كما نطالب باقرار قوانين دولية لتحييد الوسائل التكنولوجية المدنية عن الاهداف العسكرية والحربية."
ولكن الامال على ضغط أميركي على إسرائيل بدت في ادنى مستوياتها خصوصا بعدما علّق مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، على الضربة الاسرائيلية التي استهدفت الضاحية الجنوبيّة لبيروت، قائلاً: "ابراهيم عقيل يداه ملطخة بالدماء" واعتبر أن "الطريقة التي قدّم بها الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله خطابه هذا الأسبوع فتحت جبهة الشمال". وأضاف: "خطر التصعيد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية قائم، إلا أنّنا لم نصل بعد إلى مرحلة حرب أوسع نطاقاً بين إسرائيل وحزب الله وآمل ألا يحدث ذلك"، مشدّداً على "أنّنا سنبذل قصارى جهدنا لإعادة الهدوء". وتابع سوليفان: "هناك طريق واضح للتوصل إلى وقف للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله رغم أن خطر التصعيد حقيقي، وقد بحثت مع الإسرائيليين كيفية إيجاد طريقة للمضي قدماً للتهدئة وعودة سكان الشمال إلى منازلهم".
وصعد الجيش الإسرائيلي بعنف بالغ هجماته الجوية على قرى الجنوب فاعلن انه "يواصل استهداف البنى التحتية لحزب الله وتجريده من قدراته". وقال المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أفخاي أدرعي أنه "في سلسلة غارات على جنوب لبنان، تم تدمير نحو 180 هدفًا والآلاف من فوهات إطلاق القذائف الصاروخية التي كانت جاهزة للإطلاق بشكل فوري نحو الأراضي الإسرائيلية" وأضاف "كما قصف جيش الدفاع بالمدفعية بعض مناطق جنوب لبنان". واستهدفت سلسلة الغارات العنيفة مناطق في جنوب لبنان والبقاع الغربي تخطّت الـ 100 غارة. ومساء عاود الطيران الحربي الإسرائيلي شن غارات كثيفة على عدد كبير من القرى الجنوبية كما استهدفت غارة منطقة بلدة روم في جزين للمرة الأولى . وعزت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية هذه الهجمات العنيفة الى انها جاءت بعد رصد تحركات ل"حزب الله" لاطلاق موجة واسعة من الصواريخ وان هدف الهجمات هي الصواريخ الطويلة المدى . واوردت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان الجيش الإسرائيلي يستعد لهجوم واسع من جانب "حزب الله" خلال ٢٤ ساعة . كما تحدث الإعلام الإسرائيلي عن حالة تأهب قصوى في صفوف الجيش الإسرائيلي تحسبا لهجوم قد يشنه "حزب الله". كما أفيد ان وزير الدفاع الإسرائيلي وقع على امر اعلان حالة الطوارئ في شمال إسرائيل . كما اعلن الجيش الإسرائيلي فرض قيود على التجمعات من حيفا حتى الحدود مع لبنان .
وأعلن "حزب الله" انه استهدف موقع جل العلام بقذائف المدفعية وأصابه إصابة مباشرة. كما أعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في ثكنة بيريا بصلية من صواريخ الكاتيوشا، وكذلك استهدف مركز تموضع كتيبة إستطلاع 631 التابع للواء غولاني في ثكنة راموت نفتالي بصلية من صواريخ الكاتيوشا. كما استهدف أيضاً مقر قيادة كتيبة السهل في ثكنة بيت هلل بصلية من صواريخ الكاتيوشا. واستهدف ايضا تموضعا لقوات من لواء الـ300 التابع للفرقة 146 في ثكنة أدميت بصليات من صواريخ الكاتيوشا". كما قصف مقر قيادة فرقة الجولان 210 في قاعدة نفح وايضا المقر المستحدث لفرقة الجليل في اييليت هشاحر بصليات من صواريخ الكاتيوشا. كذلك استهدف موقع الرمثا في تلال كفرشوبا وثكنة زبدين في مزارع شبعا بالاسلحة الصاروخية المناسبة.
وأعلنت هيئة البث الإسرائيلي انه اعتباراً من فجر السبت ولمدة 24 ساعة، تم إغلاق جميع منشآت الطيران والمجال الجوي في داخل إسرائيل. وأشارت "يديعوت أحرونوت" الى ان إغلاق المجال الجوي الإسرائيلي هدفه إتاحة المجال لمقاتلات 35F التصدي لأسراب مسيّرات قد يطلقها حزب الله".