النهار

هل الاختراق من "قواعد الحرب" أم "جريمة إنسانية"؟ مرقص لـ"النهار": تحدّ عالمي يزعزع استعمال التكنولوجيا
المصدر: "النهار"
هل الاختراق من "قواعد الحرب" أم "جريمة إنسانية"؟ مرقص لـ"النهار": تحدّ عالمي يزعزع استعمال التكنولوجيا
جرحى بيجرز.
A+   A-
على مدى يومين حتى الآن، خرقت إسرائيل أمنيا قواعد غير مسبوقة، وعمدت إلى تفجير أجهزة "بيجير" ولاحقا أجهزة لاسلكية، مسببة حالة من القلق والصراع المفتوح.
 
وحتى الساعة، وصل عدد القتلى إلى ما يقارب الـ40 شخصا، وجرح ما يزيد على 3200، فهل ما حصل يعتبر جريمة حرب أم جريمة ضد الإنسانية؟
في الأساس، أي تمييز بين التعريفين وفق القانون الدولي؟ غالبا ما يدمج بين المفهومين في زمن الحروب. واللافت أن من قتل أو أصيب خلال اليومين المنصرمين، لم يكن على جبهات القتال أو الميدان العسكري، بل داخل المنازل أو على الطرق، لكنهم في الوقت نفسه كانوا يحملون تلك الأجهزة التي وزعت على عدد من عناصر "حزب الله"، فهل هذا الواقع يفيد أن ما حصل يدرج من ضمن "قواعد الحرب" أم أنه جريمة ضد الإنسانية؟
 
تحدّ عالمي
ينطلق رئيس مؤسسة "جوستيسيا" الحقوقية العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ المحامي الدكتور بول مرقص من القول إن "تفجير ‎أجهزة الاتصال يشكل انتهاكا للقانون الدولي الإنساني لكونه لا يميّز بين المقاتلين والمدنيين، فتقع إصابات عشوائية بين المدنيين. هذه قاعدة عرفية من قواعد الحرب لا يمكن إسرائيل التنصّل منها".
 
يشرح مرقص لـ"النهار" أن "إسرائيل لم تبرم البروتوكول الأول لعام 1977 الملحق باتفاقات جنيف لعام 1949 والذي يحمي المدنيين أثناء النزاعات المسلحة، إلا أنها لا تستطيع التنصل من القاعدة العرفية للحرب، لمجرد عدم إبرامها البروتوكول. أضف إلى ذلك أن تفخيخ أجهزة الاتصال وتفجيرها قد يصبح تحدّيا عالميا كبيرا يزعزع قواعد استعمال التكنولوجيا ويرفع أخطارها، ويُخشى معه أن تنسحب هذه التقنيات على بقية النزاعات في أماكن أخرى من العالم، أو أن تضرب قواعد السلامة والأمان المعلوماتي".
 
ولكن هل هذا التحدي يعتبر جريمة من ضمن قواعد الحرب أم جريمة ضد الإنسانية؟
 
يجيب مرقص: "إن تفجير وسائل الاتصال قد أدى واقعيا واحتماليا، إلى إصابة مدنيين، إن لم يكونوا يستعملوها، فكانوا قريبين منها وتضرروا نتيجة ذلك. ثم إن تحويل الأحياء السكنية إلى أهداف عسكرية وتعريض المدنيين للخطر، من شأنه أن يخالف قواعد الحرب عالميا وليس فقط تجاه مجتمع معين، تماما كما يخالف مبدأ التمييز بين المدنيين والمقاتلين أثناء النزاعات المسلحة، والذي أرساه القانون الدولي الإنساني، وخصوصا اتفاقات جنيف الأربعة لعام 1949 وبروتوكولاتها لعام 1977، وخصوصا الأول منها".
 
إذن، القاعدة الأساسية للتمييز بين المفهومين هي شمول المدنيين، أي التعرض لهم أو جعلهم في معرض الخطر والتهديد. واتفاقات جنيف الأربعة توفر حماية للمدنيين وغير المقاتلين خلال النزاعات المسلحة، وقد وقّعت إسرائيل هذه الاتفاقات، لكنها لم تصادق عليها".
 
أمام هذا التعريف الواضح، هل من تداعيات يمكن أن ترتد على إسرائيل بلغة القانون؟ يرى مرقص أنه "ينبغي أن تؤدي الانتهاكات المرتكَبة، كاستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية واستخدام القوة بصورة مفرطة وعشوائية، إلى التحقيق والمحاكمة وفقاً لأحكام المواد الرقم 3 والرقم 27 والرقم 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي ترعى وجوب حماية المدنيين وأحكام البروتوكول الأول. كذلك، تندرج قرارات مجلس الأمن في هذا الإطار، كالقرار الرقم 1738 في 23/12/2006 بعنوان حماية المدنيين في النزاعات المسلحة".
 
تداعيات... ودور لبنان
على الرغم من أن إسرائيل ليست طرفاً في البروتوكولات العائدة إلى هذه الاتفاقات، لا يسمح لها ذلك وفق القانون الدولي بالتنصل من موجبها الطبيعي والبديهي والعرفي في احترام المعايير الدولية الإنسانية، ولاسيما أن البشرية جمعاء باتت تهتدي بها وتحترمها معززة بالقواعد الدولية للصليب الأحمر التي تنص أيضا على تحييد المدنيين.
 
والسؤال: هل يمكن الدولة اللبنانية التحرك قانونيا ودوليا، أم أن المسار قد أقفل تماما أمامها؟
 
وفق مرقص ان "هذا التفجير لوسائل الاتصالات يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية بحسب اتفاقات جنيف وبروتوكولاتها، إلا أنه يصنّف أيضا على جريمة إرهاب. وعمليا، على القضاء اللبناني التحرك بسرعة وحزم وقوة وعلى نحو متناسق، عبر مراسلة السلطات الأجنبية حيث مركز الشركة المصنّعة أو البائعة، بالتنسيق الوثيق مع وزارة الخارجية اللبنانية".

اقرأ في النهار Premium