لودريان- ارشيفية.
يرى دبلوماسيون فرنسيون مسؤولون عن متابعة الوضع في لبنان أن زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لو دريان لبنان الاثنين، إذا تمت، رغم إلغاء رحلات الطائرات الفرنسية إلى لبنان، مهمة أكثر من أي وقت.
تأتي الزيارة في ظروف أصعب وأكثر تعقيداً من السابق، جراء التصعيد الإسرائيلي الذي استهدف لبنان وأوقع آلاف الجرحى وعشرات القتلى، وهو ما كانت فرنسا تحذر منه منذ بداية حرب غزة.
زيارة لودريان تهدف إلى النظر في تأثير الوضع المتدهور على الجبهة اللبنانية في الملف الرئاسي الذي كان قد تقدم رغم كل ما يقال بحسب المصادر الفرنسية، إذ أصبحت هناك قناعة لدى عدد كبير من الأطراف بضرورة أن يكون للبنان رئيس، واليوم هناك حاجة كبرى إلى رئيس يكون له هامش تحرك.
وتقول أوساط فرنسية مسؤولة إن اللبنانيين، وليس فقط "حزب الله"، لم يقتنعوا بتحذيرات فرنسا من التصعيد الإسرائيلي الآتي، فباريس نبهت منذ البداية اللبنانيين إلى أن إسرائيل لم تعد كما في الماضي، بفعل هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، إذ ترى الأوساط الفرنسية أن إسرائيل لم تكن تتخلى في الماضي عن رهائنها وتتركهم يُقتلون، أما الآن فهناك تغيير في ذهنية حكام إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي يبدو أنه وافق على ذلك. لقد تغيرت الذهنية الإسرائيلية وهذا التغيير الأساسي في المجتمع الإسرائيلي أسيء تقديره في لبنان.
وتضيف الأوساط نفسها أن المشكلة أن "حزب الله" ما زال يربط بين الحرب في غزة والحرب من لبنان. وعقلية الحزب أنها ليست المرة الأولى التي يتلقى ضربات وأنه بكل الأحوال سيعود لبنان وينهض مثلما حدث في الماضي. ومن الصعب الحديث مع الحزب الذي يفكر بذهنية المدى البعيد وليس على المدى القصير.
عن التوتر الذي ساد مكالمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تشير الأوساط الفرنسية إلى أن طريقة تعامل نتنياهو واستراتيجيته أنه عندما يتم انتقاده يبتكر دائماً شيئاً لرد الانتقاد، وكل مرة يتهم فرنسا بأنها ضد إسرائيل وأنها مع العرب ليخرج من موضوع الحديث. إنها استراتيجيته القائمة على اتهام فرنسا بمعاداة السامية.
أما الحل الدبلوماسي الذي تحدث عنه الرئيس الفرنسي خلال مخاطبته الشعب الفرنسي فيتمثل، بحسب الأوساط نفسها، بـ"العمل الذي قام به المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين والجهود الفرنسية وكيف يتم التقدم على هذه الأفكار الموجودة، فهي على الطاولة ومنها وقف التصعيد وكيفية تنفيذ أفضل للقرار 1701 وتعزيز قوات اليونيفيل وإعادة إطلاق المفاوضات على الحدود البرية، فكل هذه الأفكار موجودة لكن المشكلة أن البعض يقول إنه ليس بإمكاننا التفاوض ما دامت الحرب على غزة مستمرة، والآخرون يقولون إنه يجب التفاوض لأن حرب غزة مسألة أخرى".
وهناك قناعة لدى باريس بأن إيران لا تريد الحرب لكن السؤال هو: هل تدفع "حزب الله" إلى التصعيد والرد العنيف؟ لا أحد يعرف، تجيب الأوساط. أما عن إعادة بناء "حزب الله" قدراته فترى أنه ليس هناك أي شك بقدرات الحزب على المدى الطويل على إعادة بناء قدراته، خصوصاً أن تاريخ "حماس" أظهر أنه رغم قتل الكثير من عناصرها لم تنته. وفي التحليل الفرنسي أن بإمكان الحزب أن يعيد بناء قدراته، لكن السؤال هو متى يتم ذلك لأنه يحتاج إلى وقت لإيجاد قيادات بديلة من التي تمت تصفيتها وتدريبها.
إلى ذلك، يعقد هذا الأسبوع في باريس الاجتماع العسكري الدولي الذي يهدف إلى البحث في تعزيز تجهيزات الجيش اللبناني، بحضور ممثل عن قائده العماد جوزيف عون الذي لا يمكنه مغادرة البلد في هذه الظروف.