قبل أن يشيع "حزب الله" القيادي العسكري الكبير في المقاومة إبرهيم عقيل، افتتحت مرحلة "الحساب المفتوح" من خلال عملية "الفجر" لتتخطى كل الخطوط التي رسمتها المقاومة منذ 8 تشرين الأول (أكتوبر) الفائت. فماذا تحمل تلك المرحلة؟
منذ تموز 2006 لم تستهدف المقاومة المنطقة المحيطة بحيفا ولم تستخدم صواريخ بمديات تتخطى الـ50 كيلومتراً ومن خارج منظومة الصواريخ الدقيقة التي يسعى جيش الاحتلال إلى اكتشاف قدرتها.
لم يحدد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله التوقيت ولا نوعية الرد على مجزرتي أجهزة "البيجرز" والاتصالات، واكتفى بعبارة مفادها أن الرد "بما سترون لا بما تسمعون".
لا تزال تلك العبارة محط تمحيص لاستباط طبيعة الرد على الاعتداء والمجرزة غير المسبوقتين في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي.
ذلك كان قبل العدوان على الضاحية الجنوبية لبيروت وارتكاب مجزرة استشهد بنتيجتها نحو 50 مدنياً جلهم من الأطفال والنساء، وكذلك استهداف قياديين في "قوة الرضوان".
لم يشر الحزب في بيان نعيه للقيادي عقيل إلى أي رد، ولم يذكر ولو كلمة واحدة عنه.
حجم العدوان كان يتطلب رداً غير تقليدي وغير متعارف عليه منذ أكثر من 11 شهراً. ولم يتأخر الرد الأولي على مجزرة الاتصالات، وذلك من خلال إطلاق صواريخ متوسطة المدى وصلت إلى منطقة حيفا، وأرغمت نحو مليون إسرائيلي على دخول الملاجئ، في تكرار لما كانت عليه الأوضاع في تموز 2006.
كل ذلك اختصره نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم بـ"مرحلة الحساب المفتوح".
فالإطلالة المحبكة الإيقاع لقاسم خلال تأبين قائد عسكري كبير كانت دقيقة ومختصرة وفيها خلاصة أولية للمشهد الذي بدأ مع عملية "الفجر"، أي فجر الأحد الفائت.
ولقد جزم نائب الأمين العام للحزب بأن الأهداف التي وضعتها تل أبيب "للأسبوع الدامي"، فشلت، ومن أوجه ذلك الفشل استمرار جبهة الإسناد لغزة ومن ثم استهداف منطقة حيفا.
وإذا كانت الدفعة على الحساب هي ثلاث رشقات من صواريخ "فادي 1" و"فادي 2"، فإن الدفعات المقبلة ستكون ضمن مديات أوسع ما دامت الخطوط قد تم تجاوزها.
فالجغرافيا المستهدفة تضم محموعة من الجبال الحاكمة تبدأ من جبال الكرمل بعد حيفا وتمتد إلى وادي عارة وجبال جنين ووادي بيسان.
تلك المناطق التي تبعد أكثر من 50 كيلومتراً عن الحدود اللبنانية الجنوبية أضحت ضمن مناطق العمليات سواء للرد على ما ارتكبه جيش الاحتلال في لبنان، أو حتى ضمن جبهة الإسناد، وذلك كان واضحاً في كلام قاسم الذي أكد أن الإسناد سيتوسع.
المؤشر الثاني يكمن في نوعية الأهداف التي ضربتها المقاومة وهي حصيلة ما جمعته مسيرة "هدهد" في مهمتيها الأولى والثالثة، من خلال إدخال الصواريخ المتوسطة المدى.
كل ذلك ولم تستخدم المقاومة بعد الصواريخ الدقيقة التي لا تزال في أماكنها، ومعها أسرارها العسكرية التي تبحث عنها تل أبيب منذ سنوات طويلة.
من المؤكد أن المنطقة دخلت في مرحلة التصعيد غير المسبوق من نحو عام، وهذه المرحلة هي "معركة كسر الإرادات"، وسيلامس سياق هذه المرحلة الحرب الشاملة في ظل عدم اتخاذ قرار بخوضها.
والواضح أن المقاومة بحسب الوقائع الميدانية وما أعلنه عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله لا تعرف الفراغ في أي موقع، بدليل أنها سارعت إلى استيعاب العدوان (استهداف قادة الرضوان) ونتائجه.
لكن الوقائع تشي بتدحرج كبير، وما تشهده جبهة المواجهة سواء من عمليات للمقاومة أو من خلال موجات الغارات المكثفة التي تستهدف معظم الجغرافيا اللبنانية للمرة الاولى منذ نحو عام، يعجل الخطى نحو الحرب الواسعة، وإن كان ما يجري اليوم حربا ولو من دون اكتمال بعض عناصرها.
[email protected]