أمّا وقد تورّطت البلاد، فقد باتت الاحتمالات التربوية والمدرسية مفتوحة على كل الخيارات، وأولها التعليم عن بعد.
ينطلق وزير التربية عباس الحلبي من قاعدة أساسية: "عدم توقف العملية التعليمية بأيّ شكل من الأشكال، وإن موقتاً"، وعلى هذا الأساس، تبدو العودة الى "الأونلاين" من أبرز الخيارات المطروحة والملحّة.
هكذا، بدأت الاستعدادات داخل وزارة التربية للتحضير لهذا الخيار، وقد طلب الحلبي من الهيئات التربوية درس احتمال التعليم عن بعد وإيجاد الوسائل لتأمين نجاحه.
وبناءً على ذلك، تكثفت التحضيرات ابتداءً من أمس لهذا الاحتمال الذي بدأ يرتفع منسوبه.
في معلومات "النهار"، تشكلت لجان للبدء بالاستعدادات، ولا سيما على صعيد المركز التربوي للبحوث والإنماء والمديرية العامة للتربية، إن كان بالنسبة الى وضع الجداول والمناهج، أو بالنسبة الى درس كل الإمكانيات المطلوبة.
أكثر ثقلاً من "كورونا"
من المعلوم أن المدارس الجنوبية التي تقع عند المناطق الحدودية سبق أن اعتمدت هذه التجربة العام الماضي، منذ بدء حرب غزة في 7 تشرين الأول الفائت، إلا أن الواقع اليوم بات أكثر ثقلاً، ولأكثر من عامل.
العامل الأول، إمكان خرق الاتصالات أو بالحد الأدنى ضعف الانترنت والشبكة عموماً. وتكشف مصادر في وزارة التربية لـ"النهار" أن "هذا العامل يُبحث حالياً في الاجتماعات التنسيقية بين القطاعات التربوية كافة، وبالطبع وزارة الاتصالات، للتمكن من إمكان أخذ الخيار المناسب والناجح".
العامل الثاني، توزع عدد كبير من النازحين جنوباً وبقاعاً، داخل مدارس رسمية في بيروت وجبل لبنان، فضلاً عن مراكز إيواء، وبالتالي، درس إمكان تجهيز هذه الأماكن إذا ما تقرر التعليم عن بعد، لأن الظروف الأمنية راهناً، تحول دون إمكان تطبيق التعليم عن بعد في مدارس الجنوب التي باتت فارغة، فضلاً عن المدارس والجامعات في البقاع أيضاً.
العامل الثالث نجاح تجربة "الأونلاين" نسبياً خلال فترة جائحة "كورونا" تخلله الكثير من الشوائب والثغرات، ولا سيما بالنسبة الى بعض المدارس الرسمية. من هنا، يُعمل على الاحتياط حالياً لسدّ هذه الثغرات، إذا أمكن، إلا أن الواقع الأمني اليوم يختلف تماماً عما كان عليه خلال "كورونا". يومها، كان اللبنانيون مطمئنين في منازلهم، يختبئون من نقل الأمراض والفيروس فحسب، أما الوضع اليوم فمختلف تماماً.
من هنا، لا يمكن أن تنسحب تجربة "كورونا"، مئة في المئة على تجربة "الأونلاين" اليوم في حال اعتمادها. كلّ هذه العوامل تجعل التجربتين مختلفتين. هذا الأمر، يعيه المعنيون جيداً، وهو يفرض نفسه كعامل ضغط أمام "الأونلاين".
التهديد بات يلّف البلاد، انطلاقاً من أن "لا خيمة فوق رأس أحد". لذلك، تشدد الأوساط على أن "هذا الوضع تدرسه الوزارة بعناية، مع كل القطاعات، والأهم مع كلّ المدارس والجامعات أيضاً، الرسمية والخاصة، لضمان انطلاق تجربة "الأونلاين"، إذا تمّت، بنجاح. وفي مقدّم الأمور الملحّة التي تجري مناقشتها أن يكون التلامذة والأساتذة معاً بأمان كي يستطيعوا تنفيذ مهمة الأونلاين".
لا شك في أن عدداً من المدارس الخاصة تبدو "مرتاحة" أكثر لخيار "الأونلاين" من مدارس أخرى، ولا سيما من بعض المدارس الرسمية.
وقد علمت "النهار" أن بعض المدارس، في أكثر من منطقة لبنانية، التي سبق أن افتتحت موسمها الدراسي لهذا العام، قد أعلمت التلامذة والأهل بإمكان اللجوء الى التعليم عن بعد، إذ إن بعضها أرسل تعاميم الى الأهل تفيد بأن "كل الخيارات مفتوحة، وأن كادرها التعليمي والتربوي في حال من الجهوزية التامة لاعتماد الأونلاين".
أما في ما يتعلق بالمدارس الرسمية، فإن العام الدراسي لم ينطلق بعد. واليوم، بات عدد لا بأس به من هذه المدارس، في أكثر من منطقة، مركزاً للنازحين، إلى جانب عدد محدود من المدارس الخاصة. وهذا عامل يضغط على العملية التربوية والتعليمية.