في تطوّر دراماتيكي خطر استدعى تدخّلاً سياسياً وعسكرياً لضبط الأوضاع الأمنية على الأرض، سقط 4 ضحايا في خلدة إثر إطلاق نار كثيف وقذائف "أر بي جي" استهدف موكب تشييع الشاب علي شبلي، الذي سقط بالأمس في عملية قتل ثأرية في الجية. وفرض الجيش طوقاً أمنياً في محيط "سنتر شبلي" بخلدة، وعمل على إجلاء مشاركين في الجنازة، بعد إطلاق النار المتبادل بين أفراد من عرب خلدة ومشاركين في التشييع.
وعُرف من بين الضحايا طبيب الأسنان محمد أيوب، صهر الضحية علي شبلي.
ومنذ بعض الوقت، أخلى الجيش جثمان علي شبلي و15 فرداً من عائلته كانوا محتجزين في منزل شبلي في خلدة، وتم نقلهم إلى خارج المنطقة بالسيارات العسكرية والملالات
وكان الجيش عزّز انتشاره في منطقة خلدة مسيّراً دوريات راجلة ومؤللة، مؤكّداً أنّ "وحداته المنتشرة في خلدة ستُطلق النار باتجاه أيّ مسلح يتواجد على الطرقات في خلدة وباتجاه أيّ شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر".
وأطلق سكان خلدة والدوحة نداءً عاجلاً للجيش، عبر "النهار"، بـ"تكثيف التواجد على الأرض وضبط الوضع" وسط حالة من الرعب والتوتّر الشديدين،في حين شهدت الأحياء نزوحاً لعدد من أهالي خلدة في ساعات المساء الأولى.
وفي مشهد متّصل، اشتعلت النيران بسيارة مركونة مقابل "سنتر شبلي" في خلدة، وسط انتشار للجيش من دون معرفة أسباب الحريق وملابساته.
ودعا الصليب الأحمر إلى "وقف إطلاق النار فوراً حتى تتمكن فرقنا من التدخل لإسعاف الجرحى ونقلهم الى المستشفيات".
كما عمل الجيش على قطع الطريق في الأوزاعي بالاتجاهين، مع انتشار كثيف لعناصر حزبية.
تحرّك رسمي
أشارت رئاسة الجمهورية إلى أنّ الرئيس ميشال عون "تابع الأحداث الأمنية المؤسفة التي شهدتها منطقة خلدة، وطلب من قيادة الجيش اتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء إلى المنطقة، وتوقيف مطلقي النار وسحب المسلحين وتأمين تنقل المواطنين بأمان على الطريق الدولية".
واعتبر عون أنّ "الظروف الراهنة لا تسمح بأيّ إخلال أمنيّ أو ممارسات تذكي الفتنة المطلوب وأدها في المهد، ولا بدّ من تعاون جميع الأطراف تحقيقاً لهذا الهدف".
من جهته، تابع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أحداث خلدة وأجرى اتصالاً بقائد الجيش العماد جوزاف عون، الذي أكّد أنّ "الجيش سيعزز تواجده في المنطقة لضبط الوضع".
ودعا ميقاتي أبناء المنطقة إلى "الوعي وضبط النفس حقناً للدماء وعدم الانجرار إلى الفتنة والاقتتال الذي لا طائل منه".
موقف "حزب الله"
إلى ذلك، أشار "حزب الله" إلى أنّ "المشيّعين تعرّضوا لمكمن مدبّر وإطلاق نار كثيف من قبل المسلحين في خلدة ممّا أدّى إلى استشهاد اثنين من المشيّعين وسقوط عدد من الجرحى".
وأضاف في بيان: "إن قيادة (حزب الله) إذ تتابع الموضوع باهتمام كبير ودقّة عالية تطالب الجيش والقوى الأمنية بالتدخل الحاسم لفرض الأمن والعمل السريع لإيقاف القتلة المجرمين واعتقالهم تمهيداً لتقديمهم إلى المحاكمة".
(حسام شبارو)
وكان المدعو أحمد غصن قد أطلق النار مباشرةً نحو شبلي في حفل زفاف بالجية مساء أمس. وشبلي من المناصرين المعروفين لـ"حزب الله". وأحمد هو شقيق الفتى حسن غصن الذي قضى في إشكال على خلفية رفع يافطة عاشورائية في خلدة العام الماضي.
وفي وقت سابق اليوم، أشارت "عشائر العرب" تعليقاً على مقتل شبلي إلى أنّه "من العادات والتقاليد الأخذ بالثائر إذا لم تتمّ مصالحة بين المتخاصمين"، موضحةً أنّ "ما حصل بمقتل علي الشبلي ليس إلّا اخذ بثأر والقاتل شقيق المقتول حسن غصن".
وأضافت في بيان: "نتمنى على ذوي المقتول علي شبلي اعتبار القتل عين بعين ولا يتجاوز ذلك وأنّنا جميعاً نحرص على الحفاظ على السلم الأهلي وحق الجوار والمشاركة الوطنية"، معتبرةً "الحادثة ثأرية لا أكثر وتضع في يد القضاء اللبناني إلى أن يأمر الله بأمره".
كما شدّدت العشائر إلى أنّها "ترجو ألّا يجرّها الأمر إلى فتنة لا تحمد عقباها"، لافتةً إلى أنّ "يدها بيد كل من يريد صلحاً وخير للوطن والأمة".
من جانبه، أكّد "حزب الله"، تعليقاً على مقتل الشاب علي شبلي في منطقة الجية، و"الذي قضى بفعل منطق التفلت والعصبية البعيدين عن منطق الدين والدولة، رفضنا المطلق لكلّ أنواع القتل والاستباحة للحرمات والكرامات".
وأهاب "حزب الله" في بيان "بالأجهزة الأمنية والقضائية التصدي الحازم لمحاسبة الجناة والمشاركين معهم، إضافة إلى ملاحقة المحرضين الذين أدمنوا النفخ في أبواق الفتنة واشتهروا بقطع الطرقات وإهانة المواطنين".
وأكّد الحزب "قيام الدولة بواجبها في الملاحقة والمحاسبة".
جنبلاط
أكد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أنّه "لا بد من توقيف الذين أطلقوا النار اليوم قبل الغد، وأن تأخذ العدالة مجراها. ولاحقاً مع العقلاء من الطائفة الواحدة المسلمة، الطائفتين الشيعية والسنية، لا بد من صلح عام عشائري لأن طريق صيدا هي طريق الجميع من كل الفئات والمذاهب".
وقال جنبلاط، في حديث تلفزيوني تعليقاً على أحداث خلدة: "مستعد لإقامة الصلح إلى جانب الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمفتي عبد الأمير قبلان، ولكن بداية لا بد للجيش أن يوقف مطلقي النار وثم إحالتهم الى المحاكمة، فعلى الدولة أن تتحرك أولاً".
وذكّر جنبلاط بحادثة الزيادين قائلاً: "يومها كان لي موقف مع مفتي الجمهورية في جامع الخاشقجي".
كما أكد جنبلاط أنّه "لا أخاف من جر البلد إلى فتنة، ولكن هناك أمور لا بد من معالجتها بسرعة"، داعياً "العشائر العربية إلى التحلّي بالهدوء، فطريق خلدة الناعمة صيدا لجميع اللبنانيين دون استثناء".
وتابع: "ندعو الى الصلح العشائري بعد أن تأخذ العدالة مجراها"، نافياً أن "يكون الشيخ عمر غصن منتمياً إلى الحزب التقدمي الاشتراكي".
أرسلان
اعتبر رئيس الحزب "الديموقراطي اللبناني" النائب طلال أرسلان أنّ "ما يحصل في خلدة فعل مستنكر ومدان ويعكس خطورة ما وصلنا إليه"، داعياً "قيادة الجيش والأجهزة الأمنية للتدخل الفوري وتطويق المنطقة وفرض حظر تجوّل للساعات المقبلة".
وأكّد أرسلان، في تغريدة، أنّ "التواصل قائم مع الجميع لفرض التهدئة وعلى الجميع التجاوب مع الأجهزة الأمنية".
(حسام شبارو)
كما استنكر الحزب "الديموقراطي اللبناني"، في بيان، الأحداث الأليمة التي شهدتها منطقة خلدة اليوم، معتبراً أن "ما حصل هو تهديد للسلم الأهلي وضرب لاستقرار المنطقة".
ودعا الأجهزة الأمنية والقضائية إلى "ضبط الوضع وبسط سلطة الدولة وتوقيف القتلة والعمل على محاسبتهم منعاً لوقوع الإشكالات وتفادياً لخسارة المزيد من الضحايا والإنزلاق نحو الفتنة"، وشدّد على "ضرورة العمل والتنسيق بين مختلف الأحزاب والمسؤولين لإنهاء ذيول الحادثة منعاً لتكرارها وحفاظاً على أمن المنطقة خصوصاً في ظل ما يشهده لبنان من أزمات وتفلت أمني".
وكان أرسلان قد أجرى اتصالات مع عدد من الجهات السياسية والأمنية من أجل التهدئة وتطويق ذيول الإشكال الذي حصل.
المجلس الشيعي الأعلى
من جهته، استنكر نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب بـ"شدّة جريمة اغتيال الشهيد المظلوم علي شبلي والاعتداء على موكب التشييع في اجرام موصوف وعمل مشبوه يهدف الى احداث فتنة ينبغي وأدها واجتثاث عناصرها، ولا سيما انها تتماهى مع الاعتداءات الهمجية التي تستهدف ترويع الآمينين والسالكين للطريق الساحلي".
وطالب الخطيب "الجيش والقوى الأمنية بالتحرك السريع لضبط الأمن وعدم السماح لعناصر الفتنة بالتسلل الى ساحتنا الداخلية والعبث بالاستقرار الوطني، مما يستدعي الحزم في ملاحقة المجرمين والمحرضين والمشاركين وانزال اقسى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لمن تسول له نفسه قتل المواطنين وتعريض امنهم للخطر".
(حسام شبارو)
(حسام شبارو)
(حسام شبارو)