النهار

معاناة ليليان شعيتو مستمرة... الدواء غير متوفر في لبنان والحجز على أموالها يعيقها من العلاج (فيديو)
المصدر: "رويترز"
معاناة ليليان شعيتو مستمرة... الدواء غير متوفر في لبنان والحجز على أموالها يعيقها من العلاج (فيديو)
ليليان شعيتو.
A+   A-
عشية ذكرى انفجار مرفأ بيروت الثانية، سلّطت وكالة "رويترز" الضوء من خلال التقرير أدناه على الضحية ليليان شعيتو، التي أُصيبت في انفجار مرفأ بيروت بإصابات بالغة، وعلى معاناتها في المستشفى، في ظل الظرف الصحي الاستثنائي الذي تعاني منه.
 
ظلت ليليان شعيتو تتنفس بصعوبة إلى أن وصلت ممرضة إلى سريرها في المستشفى، إذ قضت الشابة البالغة من العمر 28 عاما العامين الماضيين كلهما تقريبا في معاناة صامتة بعد انفجار مرفأ بيروت في عام 2020.

وباستخدام آلة شفط، أفرغت الممرضة رئتيها من البلغم المتراكم وهدأ صدر شعيتو أخيرا.
 

لكن القاعات الهادئة في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت- حيث تعيش منذ انفجار الرابع من آب 2020- لم تجعلها محمية من الانهيار الذي يعاني منه لبنان.

فقد أصبحت ليليان وعائلتها محاصرين وسط أزمات بلدهم المتعددة- من قطاع صحي متدهور لم يعد بإمكانه علاجها، إلى المؤسسات الحكومية المشلولة والبنوك التي حالت دون وصولهم إلى مدخراتهم.
 
 
وقالت شقيقتها الكبرى نسمة لرويترز "ليليان تمثل معاناة الشعب اللبناني لأنها تعاني من كل هذا".

كانت ليليان قد أصيبت بأضرار بالغة في فصوص دماغها الأمامية تركتها في غيبوبة استمرت لأشهر وتطلبت خضوعها لثلاث عمليات جراحية.

وفي يوليو تموز، نطقت بأول كلمة لها منذ ما يقرب من عامين- "ماما"- فهم أشقاؤها أنها صرخة نداء لطفلها الصغير علي، الذي لم تره منذ الانفجار بسبب نزاع على الحضانة مع زوجها.

ولا تزال ليليان مشلولة تقريبا، حيث تتواصل عن طريق إغماض عينيها لتأكيد أمر ما أو إدارة رأسها المغطاة بالضمادات بعيدا لرفضه.

وفي أفضل أحوالها، يمكنها أن تلوح تلويحة مرتعشة بيدها اليسرى، الموصولة بمحاليل طبية تمدها بنحو ستة أنواع من الأدوية.

ويشمل ذلك مسكنات للألم وعلاجا للصرع تقول شقيقاتها إنه غير متوفر في لبنان، حيث عرقل الانهيار المالي على مدى ثلاث سنوات استيراد العديد من الأدوية.

وتطلب شقيقاتها من الأصدقاء والمعارف القادمين من الخارج إحضار الأدوية، وتدفع ثمنها بالدولار الأمريكي الذي يصعب الوصول إليه مع استمرار انخفاض قيمة العملة اللبنانية.
 

وتقيم ليليان في غرفة خانقة في الطابق التاسع، بها مروحة صغيرة غير قادرة على تبديد رطوبة الصيف. ومثل العديد من المنازل والمكاتب في جميع أنحاء لبنان التي تكافح من أجل التعامل مع التخفيضات في طاقة شبكة الكهرباء الحكومية والارتفاع الشديد في أسعار الوقود، يقوم المستشفى بترشيد إمدادات الديزل الخاصة من خلال الحد من ساعات عمل تكييف الهواء المركزي.

لكنها لن تبقى هناك لفترة أطول.

فقد أبلغ المركز الطبي بالجامعة الأمريكية في بيروت العائلة في فبراير شباط أن المنظمة الخيرية التي تغطي تكاليف إقامتها لم تعد قادرة على تحمل ذلك، وأنه سيتعين عليها الانتقال إلى مركز إعادة تأهيل متخصص لمتابعة علاجها.

وقالت نسمة "تلك المراكز الخاصة تطلب المال، وللأسف لا نستطيع تحمل ذلك- ولا حتى جزء منه- لأن أموالنا في البنوك".

وتملك شقيقتهما الكبرى نوال حوالي 20 ألف دولار ادخرتها في حساب بالعملة الأمريكية في بنك عودة وتريد استخدامها في علاج ليليان.

لكن منذ اندلاع الأزمة المالية في عام 2019، منع العديد من البنوك اللبنانية العملاء من سحب مدخراتهم بالعملة الصعبة من خلال ضوابط غير رسمية على رأس المال.

وتفرض البنوك سقفا على عمليات السحب النقدي الشهرية بالدولار الأمريكي وتسمح بسحب مبالغ محدودة أخرى بالليرة اللبنانية بسعر أقل بكثير من سعر السوق الموازية.

وتقول البنوك إن القيود تمنع تدفق العملاء لسحب الودائع، لكن بعض الناس يقولون إنها لا تنطبق على الأغنياء وذوي النفوذ.

وتركت الحكومات المتعاقبة الانهيار المالي يتفاقم حتى مع تسببه في انزلاق غالبية السكان في أتون الفقر.

ويُلقى باللوم على نطاق واسع في عرقلة الحلول على مصالح الطوائف الحاكمة التي تمكنت من الحفاظ على قبضتها على السلطة في انتخابات مايو أيار.

وتزعم عائلة ليليان ومحاميها أن القيود تعرقل تعافيها لأن سحب الأموال بسعر البنك المنخفض سيقلل من قيمتها.

وقال فؤاد دبس، الشريك المؤسس لرابطة المودعين اللبنانيين، إن ذلك سيمثل في نهاية المطاف خفضا غير رسمي في القيمة بأكثر من 80 بالمئة.

وأضاف لرويترز "نوال ادخرت المال وهي الآن بحاجة للمال لتنفقه على ليليان لكن البنك ... لا يسمح لها بسحب المال".

وردا على أسئلة عبر البريد الإلكتروني من رويترز، قال متحدث باسم بنك عودة إن القيود تفرضها الأزمة اللبنانية وليس بنك عودة.

وذكر المتحدث أن البنك حريص بشكل عام على تقديم دعم استثنائي بما في ذلك دفع تكاليف الرعاية الطبية، وقال إنه لم يمتنع أبدا عن تقديم أي دعم ممكن لليليان، لكنه لم يذكر ما إذا كان قد سمح للعائلة على وجه التحديد بعمليات سحب استثنائية لدفع تكاليف رعايتها.

ورفعت رابطة المودعين أكثر من 350 دعوى قضائية على بنوك لبنانية على مدى السنوات الثلاث الماضية، معظمها لعملاء يسعون للوصول غير المقيد إلى مدخراتهم من أجل دفع رسوم التعليم أو الرعاية الصحية.

وكسب بعض العملاء القضايا لكن العديد لم يحصلوا على حكم بعد.

وفي مثال آخر على كيفية تأثير الانهيار اللبناني على ليليان، فإن إضرابا مفتوحا في المحاكم جعل الرابطة غير قادرة على تقديم شكوى ضد بنك عوده خلال الشهر الماضي.

وقال دبس "إنه انعكاس لانهيار النظام برمته".

اقرأ في النهار Premium