الكابوس عينه، وإن من خلال شخصيات وأماكن مختلفة. حادثة تحرّش جديدة تهزّ لبنان طارحةً علامات استفهام حول استفحال هذه الظاهرة مؤخّراً، وسط غياب أيّ تحرّك عمليّ، لردع الوحوش البشريّة التي باتت تهدّد كلّ عائلة.
"ما في أمان" عبارة بتنا نسمعها بشكل شبه يوميّ لتعبّر عن حجم الخيبة التي نعيشها في بلد لا يشبه "الوطن" سوى باحتضانه الفلتان والتستّر على المجرمين وغياب العدالة.
وعلى"الدارج" وفقاً للثقافة اللبنانية، لا يزال الاعتداء الجنسي بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، يعتبر "فضيحة" يجب التستّر عنها وعدم التحدّث بها جهراً، هذا عدا توجيه أصابع الاتّهام إلى الضحيّة وأهلها والغوص بـ"كيف" و"ليش"، إذ سارع عدد من الناشطين إلى تحليل الروايات والسيناريوهات متناسين حجم الأثر النفسيّ التي تحفره هكذا حوادث في الذاكرة.
هي إذاً مأساة جديدة تضاف إلى قائمة المآسي التي تعرّض لها الأطفال مؤخّراً، حيث قامت إحدى الأمّهات بتوزيع نصّ عبر مجموعة نسائية موجودة في مواقع التواصل، روت خلاله ما تعرّضت له ابنتها البالغة من العمر 10 سنوات.
تروي الأمّ من خلال الرسالة الموزّعة أنّ "الدنيا توقّفت عندها وأنّها غير قادرة على جمع أفكارها لاستيعاب صدمة ما حصل". وتذكر أنّها كانت برفقة ابنتها في فندق "كورال بيتش"، وخلال تناول وجبة الغداء أخبرتها ابنتها بأنّها ذاهبة إلى المرحاض لغسل يديها، وبعد أقلّ من 5 دقائق عادت وأخبرتها بأنّ أحدهم قام بحبسها داخل المرحاض وأجبرها على خلع ملابسها.
تضيف الأمّ أنّ الرجل هدّد ابنتها في حال "طلع صوتها"، وأنّه طلب منّها الانتظار ليخرج هو أوّلاً ثمّ تلحق به، وفي حال سألها أحدهم عن سبب التأخير "قولي علقت بالحمّام".
وتوضح أنّ الرجل عمد إلى الهروب من الفندق، حيث سقطت منّه مفاتيح باب المرحاض التابعة لإحدى الموظفات، وأنّها كانت غير موجودة في ذلك الحين.
تشدّد الأم على شعورها بالفخر تجاه ابنتها التي قامت بإخبارها بما حصل، وتقول: "أنا بنتي قويّة، بعرف بدّا متابعة وبدّا معالج نفسي حتى انشالله تتخطّى يلّي صار". وتتابع: "أنا أخدت بنتي عند الدكتور والحمدلله هيّي منيحة جسدياً وحتى ما في آثار عنف جسدي كتّر خير الله بس يلّي بيصدم إنّو الدكتورة يلّي كنّا عندا قالتلي الأسبوع الماضي إجا لعندا نفس الحالة ونفس عمر بنتي ونفس المحل".
وتختم رسالتها بالتأكيد على أنّها لن تترك حقّ ابنتها، وأنّ الموضوع لدى القضاء.
"النهار" حاولت التواصل مع إدارة الفندق للوقوف عند ما حصل، وكان الجواب على لسان المحامي محمد حيدر الوكيل القانوني لشركة "كورال بيتش" الذي كشف لـ"النهار" عن توقيف المعتدي "ر. ف." منذ قليل". وقال: "متعاطفون مع الطفلة، والفندق يلتزم بأعلى معايير الأمان من ناحية الدخول والخروج، وما حصل أنّ أحد الداخلين الذي قال إنّه ذاهب إلى المطعم الملاصق، لاحقاً تبيّن بحسب كاميرات المراقبة في المكان أنّه توجّه إلى المرحاض"، زاعماً أنّ "باب المرحاض غير مخلوع".
وأضاف: "التحقيق هو عكس كلّ ما يُحكى، واحتراماً لسريّته سنلتزم الصمت ولن نتكلم بالتفاصيل، ونؤكّد أننا سنسير في الملفّ حتى النهاية لجلاء الحقيقة، وسنبقى ملتزمين أعلى درجات الأمان".
وتابع في حديثه لـ"النهار": "إدارة الفندق قامت بالإدلاء بإفادتها لدى فصيلة بئر حسن واتّخذت صفة الادّعاء الشخصي ضدّ مجهول، كما طلبنا من القوى الأمنية سحب داتا الاتصالات".
ولدى سؤاله عن معلومات انتشرت تفيد بأنّ الحادثة ليست الأولى بل سبق وشهد الفندق حوادث مشابهة، كان جوابه أنّ الأمر "غير صحيح وننفي نفياً قاطعاً"، قائلاً: "نتحدّى من يقول عكس هذا، وسيكون لإدارة الفندق لاحقاً بيان يوضح ما حصل".
وعن الرقابة التي كان من المفترض أن تكون متوّفرة على أبواب المرحاض، وكيف لرجل أن يدخل إلى حمّام النساء، قال إنّ "الدخول إلى المرحاض يتمّ عبر طريق واحد".
مصدر أمني كشف لـ"النهار" أنّ "التحقيق متواصل بالحادثة بشكل جدّي"، لافتاً إلى عدم وجود اغتصاب، مؤكّداً أنّ عائلة الفتاة تقدّمت بشكوى والحادثة قيد التحقيق".
يُذكر أنّ صفحة "وينيّي الدولة" قامت بنشر فيديوًا للمتحرّش، وقالت إنّ الوالدة هي من أرسلته وطلبت المساعدة في التعرّف عليه لمحاكمته وإيداعه السجن.
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.