أحمد منتش
تحوّلت صلاة الجمعة التي دعا إليها اتّحاد بلديات العرقوب قبل الظهر قرب بركة بعثائيل، قبالة موقعي السماقة ورويسات العلم الإسرائيليّين في تلال بلدة كفرشوبا (العرقوب)، تضامنا مع الراعي ناصر اسماعيل الذي تصدّى لجرّافة إسرائيليّة كانت تقوم بأعمال جرف التربة في أرضه الأربعاء الفائت، وتأكيداً على حقّ لبنان وأبناء البلدة والعرقوب في ملكية الأراضي في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا، إلى مواجهات عنيفة وحادّة بين المشاركين الذين اقتحموا مراراً الشريط الشائك ورشقوا الدبّابات والجنود الإسرائيليّين بالحجارة من مسافة قريبة جدّاً، وبين قوّات الاحتلال التي استقدمت تعزيزات عسكرية مؤلّلة ومصفّحة، ورمتهم بعشرات القنابل الدخانيّة والمسيّلة للدموع، بحيث أصيب عشرات منهم بأعراض ضيق تنفّس واختناق وحالات إغماء. وبذل الجيش اللبنانيّ الذي عزّز حضوره في المنطقة واستنفر في وجه الإسرائيليّين، جهوداً مضنية في حماية الناس وضبط الوضع على كلّ الصعد، رغم الإمكانات المحدودة المتوافرة لديه، فيما اكتفت قوّة "اليونيفيل" بمهمّة مراقبة الوضع والفصل بين الطرفين على جانبي خطّ الانسحاب، من دون أن تتدخّل أو تمنع أيّ شخص من تخطّي الشريط الشائك، حيث تولّى ضبّاط الجيش معالجة معظم الأمور بحكمة وهدوء.
الصور بعدسة الزميل أحمد منتش:
من الحادية عشرة قبل الظهر، بدأ توافد أبناء كفرشوبا وعدد كبير من أبناء منطقة العرقوب إلى باحة قريبة من البركة قبالة موقعي السمّاقة ورويسات العلم الإسرائيليّين، على مسافة نحو 700 متر، حيث انتشر الجيش مع قوّة كبيرة من "اليونيفيل" في المكان. ومع ارتفاع أعداد المشاركين في الموقع المعدّ لصلاة الجمعة، بدأ عدد كبير من الشبّان والفتيات وحتّى الأولاد بتخطّي المكان والتوجّه مشياً في اتّجاه الشريط الشائك، حيث تصدّى الراعي للجرّافة الإسرائيليّة قبالة موقع السمّاقة.
فلحقت بهم قوّة من الجيش ودوريّة أمميّة. غير أنّ كثيرين منهم تمكّنوا من تجاوزه. وعلى الفور حضرت قوّة إسرائيليّة معزّزة بدبّابة ميركافا، وتمركزت على بعد أمتار قليلة منهم، فعمدوا إلى رشقها بالحجارة، واضطرّ الجنود الإسرائيليّون إلى الاحتماء خلف آليّاتهم وسيّاراتهم العسكريّة المصفّحة، وسط صرخات التكبير وهتافات "الموت لإسرائيل". وبعد وقت قصير، عمد الإسرائيليّون إلى رمي قنابل دخانيّة ومسيّلة للدموع في اتّجاه المتظاهرين، ما أسفر عن إصابة عدد كبير منهم بحالات إغماء وأعراض ضيق تنفّس واختناق، وبينهم المصوّر الزميل نبيل اسماعيل، فاضطرّ عدد منهم إلى الابتعاد عن المكان، فيما اتّخذ جنود الجيش اللبنانيّ أوضاعاً قتاليّة، وعملوا في الوقت نفسه على مساعدة المتظاهرين والطلب منهم البقاء خارج خطّ الانسحاب. وحضر إلى المكان النائب قاسم هاشم الذي جدّد المطالبة بانسحاب القوّات الإسرائيليّة من تلال كفرشوبا ومزارع شبعا "كونها أراضيَ لبنانيةً"، متناولاً ما تقوم به من تعدّيات وخروق.
صلاة الجمعة
وأمّ مفتي حاصبيا ومرجعيون الشيخ محمّد دلي المصلّين بمشاركة النائب قاسم ورؤساء المجالس البلديّة والاختياريّة في العرقوب، في حضور عدد من ممثّلي الأحزاب وعلماء الدين وكاهن رعية راشيّا الفخّار ممثّلاً متروبوليت صيدا ومرجعيون للروم الأرثوذكس. وأطلق المفتي دلي على المكان الذي تصدّى فيه الراعي للإسرائيليّين اسم "بوّابة اسماعيل".
وبعد خطبة الجمعة، توجّه عدد من المشاركين نحو موقع رويسات العلم، وتمكّنوا من الوصول الى بعض النقاط التي يتمركز فيها عادة الإسرائيليّون. ولكن مع وصول دبّابة ميركافا وقوّة إسرائيليّة إلى المكان، بدأت على الفور بإلقاء عدد كبير من القنابل المسيّلة للدموع، واستمرّت المواجهة الثانية نحو نصف ساعة حيث اضطرّ المتظاهرون إلى إخلاء المكان بعد تعرّضهم لحالات إغماء وأعراض اختناق. واستطاع أحد المشاركين رفع علم لـ"حزب الله" في موقع يتمركز فيه الإسرائيليّون.
يُذكر أنّ هذه المواجهة المباشرة هي الأولى منذ احتلال إسرائيل مزارع شبعا عام 1967. وبدءاً من الثالثة بعد الظهر، غادر المشاركون المكان.
وكان لافتاً أنّ قطيعاً من الماعز تخطّى خلال المواجهة الشريط الشائك ووصل إلى دبّابة الميركافا وإلى الجنود الإسرائيليّين، قبل أن يعود صاحبه ويتمكّن من إخراجه.