كارثة بيئية بكل ما للكلمة من معنى! إنّه مسلسل الحرائق الذي يعود إلى الواجهة، بعد عامٍ على حرائق مشابهة تعرّض لها الغطاء النباتي في لبنان، في غياب السياسات البيئية والخطط الشاملة لإدارة كوارث كهذه، كأنّ الجهات المعنية لم تتعلّم من المأساة السابقة.
"كانت متوقّعة وفاقت المعدلات الطبيعية". هكذا يصف الدكتور جورج متري، الخبير في الحرائق والغابات، الحرائق التي شبّت أخيراً في مناطق لبنانية عدّة. ففي المناطق الجردية (عكار ومنجز و شيخلار الحدودية، وغيرها)، التهمت النار أشجاراً معمّرة ونباتات مستوطنة، بعضها نادر، في "مناطق حساسة بيئياً"، وفقاً لمتري.
حرائق الساعات الـ48 الماضية التي قضت على غابات واسعة في مناطق عدة، كالشوف والمتن الأعلى وعكار وجزين وصور، عنها أشار متري في حديث مع "النهار"، إلى أنّ بيانات مؤشر خطر اندلاع الحرائق "أظهرت احتمالاً كبيراً لارتفاع معدلاتها". ويعود ذلك إلى عوامل الطقس المسيطرة، والمتمثلة بالتدنّي في مستويات الرطوبة في المناطق الداخلية، وارتفاع الحرارة التي ترافقت وهواء الجاف.
وكانت المديرية العامة للدفاع المدني حذرت المواطنين في بيان، اليوم، من مخاطر اندلاع الحرائق، استناداً الى نشرة احتمال حرائق الغابات التي اظهرت أنّ عدداً من المناطق اللبنانية تحت خطر نشوب حرائق الغابات، بسبب ارتفاع درجات الحرارة عن معدلاتها الموسمية واشتداد سرعة الهواء.
تكثر في هذه المدة من السنة عمليات تنظيف الأراضي وشذب الأشجار وحرق الأعشاب اليابسة، ممّا يرفع احتمالية نشوب الحرائق. ويرى متري أنّ نسبة 99 في المئة من حرائق الأحراج مصدرها الإنسان، "عمداً أم من دون نيات تخريبية".
تبقى إدارة الأزمة "ضعيفة جداً"، إذ إنّ السلطات المسؤولة غائبة، في وقتٍ سُجّل أكثر من 160 حريقاً في الساعات الـ 48 الماضية. ففي قضاء صور وحده، اندلعت مجموعة حرائق في كلٍّ من قانا، الرمادية، رأس العين، حناويه، وادي جيلو، شمع، البياضة، القليلة، طيردبا، معركة، جناتا، طورا، أرزون، شحور، دردغيا، معروب، بافليه، الحميري، برج رحال، دير قانون.
"الدفاع المدني لا يستطيع التعامل مع هذا العدد وحده"، يقول متري، و"الأهالي يكافحون من دون خطة شاملة لإدارة الأزمة".