"لبنان ليس على طريق إلغاء الإعدام، بل سيلغي الإعدام قريبًا"، تقول الدكتورة أوغاريت يونان، مؤسّسة الحملة الوطنية لإلغاء عقوبة الإعدام في لبنان، و"الكليّة الجامعية للاعنف وحقوق الإنسان".
انطلقت الحملة في العام 1997، وخلال هذه السنوات كان لبنان قريباً من إلغاء عقوبة الإعدام أكثر من مرّة. يعود ذلك إلى "لوبي" أهلي وسياسي واجتماعي وفكري وثقافي وإعلامي. إلّا انّ هذا النضال اعترضته ظروف استثنائية، أبرزها الأزمات والاغتيالات، ما ضعّف مفعوله في الكثير من الأحيان.
قدّمت الحملة مشروعَ قانونٍ جديدٍ الى المجلس النيابي، وبدأت التشبيك قبل الانتخابات النيابية مع مرشحين من مختلف الكتل "لأنّ هذه القضية لا تتدخّل في مسار التيارات والتوجّهات الحزبية"، وتمّ التشاور مع وزارتي العدل والخارجية. ويصادف العاشر من تشرين الأول في كلّ عام اليوم العالميّ لإلغاء عقوبة الإعدام.
من التحركات المطالبة بالغاء عقوبة الاعدام.
"عليهم أن يتحمّلوا مسؤولية إلغاء فكرة حكم الموت لأنّ حكم الإعدام قتل، ونحن ضدّ القتل"، تقول يونان التي تواصلت مع وزارة الخارجية لأنّ هناك قراراً من الأمم المتحدة لتكريس تجميد تنفيذ أحكام الأعدام منذ العام 2008.
منذ سنتين، وفي التصويت الأخير في الأمم المتّحدة، ضغطت الحملة مع الخارجية وصوّت لبنان مع قرار إلغاء الإعدام لأوّل مرّة بعد أن كان يمتنع عن ذلك من قبل. "عوّدنا مجلس النواب على الموضوع، وقمنا باستفتاء كلّ النواب لتعبئة استمارة خطية حول رأيهم بالإعدام في استطلاعٍ رسميّ في العام 2001 وتبيّن أنّ 63 في المئة من النواب مع الإلغاء. وفي 2009 تبيّن أنّ 68 في المئة منهم مع الإلغاء، أي ثلثي المجلس النيابي".
تتواصل الحملة مع رجال الدين باعتبارهم "مواطنين في لبنان"، "ونحن لسنا مع مشاورة رجال الدين في كلّ الملفّات، فهم ليسوا أصحاب القرار، ونحن مع تغيير عادات أخذ رجال الدّين القرارات، نحن مع الدولة المدنية"، تردف يونان. كثر من رجال الدين مع إلغاء الإعدام، وبعضهم في الحملة أيضاً، ومنهم من يتظاهرون بدعمهم لإلغاء الإعدام.
تقوم الحملة حالياً بالتحضير تمهيداً للمشاركة في المؤتمر الدولي لمنظمة إلغاء الإعدام، والذي سيقام في العاصمة الألمانية برلين. الدكتورة أوغاريت هي اللبنانية الأولى التي شاركت في المؤتمر في نسخته الأولى عام 2001، والحملة عضو فيه منذ تأسيسه. يضع هذا المؤتمر لبنان ضمن الشبكة العالمية، ولديه فاعلية كبيرة، لأنّ المنظمة تضمّ مناضلين ووزراء عدل وحقوقيين ومحكومين بالإعدام تّم العفو عنهم. ساعد هذا المؤتمر (وهو جزء من هذه الشبكة) في تخفيض ورفع القضية لتكون أساسية في مختلف البلدان. كما وساعدت في إلغائه الكثير من الدول، واليوم هناك 144 دولة ألغت الإعدام.
وتضيف يونان: "يشارك وفدٌ من لبنان في مؤتمر برلين، يضمّ ممثلين من وزارة العدل ومجموعة من النواب، وجمعيات ومجموعات شبابية. وقد طلبنا حضوراً خاصّاً ومميزاً للبنان في المؤتمر، لدفعه وتحفيزه لإقرار قانون إلغاء الإعدام. نحن ذاهبون إلى المؤتمر لنعلن إلغاء الإعدام في لبنان".
من المؤتمرات الدولية.
ألغت معظم الدول الأفريقية الإعدام، "وهو مؤشّر مذهل لأنّها دول نامية تحكمها سيطرة خارجية"، بحسب يونان. يعود ذلك إلى الجهد الهائل من الشبكة العالمية، وألغيت عقوبة الإعدام في كافة الدول الأوروبية، وولاية تلو الأخرى تخطو نحو الإلغاء في الولايات المتحدة الأميركيّة. "أمّا العالم العربي، فدائماً "منستحي"، لأنّه، في الخريطة، الكتلة الوحيدة التي لا تضاء بالأخضر هي المنطقة العربية، أي أنّها لم تلغِ الإعدام بعد".
توجّه يونان أسئلة إلى أولئك الذين علّقوا المشانق في ساحات ثورة 17 تشرين، "جميعنا نشعر بالغضب تجاه الذين دمّروا البلد، لكن إذا قتلوا، أنواجههم بالقتل؟ كيف للبنان أن يكون حضارياً بثقافة المشنقة؟". فهي تطالب بتخلّي لبنان دولةً وشعباً عن عقليّة العنف، وأن تُقدَّم صورة جديدة للبنان بعيداً عن النمط القديم لوجه الموت. وتختم مؤسّسة الحملة الوطنية لإلغاء عقوبة الإعدام مشدّدةً على دور لبنان المميز في الشبكة العالمية منذ 2001، "على لبنان أن يصل إلى خاتمة سريعة وبنّاءة ليكون أوّل بلد عربي يقرّ إلغاء الإعدام".