في رصيد هشام حداد خبرة واسعة بتقديم البرامج، عزّزها بأكثر من 14 عاماً في مواجهة الكاميرا التي من شأنها أن ترفع من يقف أمامها أو تُحطّمه، والتي في كثير من الأحيان "لا تترك للإنسان صاحباً". من بدايات متواضعة إلى اليوم، سار الشاب الطموح حتى بات كلّ برنامج يُقدّمه يُسمّى باسمه، وضرب موعداً أسبوعياً في أجندات جمهوره الذي صار يُخصّص وقتاً "لحضور هشام حداد".
يصف نفسه بـ"الجرّافة" في حديثه عن ثقته بنفسه. لا يخاف الانتقال إلى أيّ بيئة عمل جديدة، ويتأقلم بسرعة مع المتغيّرات. في حديثه لرئيسة مجموعة "النهار" الإعلامية نايلة تويني ضمن "بودكاست مع نايلة"، يعود إلى طفولته: ولد قصير بشعر كثيف يلبس نظّارتين، تغمره أمّه بالحنان وتُمرّر له دروس الحياة. يطيب له أن يتذكّر تلك الفترة حتّى يُقيّم المسار الذي رسمه لنفسه، هو الذي "لم يمتلك الصفات التي تُعزّز ثقة الطفل بنفسه"، على حدّ تعبيره. هذا النقص في المقوّمات الذي من شأنه أن يُحطّم الطفل، صار العدوّ الأول لهشام إلى أن تغلّب عليه وتعلّم منه كيف يتدبّر أموره ويتغلّب على مطبّات الحياة. "كان صوتي أعلى من الأصوات الأخرى وأتكلّم أكثر من غيري"، يقول، "كنت أفرض وجودي أكثر من الآخرين... واليوم، أتذكّر تلك المرحلة وأستعين بها في مراحل عدّة".
بشخصيّة "الجرّافة"، انتقل هشام حداد من مجال إلى آخر، من نمط إلى آخر ومن مؤسّسة إلى أخرى، حتّى نقل برنامجه الأسبوعي إلى محطة "MTV" بنكهة جديدة، هو الذي "لا يحتمل المياه الراكدة"، على ما يؤكّد لـ"البودكاست". تُذكّره نايلة تويني بقوله إنّ "الإعلاميّ قد يُستبدل بلحظة"، وتسأله عن هذه "اللحظة" وخوفه منها فيُجيب نفياً من منطلق معادلة "استبدلتُ أُناساً وسيأتي آخرون ويستبدلونني"، سائلاً: "قدّيه بدّي عيش أنا؟ ثمّة مواهب جديدة ستأتي، وحين أبلغ الخمسين من عمري لن أبقى حيث أنا ولن أعود قادراً على تقديم ما أُقدّمه اليوم لأنّني عندها سأصبح سخيفاً وبعيداً عن الذكاء".
يرى هشام أنّ التنبّؤ بخطواته صعب ولا أحد يمكنه إيقافه في طريقه لتحقيق مبتغاه. يرفض الخطوط الحمر وينفي أن تكون أيّ مؤسّسة فرضتها عليه حتى الآن. ومن هذا المنطلق، تطرح نايلة وإيّاه فكرة تحوّل الجمهور إلى "لجنة تحكيم"، تنتظر حتّى يصدر خطأ عن الشخصيات المشهورة لتُؤنّبها وتحكم عليها وتجلدها. كما تُذكّره نايلة بـ"الخيط الرفيع" الذي يفصل بين الكوميديا والتنمّر في المحتوى الذي يُقدّمه، هو الذي يعترف بأنّه "زعّل البعض" وأخطأ وتحسّن وطوّر، والذي لا يندم على مسيرته عموماً "بل على تفاصيل صغيرة".
من جهة أخرى، وانطلاقاً من تجربته، يُكرّر حديثه عن الثقة بالنفس، جوهر مسيرته والعنصر الثابت والنصيحة التي يُقدّمها لكلّ من يريد تقديم الـ"stand-up comedy" ويمشي على خطاه، لأنّها "المفتاح لكلّ شي". هكذا تخطّى هشام الصعاب، متسلّحاً بحبّ الأهل والزوجة والأصدقاء، ومؤمناً بما يُقدّمه.
المنطقة وسط أجواء أو تفاعلات حربية مع هوكشتاين ومن دونه، لذا ليس في جعبته ما يعطيه للبنان، كما ليس لأي أحد ما يعطيه للفلسطينيين في هذه الظروف والمعطيات.