النهار

جريمة جديدة بحق الأطفال في المحيدثة... غموض وأسئلة
فؤاد بو غادر
المصدر: "النهار"
جريمة جديدة بحق الأطفال في المحيدثة... غموض وأسئلة
تعبيرية.
A+   A-
 
"حدثت حالات اغتصاب سابقاً بحق أطفال سوريين لكن تمّ التكتّم على الموضوع في البلدة"، يقول بلال (اسم مستعار) وهو من سكّان بلدة المحيدثة في البقاع الغربي. لم يكد يمرّ شهر على جريمة القاع حتّى ضجّت منطقة لبنانية أخرى بخبر اغتصاب جديد بحق عدد من الأطفال، قام بها الشاب "ت. ش.ف" (19 سنة) وأخوه القاصر (17 سنة). ووجدت على هاتف الأخير صورٌ توثّق عمليّات اغتصاب أطفال.
 
وبحسب معلومات متداولة بين الأهالي نقلها بعضهم الى "النهار"، فإنّ هناك طرفين مرتبطان بالجريمة، الأوّل "س.غ."، وهو يغتصب الأطفال ويُرسل الصور للأخوين عبر مجموعة مشتركة؛ والثاني "ك.ج." الذي يعاني اضطرابات سلوكية.
 
منذ فترة قصيرة، اغتصب الأخوان فتًى يرتبط بهما بصلة قرابة، وسرعان ما أفصح الفتى إلى والده عمّا تعرّض له. وعلمت المخابرات بالموضوع بعد أن اشتكى والده، وهو من خارج البلدة، على الأخوين.
 
"انتظر حتى ظهر الغد لأعطيك التفاصيل بحضور الشقيقين لأنّ هناك احتمالاً كبيراً لخروجهما في هذين اليومين"، هذا ما قاله أحد المحامين المتابعين لقضيّة الشقيقين لـ"النهار".
 
أنكر المحامي تسلّمه الملف إلى حدّ الآن، وأشار إلى احتمال توكيله في حال عدم خروجهما. وبعد الاتفاق معه على موعد، لم يجِب عن اتّصالاتنا، بعد أن كان هو نفسه قد تسلّم ملف الفتى القاصر في وقت توقيفه سابقاً، بحسب ما زعم أحد أهالي البلدة.
 
رئيس بلدية المحيدثة مروان شرّوف نفى أن يكون على دراية بأيّ موضوع، وأبدى دهشته لإلقاء مخابرات الجيش القبض على الأخوين يوم الثلثاء الماضي. وصف واقع العائلة بـ"الأكثر فقراً في البلدة"، لكن لم يكن هناك شبهات اغتصاب بحقّهما.
 
وبحسب شرّوف، فإنّ "مقربين من العائلة حاولوا التواصل مع فعالية لتسهيل خروج الشقيقين لكنّه رفض ذلك بشكل قاطع". تواصل شرّوف مع والدة الأخوين، التي لم تصدّق الموضوع حتى اليوم، وأعلمها بأنّهم سيأخذون الإجراءات القانونية بحقهما في حال ثبوت تورّطهما. والبلدية تستنكر الحادثة، وهي في صدد إصدار بيان بعد انتهاء التحقيق.
 
لا تزال الملابسات غير واضحة كلياً، والملاحظ أن الأطفال الضحايا باتت تتمّ معالجتهم بعد تلك الحوادث بالقليل من الجلسات النفسيّة غير الواضحة. وعبارة "الملف عند القضاء" هو الجواب الموحّد لدى المسؤولين عند سؤالهم عن مصير أيّ حادثة مرتبطة بهذا الموضوع.
 
تعيش المحيدثة حالة من الذّعر، خصوصاً أنّ هناك أشخاصاً يُستدعون للتحقيق، سواء أكانوا من المشتبه في مشاركتهم في الجريمة أو من أولئك الذين تعرّضوا للاغتصاب.
 
تعتبر رئيسة اتحاد حماية الأحداث في لبنان أميرة سكّر أنّ هناك مسؤولية تقع على الأهل الذين "ينغمسون في حلّ مشكلاتهم، ولا يعلّمون أولادهم كيف يكونون مواطنين صالحين". وتضيف أنّ الأطفال يكونون ضحيّة استغلال من "الوحوش البشرية" في ظل تردّي طاقة القوى الأمنية بسبب تفاقم الأزمات الاقتصادية، إذ تؤثر هذه الأزمة على مواكبتهم بالشكل المطلوب. "الكلّ مسؤول، ونحن ندعم كلّ الضحايا، وكلّ طفل بحاجة إلى دعم ومواكبة عبر مندوبي الاتحاد والطاقم الإداريّ المواكب لكافة التطوّرات التي تلمّ وتعصف بالأطفال".
 
وختمت سكّر بأن الأرقام السّاخنة لاتحاد حماية الأحداث جاهزة، وفق ما أولج القانون 422 للاتحاد بأن يكون على قدر المسؤوليّة والمتابعة.
 
"البلد مفتوح على المزيد من هذه الأحداث، خصوصاً أنّ ما يخرج إلى العلن جزء صغير"، تقول المستشارة الدولية في حماية الطفل زينة علّوش.
 
تعتبر الأخيرة أنّ اعتكاف القضاة عن التحرّك بشكل سريع وصحيح، يُشكل تشجيعاً للآخرين على ارتكاب ممارسات مشابهة. وفي ما يتعلّق بحادثة المحيدثة، استاءت علّوش من معالجة الإعلام للموضوع حيث يتمّ ربطه بالميول الجنسية، ولا يتمّ التفرقة بين المعتدين (فوق الـ18 سنة) والآخر (القاصر).
 
وأضافت علوش أنّ "الحساب القانونيّ يجب أن يكون بناءً على سلّم الأحكام البديلة التي تطَبّق على مَن هم دون سنّ الـ18، مع تدخّل من كافة الجهات للتدبير السّليم للحالة على عكس ما حدث في حادثة القاع"، إذ اتُّخذت أقوال الأطفال من دون وجود مندوبة حماية الأحداث التي يجب أن تحضر في أيّ تحقيق على المعتدَى عليهم.
 
وشدّدت على ضرورة تعميم التربية الجنسية، التي تُوجب وجود علاقة جيّدة مع الأهل، ليتمكّن الأطفال من الدفاع عن أنفسهم أو التعرّف على الاعتداء منذ أوّل ملامحه.  
 
الضبابيّة التي ترافق هذه القضية ما هي سوى دليل على سوء تعامل الجهات المعنيّة مع موضوع يتعلّق بأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في هذه البقعة. حادثة أطفال القاع الشهر الماضي وأطفال المحيدثة اليوم هي عيّنة صغيرة من الواقع المأسوي لأطفال ضحايا، إذا لم يُقرع ناقوس الخطر لواقع يدعو إلى القلق في بلدٍ تمرّ فيه هكذا حوادث مروراً عابراً!
إعلان

الأكثر قراءة

كتاب النهار 11/4/2024 12:32:00 AM
لا يقل انزال البترون أيضا في وصفه وطبيعته عن خرق فضائحي للسيادة واحتقار لها في قلب منطقة لبنانية نائية عن جبهة القتال

اقرأ في النهار Premium