في التعديلات التي أدخلتها فرنسا حديثاً على مناهجها، خصصت درساً في كتاب تاريخ وجغرافيا عن انفجار مرفأ بيروت المروّع في 4 آب 2020 لمناقشته ودراسته كحالة. وتعمل الجهات التربوية الفرنسية سنوياً على مواكبة أي تطور له أبعادا عالمية، فأدخلت سريعاً الانفجار في الكتاب، وهي تترك للتلميذ خيارات التفسير والاستنتاج. أما المدخل، فمتعلق أيضاً بدرس نيترات الامونيوم من ناحية خطورتها وأيضاً استخدامها وكيفية تخزينها بهدف التوعية، فيما تلامذة لبنان يدرسون في مناهج التاريخ والجغرافيا عبر التلقين والحفظ ما حدث في القرون الوسطى، ولا نستطيع حتى اطلاق السنة الدراسية. والاهم أن الدرس المتعلق بانفجار المرفأ يفتح في فقراته على استنتاجات وتحض على الدعم والمساعدة.
صفحات من الكتاب جرى تداول صورها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تعبّر بألم كيف هزّ انفجار المرفأ الذي دمّر العاصمة بيروت وشرّد أهلها وغيّر صورة لبنان، العالم، وهو الانفجار الثالث غير النووي الأقوى في العالم والاكثر تدميراً. أما المؤسف فإن الجهات التربوية في لبنان وحكوماته وطبقته السياسية الحاكمة كلهم لم يكترثوا لحجم الكارثة، حتى في التحقيقات التي دخلت زواريب السياسة، وحتى في فترات سابقة لم تسمح القوى السياسية والطائفية الحاكمة بإقرار منهج للتاريخ يسمح بفهم التلميذ لما حدث في لبنان من حرب وقتل واغتيالات وأخيراً انفجار المرفأ، وطريقة تحفز على التفكير النقدي والتقييم وتحديد الخيارات.
سيمر الكثير من الوقت وستتخرج أجيال كثيرة قبل حتى أن يُفكر عقل التربية في لبنان المعطل والطبقة السياسية أن يُدرج انفجار المرفأ في المناهج، ولا حتى تطوير المناهج وربط موادها التعليمية بتطورات العصر وبحياة التلامذة ومستقبلهم، ولا العمل على تعزيز مهارات التلامذة وتحفيزهم على التفكير لمواكبة ما يحدث في العالم.