النهار

الليرة عند أدنى مستوياتها التاريخية والقطاعات تستغيث... اعتصام طبّي أمام مصرف لبنان وتحذيرات من الارتطام الكبير (صور)
المصدر: "النهار"
الليرة عند أدنى مستوياتها التاريخية والقطاعات تستغيث... اعتصام طبّي أمام مصرف لبنان وتحذيرات من الارتطام الكبير (صور)
مشهد من الاعتصام الطبّي أمام مصرف لبنان (مارك فياض).
A+   A-
وسط  تداعيات الأزمة المتمادية في لبنان، وبعد أن تجاوز دولار السوق السوداء في التعاملات الصباحية اليوم عتبة الـ35 ألف ليرة لبنانية، وسجّل 35 ألفاً و100 ليرة لبنانية بيعاً للصراف، و35 ألفاً و200 ليرة شراء للدولار الواحد، تستغيث قطاعات المياه، والأفران، والطبابة والاستشفاء، في حين لا تزال أزمة الكهرباء مستمرّة بسبب توقّف معملَي دير عمار والزهراني.
 
 في الأثناء، نفّذ عدد من الأطباء اعتصاماً أمام مصرف لبنان في بيروت رفضاً لسياسات مصرف لبنان والمصارف بحق المودعين عموماً، والأطباء وعاملي القطاع الصحيّ والمستشفيات خصوصاً، فعمد المحتجّون إلى قطع الطريق.
 
المشهد بعدسة الزميل مارك فياض:
 
 
أبو شرف لـ"النهار": لسنا مع المصارف في مركب واحد وذاهبون نحو الارتطام الكبير
 
وفي السياق، أطلق نقيب الأطباء في لبنان الدكتور شرف أبو شرف صرخة عبر "النهار" للاهتمام أكثر بهذا القطاع، في ظلّ هجرة الأطباء التي لم تتوقف، إذ غادر حتى الآن من لبنان نحو 3000 طبيب، مبدياً أسفه لأنّ دول العالم تستفيد من مهاراتنا فيما السّلطة في لبنان لا تكترث لأبنائها.

وشدّد أبو شرف على أنّ الحملة اليوم هي على المصارف لا من أجل إفلاسها، بل لعدم تصنيفنا معاً في مركب واحد؛ فهم والسّلطة هرّبوا أموالنا، ولم يُحسنوا إدارة الدولة والمال العام، ويُريدون الآن إجبارنا على دفع ثمن سوء إدارتهم، وهذا أمر مرفوض.

وقال: "المشكل بإيجاز أنّنا اليوم لا نستطيع أن نقبض مستحقّاتنا بشكل كامل. يرفضون الشيكات، وإذا قُبلت يحسمون عمولة تصل إلى 40%، كما هناك عدم إمكانية لاستخدام البطاقة المصرفيّة؛ وإذا صادف أن قُبلت، يقتسمون عمولة معيّنة، فيما أموالنا محجوزة لديهم، ولا نستطيع التصرّف بها. هم اليوم يُجبروننا على الرّحيل، ونحن لا نُريد الرحيل. نُريد أن نبقى في لبنان، أن نعيش بكرامتنا".

أضاف: "ما يحصل غير قانونيّ وغير أخلاقيّ، وما نُعاني منه ينسحب أيضاً على كلّ المودعين في لبنان، والمنتسبين إلى المهن الحرّة. لذلك، إنّ تحرُّكنا اليوم على الصعيد الصحيّ والطبيّ والاستشفائيّ مدعوم من كلّ النقابات، في وجه المسؤول عن هذا الانهيار، وهم الدولة والبنك المركزي والمصارف. ما نطالب به اليوم تحديد المسؤوليّات ووضع خطة إنقاذ".

وأوضح أبو شرف لـ"النهار" بأنّ المستشفيات ستُعالج الحالات الاستثنائيّة والطارئة وحالات غسيل الكلى، إلا أنّها لن تُعالج الحالات التي يُمكنها الانتظار. وإذ حذّر من أن الصحة خطّ أحمر، نبّه أبو شرف إلى أنّه نتيجة الأزمة وسوء الإدارة بدأنا نفتقد في لبنان اختصاصات عدّة جعلت من لبنان مستشفى الشرق، وهذا بالتأكيد بدأ يؤثر سلباً على القطاع والخدمة الصحيّة. فهناك معدّات كثيرة باتت مفقودة، وهذا لم يحصل في تاريخ لبنان".

وأكد أنه "في حال لم يتمّ التجاوب مع مطالبنا، فنحن والنقابات الحرّة سنذهب إلى خطوات تصعيديّة، وإلى إضرابات واعتصامات".

وأبدى استغرابه لرفض السلطة السياسية خطة الرئيس حسان دياب الاقتصادية التي كانت واضحة، ووافق عليها البنك الدولي، معتبراً أن خطة التعافي الحالية تتضمّن بنوداً غير واضحة. لذا طالب بإشراكهم في وضع هذه الخطة، وأن يكونوا جزءاً منها لحماية ودائع الناس. وقال: "نريد أن نشارك لحماية ودائعنا. من واجب الدولة أصلاً أن تلتزم بحماية الودائع، التي نرفض أن تضيع بسبب فسادهم".

وحذّر أبو شرف من أنه في حال لم يأخذوا تحرّكاتنا على محمل الجدّ فإنّنا ذاهبون نحو الارتطام الكبير. واعتبر أنّ من أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم لا يُمكن له أن يستمرّ في السّلطة لأنه إنسان فاشل، وبالتالي، من المطلوب تشكيل حكومة مغايرة لهذه الحكومة، أو تطعيمها بشخصيّات نظيفة قادرة على وضع خطة إنقاذ حقيقيّة للبلد.
 
هذا، وأعلنت أغلبية مستشفيات الشمال إغلاق أبوابها اليوم الخميس وغداً الجمعة، حيث أُقفلت العيادات الخارجية، وتوقّفت العمليّات الجراحيّة وحالات الاستشفاء الباردة، واقتصر العمل على الحالات الطارئة فقط.
 
اعتصام لأصحاب الأفران أمام وزارة الاقتصاد

ونفذ أصحاب الأفران اعتصاماً أمام وزارة الاقتصاد للمطالبة بتأمين القمح للمطاحن، ووضع تسعيرة لربطة الخبز تناسب سعر الصرف.

نقيب أصحاب الأفران في لبنان علي إبراهيم جدد التأكيد لـ"النهار" أن ازمة الخبز سببها، عدم فتح الاعتمادات وسعر الدولار المرتفع.

وأشار إلى أنّ مبلغ الـ150 مليون دولار التي تحدث عنها وزير الاقتصاد تتطلب وجود مجلس نواب فعلي لإقرارها، وبالتالي المسألة لا تزال بعيدة. أما في ما يتعلق بالقرار الذي اتخذه مجلس الوزراء لدعم القمح الموجود، فهو لم يدخل حيز التنفيذ لأن الأمر يتطلب إيعازاً من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير المال إلى حاكم مصرف لبنان، وهذا ما لم يحصل حتى الساعة، ولا نعرف السبب. وأشار إلى أنه حاول التواصل مع وزير الاقتصاد منذ يومين لكنّ الأخير لا يجيب.

وأشار إبراهيم إلى ان القمح متوفر، لكنه يحتاج بشكل أساسي لتوفر الاعتمادات لدفع ثمنه، وإلا لا تستطيع المطاحن ان تقوم بطحنه. ولفت في السياق إلى ان أكبر مطاحن الجنوب التي تغذي منطقة الجنوب والضاحية أي مطحنة "سبلين" توقفت اليوم عن العمل ولم تسلّم الطحين للأفران، ما ينذر بأزمة كبيرة على هذا الصعيد إذا لم يتم تداركها من قبل المعنيين.

وحذر إبراهيم إلى أنه في ظل غياب الدعم واستمرار ارتفاع سعر صرف الدولار من دون أفق فإن ارتفاع سعر ربطة الخبز ايضاً لن يكون له أفق، لذلك يجب وضع حدّ لهذا الفلتان الحاصل.

وفي ظل الحديث عن تسعير ربطة الخبز بالدولار، حذر إبراهيم من أن "رفع الدعم عن القمح والذي يحتاج إلى قرار سياسي سيجبر المطاحن على طلب الدولار للاستمرار، وبالتالي لا احد يعلم ماذا ينتظرنا غدا".

وعن وجود بوادر حقيقية لانقطاع الخبز، قال إبراهيم: "الله لا يقدّر"، داعياً المسؤولين إلى وقف إطلاق الشعارات الكاذبة وإيجاد حلول للأزمة الراهنة سريعاً".

رئيس نقابة أصحاب المطاحن، أحمد حطيط، وفي حديث لـ"النهار"، يورد أنّ مجلس الوزراء، وفي حين اتّخذ قراراً بفتح اعتمادات لبواخر القمح الراسية، بـ 12 مليون دولار يوم الجمعة الفائت، لم يوقّع رئيس الحكومة على هذا القرار لغاية اليوم، ولم يحوّل الكتان إلى مصرف لبنان بعد ليسدّد الأخير المبلغ".

ويضيف حطيط: "لا نعرف مَن نحمّل مسؤولية هذا التأخير، وحتى الآن، لا جواب واضحاً بهذا الخصوص من وزير الاقتصاد، ولدى مراجعتنا مصرف لبنان، أكّد أنّه لا يمكنه تحويل المبلغ لتسديد ثمن القمح إلّا بكتاب رسمي من الحكومة، فيما أبدى المركزي استعداده لتحويل المبلغ مباشرةً في اليوم التالي لحصوله على الكتاب".

لذلك، وفق حطيط، "لم تحوّل أي مادة قمح من البواخر، وعدد من المطاحن مقفَل اليوم لنفاد القمح المدعوم لديها، وإذا لم تُحلّ هذه المشكلة نحن ذاهبون إلى أزمة خبز كبيرة".


متى تتوقف مؤسّسات المياه عن الضخّ والتوزيع؟
  
حذّرت مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان من خطر توقّف ضخّ #المياه بسبب ارتفاع سعر #المازوت وشحّه في الأسواق، بالإضافة إلى تأثير الفرق الكبير بين أرقام الميزانية وأسعار الصرف في السوق اليوم؛ فوفق معلومات "النهار" أنّ المؤسّسة العامة أعدّت ميزانيتها بناء على سعر الطن المتريّ للمازوت البالغ 400 دولار، حين كان سعر الصّرف نحو 18 ألف ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد، فيما بات سعر الطن اليوم 1100 دولار وسعر الصّرف تجاوز الـ35 ألفاً.

وبالرغم من أن مسؤولية تأمين الطاقة تقع على عاتق مؤسّسة الكهرباء، فإن الأخيرة باتت عاجزة عن القيام بدورها، ممّا يفرض على مؤسّسة المياه القيام بهذا الدور وإنتاج الكهرباء. ووفق ما أفاد المدير العام للمؤسّسة جان جبران لـ"النهار": "لا يُمكننا الاستمرار إذا لم تدعم الدولة سعر المازوت لمؤسّسات المياه، لكن لا يوجد تاريخ محدّد لإعلان التوقّف عن التوزيع. لكنّنا نُناشد الجمعيّات غير الحكوميّة لمساعدتنا على تأمين المازوت، بعد أن اقتصرت مساعداتها لمؤسّسات المياه على التصليحات الصّغيرة ولم تعد تدعمنا بشراء المازوت".

وشدّد جبران لـ"النهار" على أننا "أمام أزمة مياه جدّية. وإذا لم يتأمّن المازوت بالأسعار التي رصدناها فلا يمكننا أن نكمل"، لافتاً إلى أنّ "التعرفة لن تُرفع بعد، لأنّها لا يُمكن أن تحصل إلّا مرّة في السّنة".

وأشار جبران إلى أنّ "المازوت شحيح في البلد، فالباخرة لم تُفرغ حمولتها بعد، والمُنشآت تنتظر أوّل حزيران كي تتقاضى ثمنها"، مؤكّداً أنّ "مؤسّسات المياه لم تتوقّف عن شراء المازوت".

وأعلنت مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان الثلثاء أنّ "الشحّ الحاصل في مادة المازوت، والغلاء المطرد في الأسعار، والانقطاع المتمادي للتيار الكهربائي، عوامل أساسية تحدّ من قدرة محطات الضخّ على تأمين التغذية بالمياه. وقد بلغت الانعكاسات السلبية لذلك حدّها الأقصى بل إنّ الأمور تتّجه إلى المزيد من التأزّم".

وقالت إنّ "محطات الضخّ تعمل بقدرتها الدنيا علماً بأنّ أيّ عطل في مولّداتها يحتاج إلى تأمين مبالغ بالعملة الصّعبة، سواء لشراء قطع الغيار أم لتسديد فواتير التصليح. ومعلوم أنّ الأعطال في هذا المجال تتكرّر في وقت تفتقر المؤسّسة إلى العملة الصّعبة غير المتوافرة".

وأشارت المؤسسة إلى أنّها "ستضطرّ مكرهة إلى البدء باعتماد برنامج تقنين حادّ وقاسٍ، لا سيّما على المناطق الساحليّة التي تتغذّى بالمياه من محطّات الضخّ العاملة على المولّدات أو الكهرباء لدى توافرها. وتأمل المؤسّسة في تحسّن الأوضاع العامة، لأنّ استمرار الوضع على ما هو عليه قد يؤدّي إلى النفاد التامّ للقدرة على التغذية بالمياه إلى حدّ الانقطاع التام".

وأبدت المؤسسة "شديد الأسف للشلل الذي يتسلّل إليها بالرغم ممّا شهده مخزون المياه من تحسّن كبير في السنوات الأخيرة بفضل مواسم الأمطار الخيّرة، والمنشآت التي تمّ إنجازها، وتُوجّه نداءين: الأوّل إلى المواطنين لترشيد استهلاكهم للمياه، والثاني لأصحاب الإرادات الحسنة لمؤازرتها في هذه الأزمة التي استنزفت حتى الآن الموازنة المخصّصة لمادة الفيول، علماً بأن جهات مانحة كانت قد قدّمت دعماً مشكوراً في هذا المجال، إلّا أنّه لم يكن مستداماً فيما نحن على عتبة فصل الصيف الذي تزداد خلاله الحاجة إلى المياه".              
 
 

اقرأ في النهار Premium