لبنان على موعد غداً مع معركة انتخابية في نقابة المهندسين في بيروت، لاختيار 283 مندوباً، وذلك كخطوة أولى للمعركة الثانية التي حدد موعدها في 18 تموز المقبل، لانتخاب نقيب وأعضاء مجلس النقابة العشرة.
الأحزاب والمستقلون بدأوا منذ فترة التحضير للمعركة، درسوا أرضيتها والتحالفات التي قد تساعدهم في ربح المواجهة، لكن هذه المرة "المتاريس" المستخدمة لن تكون كتلك التي استخدموها في المعارك الماضية، فالتباعد السياسي بين حلفاء الأمس سيحولهم إلى خصوم هذه المرة، والأحزاب التي رفعت شعار الثورة من الصعب عليها أن تتوحد في انتخابات النقابة مع حلفائها السابقين الذين اتهمتهم بالفساد وإيصال البلد إلى ما هو عليه اليوم، أما المستقلون الذين يواجهون الأحزاب السياسية فتوحد جزء كبير منهم في الأمس من خلال اعلان خوض "النقابة تنتفض" و"جبهة المعارضة اللبنانية" انتخابات نقابة المهندسين معاً، لتعود وتسجل انسحابات، ما جعل الصورة ضبابية قبل ساعات من انطلاق الحدث "الكبير"، وبرزت أيضاً "المهندس أولاً- الثورة النقابية" على خط الترشيحات المستقلة والتي تحمّل "النقابة تنتفض" مسؤولية عدم توحيد المستقلين في الانتخابات.
وفي الموازاة، نشطت مفاوضات اللحظة الأخيرة لتبادل الأصوات بين المكونات الرئيسية المرشحة، وبرزت اتهامات متبادلة بوجود مرشحين حزبيين ضمن مجموعات مستقلة.
الاشتراكي... دعوة للتواضع وعدم تضخيم الأمور
التحالفات السياسية والتفاهمات لم تتضح صورتها، فحتى الساعة لا معالم واضحة للتحالفات السلطوية، وإن كان لبعضها ثوابت علنية، وبحسب ما قاله عضو مجلس نقابة المهندسين وأمين سر التقديمات في النقابة في الحزب التقدمي الاشتراكي فراس أبو دياب لـ"النهار" فإنه "الى حد الآن لا يوجد تحالفات". وشرح
"في المرحلة الأولى لن نشهد تحالفات واسعة، هذه الانتخابات عبارة عن موضوع تقني، لذلك يمكن أن نشهد تحالفات ثنائية بين نقابيين ليس أكثر"، معتبراً أن "عملية تضخيم الانتخابات وإعطائها هذا الطابع السياسي الواسع وكأنها ستغير وجه لبنان والمنطقة هو في غير مكانه، فكل شيء له حجمه في الحياة، وقد اتفهم إعطاء هذه الصورة إذا تعلق الأمر بانتخاب نقيب المهندسين، ولكن ليس على مستوى مندوبين وفروع"، داعياً الأحزاب وغيرها، كما قال، إلى التواضع وإعادة الموضوع إلى حجمه الطبيعي.
"القوات" لم يحاول التحالف مع أحد
كذلك حزب "القوات اللبنانية" لم يتحالف كما قال رئيس مصلحة المهندسين في الحزب بول معراوي مع أحد "لم نحاول ذلك". وعن توقعاتهم للنتائج وفرصهم في الربح قال: "نتوقع إما أن نربح بشرف أو أن نخسر بشرف". وعن مدى عكس هذه الانتخابات لتوجهات الناس في الشارع قال: "تحمل العديد من توجهات المواطنين كما تحمل دروساً للمرشحين للانتخابات النيابية، فانتخابات نقابة المهندسين ثاني أكبر انتخابات بعد الانتخابات النيابية". كما أعلنت مصلحة المهندسين في القوات اللبنانية في بيان انها غير معنية بلائحة ما يسمى بلائحة تحالف الأحزاب ولا بلائحة بقايا بعض الأحزاب التي تدّعي معاداة الأحزاب". مؤكدة أن "مهندسيها يخوضون انتخابات نقابة المهندسين في بيروت دون أي تحالف، ويجتمعون في لائحة واحدة مع زميلات وزملاء مستقلين ممن يشهد لهم بمناقبيتهم وخبرتهم النقابية ونجاحهم المهني، واضعين أيديهم بأيدي هؤلاء لضمان مستقبل النقابة والمهنة"، داعية "جميع الزملاء والرفاق إلى المشاركة الكثيفة والاقتراع للائحة "الخيار النقابي الصحيح" وتحكيم لغة العقل بعيداً عن الطروحات الغوغائية الخطرة والمشاريع السياسية المشبوهة و المقنعة".
"التيار الوطني"... "لمعركة مهنية"
المهندس شاكر نون مرشح الفرع الثاني بدعم من "التيار الوطني الحر"، يرى أن المعركة يجب أن تكون مهنية بامتياز ولمصلحة تطوير النقابة ومعالجة مشاكلها الكثيرة، وألا تدخل فيها الحسابات السياسية.
وأشار الى خلفية عمله مع المجتمع المدني لعقود، ليدلّل ألا تضاد مع المستقلين والناشطين في المجتمع المدني، و"هدفي من الترشح القيام بالإصلاحات المطلوبة وإعلاء مصلحة المهندسين على أي شيء آخر".
ومن المتوقع أن يتبادل "التيار الوطني" و"حزب الله" الأصوات ضمن حلفهما الثابت.
ويشير نون الى تجربة النقيب جاد تابت الذي وصل بدعم المستقلين وصوّر أنه المرشح حينها الخصم للأحزاب، ليدلل على تجربة "فيها الكثير من العيوب والمشاكل في الممارسة داخل النقابة".
محاولة تسلل الأحزاب إلى "المعارضة"؟
بعد توافق كل من ائتلاف "النقابة تنتفض" و"جبهة المعارضة اللبنانية "على التحالف الكامل ضمن لائحة النقابة تنتفض، استناداً الى مبادئ ثورة الشعب اللبناني في ١٧ تشرين ٢٠١٩، لمواجهة السلطة واغلاق أي أبواب من الممكن أن تتسلل منها لضرب وحدة قوى الاعتراض، عاد الائتلاف وشهد انسحابات. عن ذلك شرح المهندس المدني، مرشح عضو مجلس المندوبين عن الفرع الأول (النقابه تنتفض) رالف جرماني قائلاً: "دائما كان ولا يزال كل جهد وعمل ائتلاف (النقابة تنتفض) هو توحيد كل القوى الثورية والمعارضة لهزيمة أحزاب السلطة في النقابة وفق برنامج محدد وواضح، وبدأ العمل من أجل ذلك من سنة ونصف تقريباً". وأضاف: "النقابة تنتفض تضم مهندسات ومهندسين من كل المناطق والجامعات والأجيال، وفيها تنوع نقابي ومهني من كل اتجاهات الانتفاضة قادر على هزيمة أحزاب السلطة في النقابة. وفي الأيام الماضية قامت مجموعة (أنا القرار) المؤلفة من مهندسين ورجال أعمال وناشطين بالثورة بجهود توحيد اللوائح ... و (النقابة تنتفض) استجابت وعملت كل ما هو ممكن وقدمت التنازلات وسحبت عدداً كبيراً من المرشحين عن مجلس المندوبين لكي لا يكون هناك أي ثغرة تدخل منها أحزاب السلطة، لكن تفاجأنا أن المجموعة التي تسمي نفسها (مستقلون) عملت على تخريب أي جهد توحيدي خدمةً لأحزاب السلطة ، ومجموعة (أنا القرار) أصدرت بياناً مفصلاً اليوم يوضح كل ما حصل ويؤكد حرص (لنقابة تنتفض) على نجاح معركة هزيمة أحزاب السلطة بالنقابة".
لكن مصادر تحالف "المهندس أولاً- الثورة النقابية المستقلة"، تتهم "النقابة تنتفض" بضم مستقلين "مموهين وتابعين لأحزاب عقائدية وبسرقة الثورة".
وبانقضاء ليل الخميس، فشلت محاولات التقريب بين "النقابة تنتفض" وتحالف "المهندس أولاً- الثورة النقابية المستقلّة" الذي يضمّ "مهندسون مستقلّون"، و"لنا النقابة المستقلّة"، و"المجموعة المهنية - الخيار المهنيّ".
في الإطار، أصدر تحالف "المهندس أوّلاً" بيانًا يوم أمس، أعلن فيه تشكيل لائحة "المهندس أوّلًا- الثورة النقابية المستقلة"، على خلفية اعتباره بأن "الكارتل الحزبي" يهيمن على تجمع "النقابة تنتفض" وأنه "أجهض جميع الجهود والمفاوضات الهادفة إلى توحيد لوائح المعارضة عبر الإعلان نهار الثلاثاء 22 حزيران عن لوائح مقفلة ومعلبة وحصرية"، داعيًا التحالف "جميع المهندسين المستقلين فعلًا والطاقات المهنية والأكاديمية" إلى الإقتراع للّائحة.
وقالت المرشحة منى طرزي أن الهدف "تشكيل طرح تغييري داخل النقابة وتحريرها من الاستزلام وجعل النقابة مرجعية وطنية". ودانت تحويل النقابة الى "منبر للانتخابات النيابية وإرادات الأحزاب السياسية من قبل بعض المهندسين".