حسن دقو... الإسم الذي يتصدر اهتمام الصحافة، بعدما كان يعمل لسنوات خلف الأضواء في تجارة الممنوعات، بنى لنفسه امبراطورية، عاش حاكماً لمساحة واسعة من بلدته الطفيل ومن يسيطر عليهم، إلى أن وقع قبل أيام في قبضة شعبة المعلومات التي اوقفته في منزله في الرملة البيضاء، لتتسرب على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً له مع سياسيين، ما دفعهم إلى المسارعة للتبرؤ منه ومن معرفته، وتحجيم الأمر بلقطة عابرة.
المعلومات عن دقو متضاربة، ويبقى الأكيد الوحيد أنه امبراطور تجارة المخدرات في لبنان، حاول التغطية على "بيزنسيه" بمشاريع ومعامل وهمية... سنوات عاشها يتاجر بالموت، واليوم بعد أن وقع في مصيدة الأمن يتساءل كثيرون من هو ذلك الشخص الذي حظي من خلف الستار بسلطة، وكانت كلمته مسموعة عند المسؤولين، ليس لشخصه بل لملياراته التي جمعها من ضرب المجتمع اللبناني والعربي وربما الدولي بمخدراته.
من عامل باطون إلى عالم "الأعمال"
وعلى عكس ما اشيع عند توقيف دقو، من أنه سوري مجنس لبناني، أكد أحد وجهاء بلدة الطفيل أن دقو لبناني أباً عن جد، إلا أنه كان يحمل بطاقة قيد الدرس بسبب تقصير عائلته في تسجيل أبنائها، ويمكن التأكد من ذلك في دائرة الإحصاء، وقد تمكن من الحصول على الهوية قبل سنوات من دون أن نعلم بالتحديد فيما إن كان ذلك بواسطة مرسوم صادر عن مجلس الوزراء أو غير ذلك، نافياً كذلك ما أشيع من أن دقو ترعرع في عائلة فقيرة، حيث قال: "والده كان أكبر مهرب في الطفيل، يهرب الأدوات الكهربائية والخشب والحديد، ومع الحصار على سوريا استغل الوالد الفرصة وفتح محلات لبيع كل ما يخطر على البال، قسم كبير من سكان سوريا كانوا يقصدونه، وكانت زوجته ممسكة بالجانب المالي لعمله، مع العلم ان حسن عمل في نجارة الباطون لفترة، وبعدما توفي والده باعت والدته ارضاً كان يمتلكها في النبك السورية، ففتح ابنها معرضاً للسيارات بين دمشق والنبك أطلق عليه "مكتب الحسن"، ومن بعدها بدأ بالتجارة حيث فتح معمل تنظيفات، ومصنع امصال في الأردن".
دخول عالم المخدرات
وعن كيفية دخول دقو عالم المخدرات تحدث أحد معارفه لـ"النهار" حيث قال: "والد دقو فلاح، عمل في التهريب، وفي فترة من الفترات انتقل حسن الى سوريا حيث سكن في بلدة النبك، تزوج من سورية قبل ان يعود ويتزوج من محامية لبنانية، جيرانه كانوا يعملون في تجارة المخدرات انخرط معهم وانطلق في هذا المجال، وقد سجن في قضايا عدة في سوريا، منها قضية تشليح". وأضاف: "اضطر دقو الى نقل معمل تصنيع المخدرات بعد اندلاع الاحداث السورية، انتقل الى لبنان وفتح معملاً في الطفيل حيث استغل غياب الدولة هناك، الا انه اضطر الى اغلاقه بسبب الضغوطات التي فرضت عليه من قبل احد احزاب المنطقة ".
امبراطورية "الضلال"
بنى دقو امبراطورية "خداع وغش ورشاوى" حيث اعتمد على أمواله لتيسير تجارته، فرض سيطرته بالمال، وكان له علاقات مع بعض الجهات الأمنية اللبنانية، ويقال انه "مغطى من وزراء ونواب".
اللافت في بلدة الطفيل، كما قال مصدر أن "قصر دقو الفخم وسط أبنية تكاد تقوى على الصمود، وقد اشترى١٣ الف دونم في البلدة بحجة إقامة مصانع ومعامل اسمنت، أي مشاريع وهمية، وقد اقتلع كامل الأشجار فيها إضافة الى بقية الاشجار التي تعود لاراض مرهونه لمصرف لبنان، بواسطة اليات اشتراها بما يقارب الـ٣٠٠ الف دولار، فحصل نزاع بينه وبين الأهالي بسبب ذلك، ما أدى الى تشكيل لجنة لحله ضمت المفتي السابق بكري الرفاعي وممثلين عن "حزب الله" و"تيار المستقبل"، وفي احدى المرات ذبح ٢٠ خاروفاً عندما عقدت اللجنة اجتماعاً حضره حينها النائب إبراهيم الموسوي".
شراء الذمم
لم يقتصر اعتماد دقو على المال لشراء ذمم النافذين في لبنان وسوريا، بل امتد ذلك الى المخاتير والإعلاميين ورؤساء البلديات، وفي أحد الأنشطة دفع لاعلاميين مبلغاً من المال، وفِي إحدى المرات عرض رشوى على مراسل "النهار" من أجل الامتناع عن تغطية نشاط لخصومه، لكن المراسل أصرّ على القيام بمهمته رافضاً ما عرض عليه.
دقو كان على علاقة مع تاجر مخدرات كبير يدعى ع. أ، وقد برز اسمه منذ حوالي السنة، وما يلفت النظر كما قال احد العارفين "موكب السيارات الذي كان يرافقه، سواء بلوحاته الموحدة الأرقام او بزجاجها الداكن، واحياناً كثيرة كان يتجاوز الحواجز الأمنية من دون ان يتجرأ عناصر الامن على إيقافه".
هل توقيف دقو ضربة قاضية لامبراطوريته؟ أم أنه سيخرج من السجن أقوى مما دخله؟