النهار

"المينة" طائر "عدواني" في سماء لبنان... هل من داع للخوف؟
روان أسما
المصدر: "النهار"
"المينة" طائر "عدواني" في سماء لبنان... هل من داع للخوف؟
طائر المينة.
A+   A-
عدوّ جديد يستبيح الأجواء اللبنانية مسقطاً كل من يظهر أمامه بين قتيل وجريح، وكأنّما الطيران الحربي الإسرائيلي لا يكفي أجواءنا ليأتي طائر "المينة" وينافسه في الاحتلال الجويّ.
 
 
هو طائر هنديّ الجنسية، ترأس قائمة "التريندز" لبنانياً في الأيام السابقة، بعد أن أطلقت جمعيات بيئية صرخة تحذيرية إلى المعنيين لتوخّي الحذر مما قد يشكّله من خطر، ما لم تُتّخذ إجراءات صارمة بحقّه.
 
 
وصل المينة إلى لبنان كمهاجر، واستوطن في بعض المناطق. يتميّز بلونه البنيّ والأسود، وله بقعة صفراء حول العينين ومنقار وأرجل صفراء. هو طائر اجتماعيّ، يعيش في مجموعات، ويتكيّف بسهولة مع البيئات المختلفة، بما في ذلك المدن والمناطق الزراعية.
 
هل ينقل المينة أمراضاً أو أوبئة إلى البشر؟
 
طائر المينة لا يُشكّل عادةً خطراً كبيراً على الإنسان، لكن المعلوم أنه من الطيور الناقلة للأمراض، شأنه شأن طيور أخرى يمكن أن تنقل الأمراض إلى الإنسان. والمينة يقترب من المواشي والحيوانات البرية أكثر من طيور أخرى؛ لذا فهو معرّض لالتقاط عدّة أمراض من تلك الحيوانات البرية، وينقلها لاحقاً إلى البشر إذا دخل البيوت أو اقترب من السكان، وفق ما يقول الخبير البيئي روجيه سعد لـ"النهار".
 
 
ويضيف: "بالرغم من أن خطر نقل الأمراض من طيور المينة إلى البشر منخفض، فإنه ممكن. قد تحمل الطيور الطفيليّات مثل القمّل أو البراغيث، التي يمكن أن تنتقل إلى البشر. لذلك، إدارة وجوده بشكل مناسب ضرورة للحدّ من المشكلات المحتملة التي قد يسببها".
 
وعن قدرة المينة على الإخلال بالتوازن البيئي في لبنان، يشير سعد إلى أنّ "طيور المينة قد تتنافس مع الطيور المحليّة على الغذاء والمأوى، ممّا يمكن أن يؤدي إلى تراجع أعداد الطيور الأصلية وتغيير هيكلة المجتمع البيئيّ المحليّ، فباستطاعته "مهاجمة أعشاش الطيور الأخرى، سرق البيض، وقتل الفراخ، ممّا يؤثر سلبًا على تكاثر الطيور المحليّة. وبما أنّها تتغذى على الفواكه والبذور، فقد تؤثر على تكاثر النباتات المحلية وإحداث تغيير في تركيبة الغطاء النباتي".
 
 
لا منازع...
"المينة طيور مجرمة بحقّ الطيور الأخرى، تُظهر سلوكاً عدوانيّاً تجاه الطيور الأخرى، خاصةً أثناء مواسم التكاثر. يمكن أن تهاجم الطيور المحلية، تسرق أعشاشها، وتقتل الفراخ"، إضافة على أنّها "تتنافس مع الطيور الأخرى على الغذاء والمأوى. وبفضل قدرتها على التكيّف وسلوكها العدواني، ففي أغلب الأحيان، تكون قادرة على الفوز بهذه المنافسات، ممّا يقلّل من فرص الطيور المحلية في البقاء والتكاثر"، يقول سعد.
 
 
وتميل طيور المينة إلى "تشكيل مجموعات كبيرة، وتسيطر على المناطق التي تستوطنها، وهذا ما يجعل من الصعب على بقيّة الطيور العثور على مناطق مناسبة للتكاثر والعيش".
 
وعن سبب تكاثرها في لبنان، يلفت سعد إلى أنّ "المينة استُقطبت إلى لبنان في التسعينيات لغرض زيادة أعداد الطيور في سماء لبنان وبيروت خاصّة، مع فصائل أخرى من الطيور، إلّا أنّها الوحيدة التي تكاثرت بأعداد هائلة، وقضت نوعاً ما على الأنواع الأخرى من الطيور".
 
 
تتمركز المينة حالياً في بيروت، وعلى طول الساحل اللبناني، حيث لا تواجه الكثير من المفترسات الطبيعية التي تحدّ من أعدادها، ممّا يسمح لها بالتكاثر بشكل أكبر، إضافة إلى سلوكها العدواني وقدرتها الهائلة على التكيّف مع البيئات المختلفة. والقدرة على التعايش مع النشاط البشري والازدهار في البيئات الحضرية تجعل من السهل عليها الانتشار في المدن والقرى.
ووجود المينة في مناطق سكنية مكتظّة يصعب وضعها ضمن قائمة الطرائد تفادياً لأن يشكّل إطلاق الرصاص الطائش ومحاولة صيدها خطراً على السكان.
 
 
لا داعي للهلع!
يؤكّد سعد أنّ "لا داعي للهلع، فهذه قضيّة بيئيّة تخصّ الطيور، والغرض من التحذيرات هو تسليط الضوء على هذا الموضوع لإيجاد حلول، وليس لإثارة الرعب في نفوس السكان وصيده وانتشار الرصاص الطائش بين المنازل؛ فبعض الأشخاص يميلون إلى تربية المينة في المنازل، وهو طائر ودود للإنسان، ومن الممكن في بعض الأحيان أن يتكلّم ويقلّد الأصوات التي يسمعها".
 
ويناشد سعد "جميع الناشطين والخبراء والمعنيين التكاتف وتقديم الخدمات والخبرات اللازمة للقيام بالواجبات والقضاء على هذا الطائر للحدّ من خطورته على الثروة الحيوانية وتنوّع الطيور وأعدادها".
ويؤكّد أنّ الجمعيات "وضعت الأمر بين أيدي خبراء الطيور والبيئة، والفرق الكبيرة التي ستحاول القضاء أو الحدّ من أعداد هذه الطيور، التي وصلت هذا العام إلى الجبال، حيث تتنوّع أعداد الطيور وتتواجد بوفرة، ممّا يشكّل خطراً مضاعفاً على الثروة الحيوانية عند الطيور".
 
 
المينة ينتقل ويتكاثر بسرعة، من بيروت حتى الجبال شمالاً وجنوباً، بسبب قدرته على التكيف مع البيئة، وتوفر الغذاء، وقلّة المفترسات الطبيعية، وسلوكه العدواني، مما يتطلّب تحركاً فوريّاً من الجمعيات والمعنيين لتطبيق استراتيجيات إدارة فعّالة، للحدّ من تأثيرات تكاثر هذا الطائر وخطره على البيئة المحلية.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium