رغم الأزمة والصعاب، لا يزال اللبناني يبتكر ولا يستسلم. ليست المرة الأولى التي يسجّل فيها اللبنانيون إنجازات في عالم الابتكار والتكنولوجيا خارج لبنان. وفي الشركات الناشئة ومجال التكنولوجيا الغذائية، تشكّل الشركة الناشئة Matbakhi نموذجاً للمطابخ السحابية في العالم العربي.
مؤسّسا الشركة هم رائدا الأعمال اللبنانيان جو فرام ورودولف نجيم، من خلفية وخبرة واسعة في مجال التكنولوجيا الغذائية إذ شغلا مناصب عالية في شركات شهيرة من هذا النوع، وجمعهما الشغف في عالم المطاعم والمطابخ ولا سيما الافتراضية منها. لذا، فكّرا في تأسيس مشروعهما الخاص في تشرين الأول 2022، كشركة مطابخ سحابية للفنادق.
وبحكم أسفارهما العديدة وتنقّلهما في هذا القطاع وهذا المجال الواسع، لحظا مشكلة في الفنادق ذات الثلاث والأربع نجوم وأوجدا لها الحلّ. ففيما يتركّز عمل مطابخ الفنادق على الفترة الصباحية لتحضير الفطور – وهو ما يهمّ النزلاء بشكل أساسي – لا تستفيد الفنادق من هذه المطابخ طيلة الفترة الباقية من اليوم.
هنا، "يخسر المطبخ من الاستثمار الذي وضعه فهو لا يستفيد من إنتاجية قصوى من موظفي المطبخ ومعدّاته، ومن خلال مشروعنا، تتحوّل المطابخ في الفنادق من الكلفة إلى العائد"، كما يقول جو لـ"النهار". وهذا ما أكّده المسؤولون في الفنادق الذين تواصل معهم جو ورودولف. فلدى عرضهما المشروع حيث الحلّ لهذه المشكلة، "اقتنع القيّمون على الفنادق سريعاً وكذلك المستثمرون تحمّسوا للمشاركة في هذا المشروع، فهم وجدوا أيضاً خبرتنا الواسعة في هذا المجال"، يوضح جو.
فكّر الشابان في تطوير فكرة عدم حصر خدمة توصيل طعام الفنادق بنزلاء الفندق، خصوصاً بعدما كبر حجم قطاع خدمات التوصيل على نحو هائل، وهو في تزايد. وكان الهدف أيضاً من هذا المشروع، وفق رودولف، "جعل الأطباق التي يطهوها كبار الطهاة في الفنادق، في متناول جميع الناس دون حصر هذه التجربة بزيارة المطاعم الفاخرة"، إذ توفّر الشركة إمكانية الحصول على أطباق بمذاق هائل وبأسعار معقولة وقابلة لتوصيلها إلى أي مكان. وقد وسّعت هذه الفكرة من عدد المطاعم التي يمكن الطلب منها بدلاً من حصرها بمطعم أو مطعمين. وفي هذه الحال، يعمل الشيف لمطاعم عدة. فكلفة فتح مطعم حقيقي باهظة جداً، لذلك، كانت فكرة خلق علامة تجارية بين جو ورودولف وطهاة سعوديين محليين في الفنادق.
لكن لماذا اختار الثنائي اللبناني السوق السعودية لتأسيس هذا المشروع وليس الانطلاق من لبنان؟ يجيب جو: "نفخر بكوننا لبنانيين، وهو ما أعطانا الحافز المتواصل للتطوير". لكن مع التطلعات الكبيرة لقطاع الضيافة في المملكة العربية السعودية، لاحظ الشابان مدى نموّ السوق السعودية عموماً وهي سوق ضخمة، وقطاع المأكولات والمشروبات خصوصاً، و"قد لمسنا ترحيب المملكة بمشاريع عديدة من هذا النوع"، وفق جو. لذا، كان تأسيس الشركة في السعودية للانطلاق لاحقاً في الشرق الأوسط.
وقد جمعت الشركة التي تتّخذ من الرياض مقرّاً لها، 2.3 مليون دولار في جولة تمهيدية بقيادة شركة Bugshan Investment والعديد من المستثمرين. ومن جانبه، يؤكّد رودولف أنّه "ستكون هناك جولات استثمارية جديدة في هذا المشروع".
ومع وجود العديد من نماذج المطابخ السحابية، كان من المهم للغاية، بحسب جو، "تحديد النموذج الذي أردنا اعتماده لضمان بناء شركة مستدامة مالياً، وهو نموذج الـHotel Cloud Kitchen، الذي يسمح لنا بالتوسّع بسرعة وتقليل التحديات مثل العمالة والترخيص لبدء العمليات في كل موقع".
وقد طُوّرت العلامة التجارية وثُبّتت كاسم فريد. فمنذ بداية عام 2023، تعمل الشركة في 5 مواقع في الرياض مع 4 علامات تجارية. ويسعى الثنائي للوصول إلى حوالي 15 فندقاً بحلول أواخر العام الحالي، والوصول إلى جميع فنادق الرياض والانتقال إلى المنطقة الشرقية بعدها، مع زيادة محفظتها إلى 20 علامة تجارية. كما تهدف الشركة إلى أن تصبح مُربِحة بحلول الربع الأول من عام 2024 بفضل هذا التوسّع.
وفيما سيصبح عدد موظفي الشركة الناشئة 72 موظفاً في الأيام المقبلة، يؤكد جو "إنّنا نكبر بطريقه سريعة والأصداء والعائدات تفوق توقعاتنا".