النهار

زحلة مستباحة وأهلها تحت رحمة "قطّاع الطرق"... الأمن الذاتيّ هو الحلّ؟!
رنا حيدر
المصدر: "النهار"
زحلة مستباحة وأهلها تحت رحمة "قطّاع الطرق"... الأمن الذاتيّ هو الحلّ؟!
قوى أمنيّة. (النهار)
A+   A-
أثناء انتقال المواطن "فلان" على متن سيارته نوع... على طريق زحلة، اعترضت طريقه سيارة نوع... زجاج داكن، ترجّل منها أشخاص ملثّمون ومسلحون وأقدموا على خطفه...
العبارة نفسها تتردّد على مسامعنا حتى حفظناها عن ظهر قلب. سلب، خطف، فدية، سرقات، اعتداءات، نشل. هكذا باتت روزنامة المواطن الزحلاوي. في المقابل، لا أمن، لا دولة، سلاح متفلّت، "زعران وفالتة"، "قطاع طرق" على ما يقول الزحلاويون.
"لا يهابون دولة ولا عسكر، وهم غالباً معروفو الهوية والانتماء، هم على مرمى حجر من زحلة، يسكنون في مربعات لا تدخلها الدولة، مربعات محميّة بقوى الأمر الواقع، وبفائض قوة الدويلة على الدولة، وغنائمهم تُحفظ في ديارهم هناك، حتى يتمّ الإفراج عنها متى تحقّقت مطالبهم.
 
غياب الدولة عن حماية الناس ليس جديداً، فلو وجدت الدولة عام 1975 لما وقعت الحرب اللبنانية. وبعد الـ1990 ومن ثمّ في الـ 2005. وفيما كان يجب البدء بمسار بناء الدولة، حصل العكس، فرأينا الدولة تُدفن لصالح دويلات وأحزاب وتجمعات وعشائر وغرباء يتحكمّون برقاب البلاد والعباد. من هنا، بدأت تعلو أصوات "الزحالنة" لتحقيق الأمن الذاتي في هذا الظرف لتقطيع المرحلة بأقلّ الخسائر، خصوصاً أنّ حياة المواطنين باتت معرّضة للخطر، إذ يرافق عمليات النهب والنشل والسرقات عمليات طعن من دون معرفة السبب.
 
اسطفان
يؤكّد عضو تكتل "الجمهورية القويّة" النائب الياس اسطفان أنّ "العديد من الأفراد يطالبون بالأمن الذاتي، لكنّ تحقيقه أمر بعيد، لأننا كحزب لطالما طالبنا بسيادة الدولة على كلّ أراضيها.
 
ويلفت في حديث لـ"النهار" إلى أنّ "أسباب تفاقم هذه الظاهرة معروفة وعلنية، سببها الانهيار الحاصل من جهة، وتفلت السلاح المحمي من جهات معينة من جهة أخرى، الذي يسمح بزيادة نسب الجرائم. وأرى أنّ الحالة اليوم هي النتيجة الحتمية لوجود الدويلة في قلب الدولة، علماً أنّ جهات ومناطق السارقين معروفة لكنهم خارج إطار الشرعية مما يتيح لهم الفرصة بالتمعّن بالسرقات".
 
منذ شهر حتى الآن تقريباً، أي منذ بداية شهر شباط، وصل رقم عمليات السرقات في زحلة وحدها إلى ما لا يقلّ عن ستّ إلى سبع، منها نجحت ومنها فشلت، وفي الاطار يكشف اسطفان حادثة حصلت معه منذ نحو سنتين: "أوقَفَنا في زحلة شباب مسلّحون ومجهّزون وكان الهدف الخطف، لكننا تمكّنّا من الهروب بعد استدراك الوضع".
 
ويشير أيضاً إلى الخطر الذي يشكّله الوجود الكثيف للاجئين السوريين، "الذين يتغلغلون في زحلة بأعداد مخيفة وهم بمثابة قنبلة موقوتة". من هنا، يرى نائب "القوات" أنّ الحلول تتركّز على فرض هيبة الدولة، وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني.
 
ويضيف: "يبدأ الحلّ الحقيقي بأنّ تكفّ قوة سياسية معينة عن حماية الخارجين على القانون، لأنّ الوضع لم يعد يُحتمل بعد الآن، مستدركاً الوضع الاقتصادي والمالي الصعب للقوى الأمنية الشرعية، لكنّ الواقع يتطلّب جهوداً مضاعفة منهم وتحدّ لهم لحماية عائلاتهم وأبنائهم، لأنّ زحلة أصبحت منطقة "مستباحة".
 
زغيب
بدوره، رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب يؤكد لـ"النهار" أن الأمن الذاتي غير وارد و"ما منعرف مين ممكن يكون المسؤول عن هيدا الأمن"، مضيفاً: "ظاهرة السرقة موجودة من قبل الأزمة، لكنها تفاقمت مؤخراً بسبب الاوضاع الاقتصادية والمالية المتأزمة، لكن لا يمكننا توجيه أصابع الاتهام إلى أحد، و"نحنا منحمي حالنا والباقي على القوى الامنية."
 
ويلفت زغيب إلى أنّه "تم سابقاً طرح مسألة تطويع شباب من المنطقة للحراسة، ونحن كبلدية نزودهم بأدوات تواصل ليس بهدف التصدّي لأيّ هجوم، بل فقط من أجل المراقبة وإبلاغ شرطة البلدية عند أيّ حادث، لكن حتى الآن الأزمة المادية أخرّت هذه المبادرة، اذ أنّه من الصعب الطلب من المواطن العمل من دون راتب".
 
وبعد أنّ ضجّ خبر اختطاف الشاب ميشال مخول، يؤكد زغيب أنّ الإجراءات التي يجب اتخاذها ضمن نطاق زحلة ليست كافية فهي منطقة واسعة، ولا تملك البلدية العدد الكافي من الحراس لتغطية جميع مداخل المدينة، اذ يناهز عددهم الستين، مجدداً التأكيد أن الأزمة المالية تحول دون زيادة عدد الحراس.
 
المعلوف
وفي ما خصّ حادثة خطف الشاب ميشال مخول، يروي النائب السابق سيزار معلوف لـ"النهار" تفاصيل الحادثة، ويقول: "تم خطف ميشال بعد ظهر الاثنين الفائت عندما كان برفقة خطيبته، بعد ملاحقته على طريق النافعة من قبل جيب من طراز "شيروكي أسود". حاول حينها ميشال الهروب لكنهم أقفلوا عليه الطريق وترجّل أربعة شبان مسلحين، فأخذوا ميشال وخطيبته وسيارة المرسيدس" التي كان يقودها. ونزولا عند طلب ميشال، أفرجوا عن خطيبته في منطقة كسارة، التي اتصلت فوراً بشقيق ميشال، ومن ثمّ تمّ إبلاغ قائد الجيش ومدير المخابرات، وقسم مخابرات زحلة والبقاع وتحرّكت القوى الأمنية على الفور".
 
 
ويضيف المعلوف: "أثناء المطادرة، حصل إطلاق نار بين الجيش والخاطفين، الذين أفرجوا عن ميشال ظنّاً منهم أنّ تركه سينقذهم من تعقّب الجيش لهم، وقالوا لميشال، "فل إذا رجعت لعندن ما بقا بيلحقونا"، من ثمّ ترجّل ميشال وقصد منزلاً قريباً وتواصل مع المخابرات والجيش وتمّ إنقاذه".
 
المعلوف ردّ سبب التفلّت الأمني في زحلة إلى تقصير الدولة، مؤكداً أن هؤلاء معرفون وليست المرة الأولى التي يدخلون فيها إلى زحلة ويسرقون ويعتدون على أهلها.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium