عكست أمس الندوة الإقليمية في بيروت عن "المساواة بين الجنسين في المواطنة في الدول العربية: إنجازات وتحديات" التي دعت إليها منظمة المرأة العربية بمناسبة مرور عشرين عاماً على تأسيسها، والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، بدعم من برنامج " Womena" التابع للحكومة الألمانية بمشاركة 25 مشاركاً من 12 دولة، ضرورة تضافر التواصل الدائم بين المحاضرات لإكمال النضال من أجل التغيير البنّاء في الصور النمطية لدور المرأة تجاه نفسها وتجاه المحيط الذكوري وقياس التقدم الحاصل في الدول العربية في مناصرة قضايا المرأة، إضافة الى التحضير في اللقاءات المستقبلية لأوراق عمل متخصصة في قضايا عدة يتم متابعتها من خلال اتصالات مكثفة بين المحاضرين في مرحلة ما بعد المؤتمر.
وأكدت المديرة العامة للمنظمة العربية للمرأة الدكتورة فاديا كيوان لـ"النهار" أن الجلسات في المؤتمر تناولت 5 محاور أولها يعالج واقع المواطنة في المواثيق الدولية والدساتير، وثانيها يتناول المواطنة والتنشئة على الهوية في الدول المتعددة التركيب، يليه محور آخر عن المشاركة في الشأن السياسي، وصولاً إلى طرح المواطنة وقوانين الأحوال الشخصية، فالمواطنة وحق منح الجنسية.
"أوضاع المرأة متفاوتة جداً، ولكنها متحركة"، قالت كيوان لـ"النهار." وذكرت أن هناك "الكثير من الإنجازات قبل إدخال تعديلات، منها القانون الجديد للأسرة في المغرب الذي يعطي حق المساواة بين الزوجين بالنسبة للأطفال، إضافة الى تخطي مدونة سلوك قديمة في حقوق المرأة في تونس، ولاسيما في العلاقة الزوجية، من ناحية تأسيس صندوق النفقة لحماية النساء، ولاسيما المطلقات منهن".
ماذا عن لبنان؟ برأي كيوان"لبنان يعاني من تعدد في السلطات الشريعية في مجال الأسرة، لأن السلطات هي دينية وليست مدنية، وتالياً يتفرع الضغط الذي يمارسه المواطنون، من مدني إلى ضغط تمارسه كل طائفة على حدة"، مشيرة الى أن "المقاربة تختلف في حال اعتمد الطرح العلماني من خلال قانون مدني للأحوال الشخصية".
وتوقفت عند بعض الإنجازات في لبنان "التي تصب في رفع سن الحضانة عند كل من الطائفتين السنية والأرثوذكسية نسبياً، ولكن ليس هناك من تعديلات جوهرية على تشريعات الأحوال الشخصية ضمن القوانين".
في ما خص العراق، أكدت كيوان أن القانون مازال يضغط في اتجاه البقاء على بعض التشريعات المرعية الإجراء في مواقع الزواج والحضانة والطلاق.
وتوقفت عند ذكرى مرور 20 عاماً على تأسيس المنظمة، موضحة أنها استعادت الانتعاش في الأعوام الأخيرة، بعد أن تأثرت بفعل عدم استقرار الدول العربية تحت تأثير الربيع العربي، وقالت: "عادت المنظمة إلى نشاطها العلمي وإلى تبادل الخبرات وإنتاج المعرفة في خدمة الدول العربية".
وعما إذا كانت المنظمة تعاني من مشكلات في التمويل، قالت: "هذا أمر أكيد. نعاني من عجز في الموازنة العادية بسبب تخلف غالبية الدول عن سداد مستحقاتها". لكنها لفتت إلى أنه لدينا وفرة في الموازنة المخصصة للمشاريع والأنشطة لأن هذه الأخيرة تموّل من مداخيل شهادات إبداع ووقفيات فيها رغم أن الرواتب العادية للموظفين يجب أن تمول من الموازنة العادية"، مشيرة إلى أن هذا الأمر قيد المعالجة مع نفقات الدول وعودة الاستقرار إليها".
وأثنت على مشاركة لبنان في الأنشطة المتصلة بتمكين المرأة في المجالات الاقتصادية والسياسية وإعداد الكتب التربوية، وهو من أصل 6 دول، الذي يتابع موضوع تعديل هذه المناهج".
الهيئة
بدورها، عبّرت رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون لـ"النهار" عن أسفها الشديد لضعف مشاركة المرأة اللبنانية في السياسة، ولاسيما على مستوى اتخاذ القرار والنيابة والوزارة والمجالس البلدية، رغم زخم مشاركتها في المراكز العليا في القطاعات الحيوية". وأردفت أن "هذا لا يعود إلى العقلية الذكورية فقط بل إلى ثقافة مترسخة في التربية العائلية، علماً أن تغيير هذه الصورة النمطية يحتاج الى وقت مع واقع ملموس أن مشاعر المرأة لا تنجرف وراء مجتمع سياسي يغلب عليه العنف".
وربطت أيضاً انكفاء المرأة عن خوض معترك السياسة بأنه يرتبط بعدة عوامل أهمها غياب الدعم المالي والاستقلال الإقتصادي اللذين يعوقان خوض التجربة عند النساء، إضافة الى أن تراجع هذه الموارد يحول دون تبوؤ النساء مواقع القرار في السياسة.
وعددت جملة قوانين حققتها الهيئة وأبرزها "مساهمتها في اقتراح تعديلات على قانون العنف الأسري، وإصدار قانون التحرش الجنسي، إضافة إلى قرار قانون يسمح للمرأة المتزوجة بالترشح في قانون البلديات في بلدتها. وهذا تم بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني".
وأكدت المضي قدماً في وضع اللمسات الأخيرة على خطة العمل الوطنية للمرأة (2022-2030)، إضافة الى خطة العمل الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 عن المرأة والأمن والسلام في لبنان، مضيفة أن الهيئة أوضحت مهام كل خطة على حدة لتكون فاعلة وواضحة للجميع.
وأكدت عون أنها تمكنت من تفعيل دور الهيئة كمؤسسة قائمة بحد ذاتها من خلال تحديد مهام أعضائها وموظفيها في الهيكلية التنظيمية للهيئة، مع ما ترافق من تحديد سياسات واضحة لقضايا نسوية ملحة".
Twitter:@rosettefadel