وُثِّق ما يزيد عن 65 نوعاً من الأوركيد في كامل حدود محافظة عكّار تضمّ أنواعاً نادرة، بعضها يُكتشف في لبنان للمرة الأولى.
ومع التدهور الخطير الذي شهدته البيئة العكاريّة، إن من حيث التعدّيات، أو من حيث الأخطار التي تهدّدها عبر التغيّرات المناخيّة والأضرار المتطرّفة مثل الحرائق وانجراف التّربة وانجراف التربة، والتلوّث والتمدّد البشري في داخل المواطن البرية لكثير من الكائنات الحيّة والنباتات، والأوركيد والسحلبيات على رأسها، شكّل ذلك حافزاً لمزيد من البحث عن سُبل لحماية هذه النباتات، وفتح المجال لزراعة جديدة قد تفتح الآفاق أمام المزارعين.
المهندس الزراعي علي طالب، الذي يشغل حاليّاً منصب رئيس جمعيّة درب عكار، والمسؤول عن مختبر درب عكار للأبحاث البيئيّة، يعمل منذ سنوات على استنبات الأوركيد البرّي، للخروج من حالة العزف على وتر الحماية من دون إيجاد بدائل اقتصاديّة حقيقيّة للمجتمعات المحليّة.
يقول عليّ: "منذ بداية تخصّصي في كليّة الزراعة، وضعت زراعة الأوركيد البرّي نُصب عينيّ؛ ففرصة نجاحه في الطبيعة تكاد تكون شبه معدومة، خاصّة مع كلّ المتغيّرات الحاصلة والحرائق التي أفقدت عكّار ما يزيد عن 3000 هكتار من الغابات، أغلبها من غابات الصنوبر والسنديان، التي تُشكل مواطن أساسيّة للأوركيد البري، فقرّرت أن يكون بحث تخرّجي عن زراعة الأوركيد تحت عنوان: In vitro propagation of "Lebanese wild orchids"، وها نحن اليوم أمام أوّل دفعة من الأوركيد البرّي يتمّ إنتاجها في مختبر درب عكار للأبحاث البيئية، ممّا سيُشكّل بدايةً لرحلة نموّها خارج المختبر من أجل حماية التنوّع البيولوجي، عبر نشرها في الغابات المُحترقة، ثم استخراج السحلب الطبيعي منها.
وتُعتبر المادة النشويّة المستخرجة من درنات السّحلب أساسيّة في الكثير من الصناعة الغذائيّة والأكلات والوصفات التقليديّة، خاصة في تركيا، التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد من دول أخرى لتلبية احتياجاتها.
واليوم، فإنّ عكّار قادرة بسهولة على أن تصبح من المورّدين، نظراً إلى أن هذه النباتات تنمو ضمن بيئتها الأصلية في ظروف مثاليّة، وبالإمكان خلال سنوات قليلة أن يكون لدينا إنتاج كبير قابل للتّصدير أو حتى للتّصريف في السّوق المحلّيّة، لإعادة إحياء العديد من الوصفات التقليدية مثل البوظة وشراب السحلب لا بل حتى مغذّيات الأطفال.