بات من الواضح أنّ الأزمة الاقتصادية الراهنة التي طالت قطاعات الدولة كافة والتي أصبحت بمعظمها على شفير الانهيار، امتدّت لتشمل قطاع الاتّصالات الذي يعاني في الأشهر الأخيرة من تداعيات الأزمة، وسط مخاوف تهدّد استمراره في ظلّ إنهيار غير مسبوق للعملة الوطنية إلى متوسّط 90000 ليرة للدولار الواحد. فبعد قرار رفع سعر صيرفة إلى 45400 ليرة في شهر شباط، لصرف رواتب القطاع العام، عاد الحديث عن ضرورة التحرّك عاجلاً بين موظّفي ونقابة أوجيرو الذين انخفضت قيمة رواتبهم بنسبة 30 في المئة خلال شهرين فقط.
إلّا أنّ مصادر مطّلعة في هيئة أوجيرو أشارت إلى أن لا صحّة للمعلومات التي تُشاع في شأن توجّه موظفي النقابة إلى الإضراب في المدى المنظور، مؤكّدة أنّ النقاش مستمرّ بين وزير الاتّصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني القرم ومجلس الإدارة للنظر في المطالب المعيشية المحقّة للموظفين.
جاء هذا الكلام توضيحاً لما يتمّ تداوله حيال مطالبة الموظفين بعدم قبض رواتبهم اليوم، والضغط في اتّجاه اتّحاد النقابات والاتحاد العماليّ العام ونقابة موظفي الإدارة ونقابة أوجيرو لإعادة احتساب الرواتب لشهر شباط على سعر 38000 ليرة كخطوة عاجلة وأولية، كما كانت في شهر كانون الثاني، علماً أنّ قيمة رواتب القطاع العام انخفضت بنسبة 30 في المئة خلال شهرين فقط، بعد أن كان سعر صيرفة في شهر كانون الأول 32000، ثمّ 38000 في شهر كانون الثاني، حتى بلغ 45500 في شهر شباط. فانخفاض عملية قبض رواتب القطاع العام بنسبة 30 في المئة خلال شهرين فقط يهدّد بالوصول في الأشهر القادمة إلى تذويب قيمة الرواتب والزيادات التي أُقرّت أخيراً، وذلك إن لم يتمّ التحرّك والضغط على السلطة سريعاً.
ولا شكّ أنّ رفع سعر صيرفة من 38000 ليرة الشهر الماضي إلى 45400 هذا الشهر أدّى إلى تخفيض قيمة الراتب بنسبة 16.3 في المئة في شهر واحد؛ فالموظف الذي تقاضى راتباً بقيمة 200 دولار في الشهر الماضي بات راتبه يساوي 167 دولاراً أي خسارة 33 دولاراً، والذي تقاضى راتباً بقيمة 500 دولار بات راتبه يساوي 418 دولاراً أي خسارة 82 دولاراً؛ كما تشير المصادر الى مطالبة الموظفين ذوي الدخل المحدود وهم من المياومين، بالتوجّه إلى الإضراب لضمان حصولهم على مطالب معيشية بسيطة، وهي أساسية لكنّها غير مؤمّنة لهم، مثل بدل إجازة مدفوع ومساعدات مدرسية وغيرها من الحقوق الواجب تأمينها لكلّ موظف.
من جانبه، كان مجلس نقابة موظّفي ومستخدمي الشركات المشغّلة للقطاع الخليوي في لبنان قد طالب إدارتي شركتي الخليوي "ألفا" و"تاتش" باتّخاذ قرار فوريّ لإعطاء الموظفين رواتبهم بقيمتها الفعلية.
وقالت النقابة في بيان جاء فيه: "في ظلّ ما وصلت إليه الأمور من الناحية الاقتصادية وبعد القرارات المالية الأخيرة التي طالت كلّ المواطنين، وفي ظلّ انعدام القيمة الفعلية للرواتب نتيجة هذه القرارات، نطالب إدارتي الشركتين بالمبادرة الفورية إلى أخذ القرارات التي تعطي الموظف حقوقه كاملة والأجور بقيمتها الكاملة، بالإضافة إلى الإسراع في تنفيذ التعهّدات الموقّعة".
وختم البيان: "في ضوء النتائج المطلوب أن تكون الحلول سريعة، سيتخذ القرار المناسب ضمن الأطر القانونية والدستورية كافة".