احتفلت الطوائف المسيحيّة التي تتبع التقويم الغربيّ، اليوم، بأحد الشعانين، وأقيمت القداديس وزيّاحات الأطفال في مختلف الكنائس بحضور حشود المؤمنين والأطفال الذين غصّت بهم الكنائس في اليوم الذي قال لهم فيه يسوع "دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم".
في زغرتا، أقيمت زيّاحات الشعانين في كنائس البلدة، وخرج الكهنة مع المؤمنين إلى الشوارع المحيطة بالكنائس وباحاتها الخارجية هاتفين "هوشعنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب، شعنينة ابن داوود كيرياليسون".
وتبادل الأهالي التهاني آملين في أن تكون الشعنينة مباركة، وأن تتحسّن الأوضاع في لبنان.
وفي كنيسة مار يوسف، شارك النائب طوني فرنجية وعائلته، وشقيقه وعائلته كذلك، في قدّاس الشعانين وزيّاح الأطفال في باحة الكنيسة الخارجيّة.
وفي بشرّي، احتفل المؤمنون بأحد الشعانين وكانت الزيّاحات في الشوارع المحيطة بكنيستي السيدة ومار سابا. وقد رفعت سعف النخل والصلوات والتراتيل على نية الأطفال وأهاليهم وخلاص لبنان وشعبه.
ولم تتمكن كل الصعوبات التي يعيشها اللبنانيون من أن تخطف صلاة وفرح أحد الشعانين من على وجوه الأطفال الذين حملوا سعف النخيل وشموعهم المزيّنة بألوان الربيع وتوافدوا مع عائلاتهم إلى كنائس العديد من قرى وبلدات محافظة عكار، التي تتبّع التقويم الغربي (المارونية والكاثوليكية)، من عندقت إلى القبيات ومنجز ودير جنين والهد والتليل وحلبا ومنيارة والشيخ محمد والنفيسة وبقرزلا وسيسوق، والقريات وممنع ومنيارة وعدبل والشطاحة وبيت ملات.
وطافوا في زيّاحات ملأت الباحات الخارجية لهذه الكنائس، والشوارع المحيطة بها، حيث تردّد صدى الصلوات وعظات كهنتها، وتضرّع المصلون إلى الآتي باسم الرب لكي يخفّف من وطأة هذا الحمل الثقيل، ويستعيد لبنان وأهله جميعاً فرح إيمانهم وإنسانيتهم، وأن يتمكّنوا من العيش بثبات وكرامة.
وفي الكورة، احتفلت القرى والبلدات الكورانية التي تتبع التقويم الغربي بأحد الشعانين، وكانت زيّاحات وقداديس، ورفعت الصلوات على نية أطفال لبنان وخلاصهم من هذه المعاناة التي يعيشونها.
وفي بعلبك، حلّت الشعانين، وخرجت المدينة إلى لقاء "ملك المجد" بتطواف مشترك نظّمته رعيتا الروم الملكيّين الكاثوليك والموارنة، انطلق من أمام كنيسة القديستين بربارة وتقلا، وجال في شوارع المدينة وصولاً إلى كنيسة سيدة المعونات، بعد قداس مشترك ترأسه الأبوان شربل طراد ومروان معلوف.
ورفعت الأيدي الصغيرة الشموع المزيّنة، ولوّحت بأغصان الزيتون وسعف النخيل في كلّ من دير الأحمر، عيناتا، بشوات، مجدلون، رأس بعلبك، جديدة الفاكهة والقاع احتفاء بـ"الملك الداخل أورشليم على أتان"، وخرجوا في تطواف جال البلدات.
وكان راعي أبرشية دير الأحمر – بعلبك المارونية المطران حنا رحمة ترأس قداساً في كنيسة مار جورجيوس، عاونه فيه المونسيور بول كيروز، فدعا في عظته إلى الإلفة والمحبّة وتغليب منطق الخدمة العامّة بعيداً عن التسلّط والتفرد.
وفي البترون، ترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله قدّاس الشعانين في كاتدرائية مار إسطفان في البترون، وعاونه كهنة الرعية الخوري بيار صعب والخوري فرانسوا حرب، بحضور حشد من المؤمنين، وكان زياح للأطفال في الشارع المجاور للكنيسة.
وفي صيدا وضواحيها، احتفل أبناء الطائفة المسيحيّة التي تتبع التقويم الغربي بعيد الشعانين، وأقيمت القداديس والزيّاحات على وقع قرع الأجراس وحمل الشموع وأغصان الزيتون.
وترأس راعي أبرشية صيدا المارونية المطران مارون العمار قداس أحد الشعانين في كاتدرائية مار الياس الحي في صيدا، بحضور النائبة غادة عون وحشد من أبناء المدينة والجوار.
وبعد القداس، ألقى العمار عظة ركّز فيها على معاني العيد وأهميته، واعتبر أن "حادثة الاعتداء على المدافن المارونية في سهل الصباغ في حارة صيدا، كانت فعل شر، ولكن فعل الخير كان أقوى بكثير والذي تمثّل بحملة التضامن واستنكار ما حصل من قبل جميع الفاعليات قي صيدا والمنطقة".
الصور بعدسة الزميل أحمد منتش:
وحضّ العمار أبناء الكنيسة وخاصّة الشباب على "التمسّك بالعيش المشترك والبقاء في الأرض والإيمان بالرب لأن القيامة آتية لا محالة".
كما ترأس راعي أبرشية صيدا للروم الكاثوليك قداس العيد في كاتدرائية مار نقولا في صيدا وألقى عظة بالمناسبة.وفي السياق، شدّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي في عظة قدّاس أحد الشعانين على أن "السلطة هي خدمة، ولا يُمكن أن تكون تسلّطاً. والمسؤولون خدّام الناس للخير العام. فالسياسيّ الحقيقيّ خادم، وعندما لا يكون كذلك فهو سياسيّ سيّئ بل ليس سياسيًّا، لأنّ السياسة فنٌّ شريف لخدمة الخير العام".
وأضاف: "السياسيّ مدعوّ ليُدمّر في ذاته خطيئة الفساد والمصالح الخاصة والأنانية والمكاسب غير المشروعة والتعدّي على المال العام، وعليه أن يلتزم خدمة المحبّة والعدالة وخير المواطنين".
وتابع: "ليعلم السياسيّون، وعلى رأسهم نواب الأمّة، أنّ ضامن السياسة الصّالحة هو انتخاب رئيس جمهوريّة لكي تنتظم معه المؤسّسات الدستوريّة".
وأشار إلى أننا "نستعدّ مع السّادة النواب المسيحيّين لخلوة روحيّة لنستمع معاً إلى كلام الله في تأمُّلَين، ونُكرّس الباقي للصلاة والتأمل. وسنصلّي معاً من أجل لبنان وخلاصه من أزماته السياسية والاجتماعية والاقتصادية".
من جهته، أشار متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة إلى أن "البلد كلّه مُعطَّل. إداراتُه مُعطّلة، الموظفون مُضرِبون، مصالحُ الناسِ مُعطّلة، مليارات الليرات تُهدَر ونستجدي المعونة"، متسائلاً: "كيف لهم أنْ يعيشوا دون وَخزِ ضميرٍ وأنْ يناموا دون قلق؟".
(حسام شبارو)
وقال: "نحن بحاجة إلى قادة لا إلى زعماء. نحن بحاجة إلى مفكّرين رؤيَويين، إلى أصحاب قضية يدافعون عنها، لا إلى سياسيين يتسلّون بالحكم وبالشعب".
أمّا رئيس أساقفة أبرشية طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، فقال: "نأمل أن تكون شعانين لبنان فرصة حتى يتحرّك المسؤولون في الداخل ويقدموا على انتخاب رئيس للجمهورية لتستقيم الأحوال في الوطن الممزق. نعم إنّه ممزّق أمام أقصى أزمة يعرفها في عصره الحديث. لكن، فلنؤمن أن لبنان مهما مزّق وجرح وطعن فإنه يبقى وطن القديسين، وطن القيم الروحية والإنسانية. نصلّي لأن تكون شعانين لبنان فرصة للنظر بواقعية وجدّية إلى حاضر الوطن وغده. فغده لا يمكن أن يكون مثل ماضيه في الحوكمة السيئة المرتكزة على الفساد وسرقة أموال الناس وأتعابهم. نحن نرجو وطناً اختبر أبناؤه وتمرّسوا على المقاومة والصمود، وطناً ينهج الحوار ويترسّخ بالتعدّديّة مهما حاولوا تغيير هذا الواقع وتشويه هذه الفسيفساء. هناك محاولات تريد أن تحرم لبنان نعمة التعددية في الوحدة واللقاء لحوار الحياة وميزة العمق الروحي الذي يزين كل العائلات اللبنانية. إنها حقيقة راسخة في القلوب والعقول والاختبار اليومي، فلا يمكن أن تمحى بمحاولات هشّة".
صور القداديس والزيّاحات من مختلف المناطق:
أحد الشعانين بعدسة الزميل حسن عسل:
أحد الشعانين بعدسة الزميل حسام شبارو:
قداديس الشعانين عمّت الكنائس الكاثوليكيّة في الإمارات
في الإمارات العربيّة المتحدة، أحيت الكنائس الكاثوليكية قداديس الشعانين، بحضور كثيف في مختلف الرعايا، بعدما تزايدت أعداد الوافدين من مختلف الجاليات العربية، في العامين الفائتين.
في كنيسة القديس فرنسيس في دبي، ترأس الذبيحة الأب طانيوس جعجع الكبّوشي، وعاونه الخوري إدوار شالوحي، وخدمت القداس جوقة الرعيّة.
وركّز الأب جعجع في عظته على معاني العيد، وانطلق في كلامه عن الشعانين من حدث التجلّي، فاعتبر أنه لا يقف عند حدود الماضي إنما هو دعوة لإجراء التغيير فينا. وقد عبّر عنه بولس الرسول بهذا النداء: "أيها الإخوة، تغيّروا بتجديد أفكاركم، ولا تتشبّهوا بهذا العالم، بل ميّزوا أين هي مشيئة الله الصالحة والكاملة". وفي رسالته إلى أهل فيليبي وجّه دعوة أخرى إلى التغيير بقوله: "تخلّقوا بأخلاق المسيح، الذي أخلى ذاته، وأخذ مثال الخادم".
وقال: "بعكس ملوك الرومان، دخل المسيح أورشليم كملك سلام بلا جيوش أو سيوف، واستقبله الأطفال هاتفين: هوشعنا لابن داوود مبارك الآتي باسم الرب".
وفي ختام القداس، طاف كاهن الرعية مع الجمهور حاملين الشموع وأغصان الزيتون وسعف النخيل، هاتفين هوشعنا لملك السلام.
وكان الأب جعجع أحيا قداس الشعانين في كنيسة القديسة مريم في دبي.
قداديس في أبو ظبي والشارقة والإمارات الشمالية
وفي العاصمة الإماراتية أبو ظبي، أحيا الأب إيلي الهاشم الكبوشي القداس للجاليات العربية في كاتدرائية مار يوسف. وفي الشارقة ورأس الخيمة أحيا كاهن رعايا الشارقة والإمارات الشمالية الأب ماجد موسى قداديس الشعانين في كنيستي مار ميخائيل في الشارقة والقديس أنطونيوس البدواني في رأس الخيمة، وطاف الجمهور، يتقدّمهم الأطفال، حاملين الشموع وأغصان الزيتون.
إشارة إلى أن كنائس الإمارات تتبع لأبرشية النيابة الرسولية في جنوب شبه الجزيرة العربية، التي تضمّ الإمارات وسلطنة عمان واليمن، وهي ولاية إقليمية للكنيسة الكاثوليكية تتبع مباشرة للفاتيكان، ويرأسها المطران الإيطالي باولو مارتينيلي ومقرّه أبو ظبي.