صمدت مؤسسات عديدة بصعوبة بالغة في ظل الأزمة.
مقهى Agonsita، الأول من نوعه في لبنان ويضم طاقماً بكامله من ذوي الاحتياجات الخاصة، يهدف بشكل أساسي إلى إيصال رسالة سامية وإنسانية، كان من الأصعب عليه من بين المؤسسات أن يستمر في ظل الأزمة، خصوصاً وأنّه فتح في وقت قصير قبيل الأزمة، وبقرض شخصي، ولم تكن لديه أية أرباح أو مدّخرات.
في حديث لـ"النهار" يروي الدكتور وسيم الحاج، صاحب المقهى، رحلة صموده.
بعد تحركات 17 تشرين، تلاها انتشار كورونا في البلاد ومعها الإقفال التام، لم يكن لدى المقهى أي موارد مادية أو مدخرات، فكل مردوده كان يوظَّف في توسيع هذا المشروع.
وكان المقهى قد بدأ بتخصيص شاحنة مقهى جوّال للمشاركة في المناسبات والمهرجانات والتجوّل في المدارس والجامعات، إذ كان أحد الأهداف الأساسية في المشروع توظيف الأرباح في توسيع المشروع لتوظيف أشخاص جدد، وفق الحاج.
واضطرّ المالك إلى اقفال المقهى خلال فترة الإقفال التام في البلاد، ما زاد من الرواتب المتوجِّبة عليه. لجأ إلى منظمة بريطانية كانت حينها تقدّم التمويل للمؤسسات الصغيرة. وحصل الحاج على تمويل مكّنه من تغطية قرض المصرف الذي حصل عليه لتأسيس مشروعه، وكذلك تغطية الإيجار والرواتب وفواتير الكهرباء المتراكمة، للفترة الممتدة من تشرين الأول 2019 وحتى حزيران 2020.
عاود الحاج فتح المقهى في حزيران إلى أن وقع انفجار المرفأ في 4 آب، وتحطّمت الواجهة. لم يكن للحاج أي قدرة مالية على تصليح الدمار الذي حلّ بالمقهى "فنحن نسير يوماً بيوم"، يقول الحاج. لكن متابعي ومحبّي المقهى وزبائنه الأوفياء، جمّعوا المساعدات لتصليحه ومنهم أشخاص يسكنون خارج لبنان. وهذه المساعدات مكّنت الحاج من إعادة فتح المقهى في شهر أيلول. في هذه الفترة، كانت قيود انتشار كورونا قد خفّت كثيراً وانطلق المقهى مجدداً.
في العام 2021 تقدّم الحاج إلى برنامج يدعم الشركات الناشئة الصغيرة. استحصل بموجب البرنامج على مبلغ 10000 دولار مكنه من افتتاح فرع Agonsita الثاني في أحد المجمعات التجارية الكبرى في بيروت.
"لا أرباح في المقهى"، يؤكد الحاج، ولولا هذه البرامج، ودعمها المؤسسات الصغيرة، لما استمرّ المقهى. لكن عاملاً أساسياً آخر أبقى المقهى مفتوحاً في هذه الأزمة: الترابط العاطفي. ذلك، أن "هدف المقهى الإنساني هو الذي يدفعني إلى الإصرار على التمسّك به، ولا أستطيع التخلّي عن الشباب ولا عن المشروع، ولا هم كذلك، وهذا ما يدفعنا لأن نتحمّل ونصبر حتى يأتي الفرج"، هذا ما يعبّر عنه الحاج.
وعن الرواتب وتغيّر عدد الموظفين خلال الأزمة، يشرح الحاج أنّ "هناك تفاهماً مشتركاً بيني وبين الشباب والشابات، وهم متفهّمون للظروف الاستثنائية التي تمرّ بها البلاد، وهم واعون لضرورة دعم بعضنا البعض والتحمّل"، خصوصاً لمعرفتهم أنّه ليس لديهم أي فرصة للعمل في مكان آخر، وهو ما دفع الحاج إلى التمسّك أكثر بهذا المشروع. وبحسبه، "لو كان مشروعي مع أشخاص من غير ذوي الاحتياجات الخاصة، لكنت أقفلته في ظل هذه الأزمة، لكن ترابطنا العاطفي كبير".
كذلك، اضطرّ الحاج إلى التخفيف من عدد الموظفين من 12 شخصاً إلى 6 أشخاص، وهم الذين يسكنون في جوار المقهى الكائن في الزلقا، نظراً لارتفاع تكلفة التنقّل من جراء ارتفاع سعر البنزين في تلك الفترة، للتخفيف من أعباء تنقّلهم. لكن لدى فتح الفرع الثاني للمقهى، استقدم الحاج فريق العمل القديم الذي كانت له الأولوية في التوظيف في الفرع الجديد. وعاد المقهى ليعمل الآن بـ 12 موظفاً. وزادت رواتبهم لتتراوح الآن بين 8 إلى 10 ملايين ليرة شهرياً.
حالياً، يعمل الحاج على تحضير مشروعه لبيع ترخيص امتياز للمقهى، وخصوصاً إلى خارج لبنان لدعم مشروعه المحلي وتثبيته وتوسيعه أكثر لاستمرارية الشباب. إضافة إلى استعداده لمعاودة نشاط المقهى بشكل نقّال كالسابق، وتأمين تمويل لتأهيل شباب آخرين في مناطقهم البعيدة، بالتعاون مع موظفي المقهى، ليتمكّنوا من فتح مشاريعهم الخاصة في هذه المناطق.