نفّذ تجمّع نقابة الصّحافة البديلة تحرّكاً احتجاجيّاً صباح اليوم أمام قصر العدل في بيروت ضدّ استدعاء جهاز أمن الدّولة للإعلامي جان قصير من موقع "ميغافون" على إثر إشارة تحقيق صادرة عن مدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات.
الصّور بعدسة الزّميل نبيل إسماعيل.
واعتبر التجمّع أنّ "النّظامَ زاد وفاقم في الفترة الأخيرة، حملَته الممنهجة على حرية التعبير وعلى حرية الصحافة. فرأينا نقابةً تُعنى بحماية حقوق الناس، تقوم بالتضييق على حرية المحامين المدافعين عن هذه الحقوق، خاصة بالقضايا العامة مثل جريمة تفجير بيروت والجرائم المالية؛ ورأينا نقيبها لا يكتفي باستدعاء المحامين إلى التحقيق، بل يسعى أيضاً إلى تربية الإعلاميّين والتضييق على الحريات بقانون إعلام جديد".
وأضاف: "رأينا جهازاً أمنياً، رئيسُه مطلوبٌ إلى التحقيق بقضية 4 آب، يعترض طريق الزميل في منصة "ميغافون"، جان قصير ، بطريقة ميليشياوية ومخالفة لأبسط قواعد الاستدعاء، وبإشارة قضائية مخالفة للقانون صادرة عن مدّعٍ عام مطلوبٍ بدوره إلى التحقيق.. لماذا هذا الانتهاك؟ بسبب منشور يتحدث عن تهرّب رئيس هذا الجهاز الأمني والمدّعي العام نفسه من التحقيق، عنوانه: "لبنان يحكمه فارون من العدالة".
وتابع: "رأينا أيضاً، حزباً شارك بالحرب اللبنانية، يُقاضي مؤسسةً إعلامية بسبب تحقيق عن واحدة من الجرائم البيئية التي ارتُكبت خلال الحرب، والتي لا يشملها قانون العفو العام الذي أصدره زعماء الميليشيات عن جرائمهم بعد الحرب. ورأينا كيف أن هذا الاستدعاء حوّلته النيابة العامة إلى مكتبٍ مهامُه يجب أن تكون محصورة بالدعم الفني لكشف وملاحقة الجرائم الالكترونية، وليس للتحقيق مع الصحافيين والصحافيات على خلفية أقوالهم وكتاباتهم أو أفعالهم الصحافية".
وأشار إلى أنّه "من الواضح أنّ هذا النّظام الذي ينهار ويتداعى يتهوّر أكثر فأكثر، ليكمل حفلة ترهيبه ضدّ الصّحافة والمساحات التي تفضحه وتكشف يوميّاً عن انتهاكاته بحقّ حريّة التعبير وإجرامه وفساده. يظنّ النّظام أنّه بهذه الحملات سوف يخيفنا ويُعيد لبنان - أو ما بقي منه- لزمن الترهيب والقمع وإسكات الأصوات الحرّة. وتأتي هذه الانتهاكات لتكمل حلقة الانهيار، بمسعى للتستّر على الحقائق وحماية المطلوبين ولملاحقة الناس واصطيادهم بالشوارع و"على السكت".
وأكّد أنّ "هذه الحملات رفعت مستوى المواجهة مع نظام التفلّت من العقاب وأشخاصه ورموزه الذين يُمعنون بالوقاحة يوماً بعد يوم، لأنّه لا يكفيهم أنّهم هاربون من وجه العدالة بأكبر جرائم العصر الجنائيّة والماليّة، بل يتجرّأون اليوم على التّطاول على الأحرار الصامدين في هذا البلد، ويحاولون التأسيس لمرحلة سوداء جديدة من تاريخ لبنان".
وقال: "نحن هنا اليوم لتوجيه بعض الرسائل: أولاً، إخترنا الوقوف أمام قصر العدل، وليس أمام أيّ جهاز أمني يتدخّل بقمع الحريّات، لنذكّر القضاء أنّه سلطةً مستقلّة واجبُها حماية الحقّ العام وحقوق الناس والحريات العامة وتكريس ثقافة المحاسبة، ومكافحة نظام القمع والاعتداء على الحقوق والتفلّت من العقاب. ولنذكّر بعض القضاة أنّهم يجب أن يحرّكوا الضابطة العدلية لتوقيف المجرمين، وليس أن تحركهم الأجهزة الأمنية لقمع الحريات.
ثانياً، ننبّه جهاز أمن الدولة وسائر الأجهزة الأمنيّة بأنّ زمن "الدعوة لفنجان القهوة" و"فرك الأذن" و"تكسير الرأس" وتوجيه الرّسائل واعتراض السيّارات على الطريقة الميليشياوية والتّحقيق بالأقبية السوداء التي تفوح منها رائحة التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان، ولّى إلى غير رجعة، ولن نقبل أن تعيدونا إليه مهما كلّف الثمن. لستم أنتم من يلاحقنا بل نحن من يلاحقكم".
ثالثاً، نلفت نظر الهيئات الحقوقيّة المحليّة والدولية والمنظّمات والجهات المانحة للدولة اللبنانية التي من بين مبادئها حماية حقوق الإنسان، إلى حجم المخالفات التي ارتكبتها الجهات الموكلة تطبيق القانون في لبنان بالإضافة لتعرّضها لحريّة العمل الصحافي. ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر: مخالفة أبسط أصول التبيلغ وآلياته المكرسة بقانون أصول المحاكمات الجزائية، وتخطي الحصانة المكفولة بموجب قانون المطبوعات للصحافيّين بما يتعلق بأفعالهم الصحافية والجهة الصالحة للتحقيق معهم، كما مخالفة أصول تحرك النيابة العامة بقضايا القدح والذمّ من دون وجود ادّعاء شخصيّ من المتضرِّر باستثناء رئاسة الجمهورية.
رابعاً، بما أنّ نقابة المحرّرين التي من المفترض أن تكون صمّام الأمان لحماية الصحافيّين والصحافيّات وللدّفاع عن الحريّات، غائبة بصمت مريب لا بل بتواطئ مع النظام أمام الاستدعاءات الميليشياوية، فإنّنا ندعو الزّملاء والزميلات بالمجال الإعلامي للوقوف صفاً واحداً بوجه أيّ حملة قمع لإرهاب الصّوت الحرّ وإسكات الإعلام الذي ينقل صوت الناس ووجعهم بظل الانهيار الذي نعيشه".
وتابع: "ملتقانا التالي، هو يوم الخميس 6 نيسان الساعة 9:30 صباحاً، مع الزّملاء والزميلات في "مصدر عام"، بوجه مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية، سنواجههم لنؤكّد أنّ كل محاولات اسقاط حصانة الصحافة المكرّسة بالقانون بعدم المثول إلّا أمام القضاء المختصّ بالأعمال الصحافية، هي مرفوضة".
وختم: "لنتذكّر زملاءَنا وزميلاتِنا الذين خسروا جنى عمرهم والذين تهجّروا بحسرة والذين سقطوا ضحايا والذين قتلهم هذا النظام، لنتذكر أن صوتنا عالٍ وعالٍ جداً، ولنذكّرهم بأنّ زمن القمع والترهيب والتخويف والتهرب من العقاب قد ولّى، وحان زمن المحاسبة".