النهار

بالفيديو- "التوحّد" يسجن أمًّا وتوأمها في زنزانة "المحسوبيات"
المصدر: "النهار"
بالفيديو- "التوحّد" يسجن أمًّا وتوأمها في زنزانة "المحسوبيات"
صورة مموهة لطفلي غادة.
A+   A-
لم توفّر غادة طرق أي باب، علّه يفتح أمامها الأقفال الموصدة في وجهها. سعيها لم يتوقف، و"أمومتها" تدفعها إلى المضيّ في رحلة البحث عن خلاص لطفلتيها قبل فوات الأوان.
 
منذ نحو سبعة أشهر، اكتشفت أن توأمها "دعاء وياسمين" (4 سنوات) تعانيان من التوحّد، بعد تشخيص طبيّ جزم بضرورة خضوعهما للعلاج بإشراف اختصاصية لمتابعتهما، ليس فقط من حيث النطق، بل أيضاً حسّيّاً ونفسيّاً وحركيّاً.
 
"يئِست وسكّرت الدنيا بوجي". بهذه الجملة لخّصت غادة وضعها الذي يُشبه حال الكثير من الأهالي الذين يفتقدون إلى الإمكانيات المادية لتوفير العلاج لأطفالهم، في ظل مأزق الجمعيات الخيرية "المكبّلة" عن تقديم المساعدة للأهالي بسبب المشكلة بين وزارة الشؤون الاجتماعية ومصرف لبنان المتعلّقة بصرف المستحقات لها، والتي تجلّت أمس بالتحرك الاحتجاجي أمام "المركزي" في الحمرا.
 
من مظاهر الافراط الحركي لدى الفتاتين. 
 
لا يقتصر الأمر على عجز مؤسسات الدولة عن تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين، وفق ما أكدته الوالدة لـ"النهار". فبطاقة وزارة الشؤون التي حصلت عليها تحتاج لتفعيلها إلى"واسطة"، وفق ما همس في أذنها أحد موظفي الوزارة، الذي أعطاها "لبّ طريقة العمل"، حتى تتمكن طفلتاها من الحصول على علاج يجب البدء فيه اليوم قبل الأمس، لتُصاب بخيبة تعكسها بصوت حزين قائلة: "بس أنا ما بعرف حدا".
 
يتفاقم وضع الطفلتين صعوبةً، على الرغم من محاولة توفير جزء من العلاج بجهد شخصي، بالتعاون مع إحدى المدارس المختصّة بتلك الحالات التي قدمت لهما 8 جلسات متابعة مجاناً، لتحسّسها بضرورة خضوعهما للمتابعة في هذا العمر، تحسّباً لمضاعفات أكبر في حالتيهما.
 
"لا حول ولا قوّة" لغادة سوى الدعاء وسلوك كل الطرق التي قد تساعدها في تحصيل حق ابنتيها وانتزاعه من دولة عاجزة عن مساعدة عامة الشعب، ولكنها قادرة فقط على تلبية طلبات "المحسوبيات"، حتى في المرض وتوفير الدواء، لتعيش في دوامة "سجن" رسمي يحول دون قدرتها على تخطيه لأنها "غير مدعومة"، للحصول على "بطاقة مرور" للخروج من زنزانة المحسوبيات.
 
 
تجزم غادة بأنها لن تملَّ كما كل الأمّهات من أجل إيصال صوتهن المقهور، مشيرة إلى "أنه حتى الدواء الذي يُساعد طفلتيها على النوم والهدوء ليلاً، بعد رحلة الصراخ والتخريب نهاراً، مقطوع من لبنان وتعمل على تأمينه من الخارج لتتمكن من الحصول على قسط من الراحة، بعد يوم من المعاناة مع طفلتين تقومان بأعمال تخريب وتكسير مع صراخ متواصل داخل المنزل، فيما مكانهما يجب أن يكون في مراكز علاج يفترض أنها مُخصّصة من قبل الدولة لخدمة تلك الشريحة، لا تعجيزها في منحها أبسط الحقوق.
 
تنتظرغادة جواباً من الوزير المعني عن سؤال مشروع: "هل معالجة أي طفل مريض في هذا البلد ووضعه في مؤسسة أو جمعية بالغ الصعوبة ويحتاج إلى معجزة، إذا كان أهله لا يمتلكون القدرة المادية للقيام بذلك؟".
 
وناشدت "من يعنيهم الأمر لحظ حالة طفلتيها والإسراع في مساعدتهما لأنه بعد عام سيكون تجاوبهما مع العلاج أصعب".
 
من مظاهر الافراط الحركي لدى الفتاتين. 
 
تندرج هذه المعاناة ضمن إطار واقع مأسوي يُحاصر الجمعيات والمؤسسات الخيرية المهدّدة بالتوقف عن تقديم خدماتها في ظل تقاذف المسؤوليات بين مصرف لبنان ووزارة الشؤون، إذ أكد المركزي أنّه "يقف إلى جانب الجمعيات الخيرية ومطالبها المحقة، وسبق ووافق على منح 40 في المئة؜ من مستحقات الجمعيات الخيرية وحولت عن العام 2021 وبشكل نقدي، وأُبلغت وزارة الشؤون بذلك".
 
هذا الموقف استوجب الرد من وزارة الشؤون التي اعتبرت أن "ما أشير إليه في بيان مصرف لبنان كان في خانة المفاوضات وليس التأكيدات، والمطلوب تأكيد القرار رسمياً بإصدار التعاميم اللازمة لتنفيذه"، مشيرة إلى أن "هذا المطلب هو جزء من سلّة مطالب كدفع الرواتب الموطّنة في المصارف مباشرة من هذه الحوالات، وعدم تقييد حركة سحوبات هذه المؤسسات/ الجمعيّات بالـ fresh دولار التي تأتي عبر متبرّعين لمشاريع تخدم مختلف فئات المجتمع، وإقرار تسهيلات خاصة لهذه المؤسسات/ الجمعيّات تتعلّق بقيمة سقف السحوبات الشهرية باللولار".
 
من مظاهر الافراط الحركي لدى الفتاتين. 
 
وثيقة من الطبيب حول المرض. 
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium